"لكل دم رد دم، يساويه في القوة ويعاكسه في الاتجاه"، فالظلم الذي يجتاح العالم هو صورة واضحة عن الصراع السرمدي بين الحق والباطل، فالإنسان بطبيعته يمتلك نزعة الشر مقابل نزعة الخير، ولكن أيُّ منهما سيطغى على الآخر يبقى الفاصل فيما سيكون الإنسان شخص نافع او مضر في المجتمع.
ومع الظروف الصعبة التي يعيشها العالم والضغوطات التي يمر بها الانسان من الهتك والظلم والتجاوزات غير المشروعة من قبل الجهات المتسلطة والداعمة للشر، نستطيع ان نقول بأن الساكت عن الحق شيطان اخرس، والله سبحانه وتعالى نزّه الانسان عن جميع المخلوقات ورفع شأنه ليتنعم بحياة كريمة، اذن في هذه الحالة لم يُخلق البشر فقط من اجل المأكل والملبس، بل خُلق لينادي بالحق ويُزهق الباطل، وفكرة سكوت الناس عما يحصل الآن في العالم هو اكبر خطأ يقترفه الانسان بحق نفسه، لأن الاستسلام لهذا الوضع لا يدل الاّ على ضعف الايمان والتساوي مع المخلوقات الدنيا التي لا تفعل شيئاً سوى الأكل والنوم، وتنتظر نهاية حياتها الى ان يأتي الأقوى ويقضي عليها ويُنهي امرها بكل سهولة لأن نظام الطبيعة بكل احواله يمثل البقاء للأقوى.
وفكرة ان يقول الانسان انا لا أستطيع مقاومة قوى الشر في الوقت الحالي ولا أتمكن من الدفاع عن الحق لكوني بلا شك سأكون الطرف الخاسر لأنهم يمتلكون قدرات هائلة تفوق قدراتي، وانا أمثل اللا شيء امامهم، وسأحاول ان أدافع عن الحق بقلبي وادعو الله ان ينزل غضبه على أصحاب الباطل وينصر الحق بقوته.
في كل الأحوال هذه ليست الاّ حجج باطلة يخدع الانسان بها نفسه الضعيفة، لأن الأمة القوية تسعى لتحقيق الهدف بأقل الامكانيات والنفوس، والإنسان مهما كانت امكانياته وموقعه الاجتماعي، يستطيع التأثير في العالم ولو بعد حين، فثورة الحسين (ع) التي هزت البشرية تكونت من ٧٢ جندي مقابل ٣٥ ألف جندي مقاتل من معسكر يزيد كأقل تقدير، وتبقى هذه الأرقام غير قابلة للمقارنة من باب المنطق ابداً.
والامام الحسين كان يَعلم نتائج الثورة التي خرج بها، لكنه كان يعرف جيداً بأن مظلوميته هي التي ستكون عنواناً لنصره.
والنظرية التي تتبنى فكرة "ان تكون مظلوماُ فتنتصر" لا تتلاءم مع المنطق العام، ولكن الحسين (ع) تجاوز العموم وسحق المنطق، واثبت صحتها في ثورته الخالدة.
وفي كل الأحوال "الشمر الذي قتل الحسين قد مات، اذن يجب علينا ان نفكر في الشمر الذي لم يمت يعد، وقد شحذ سيفه وهو جاهز ليقتل ألف حسين وحسين".
فالسكوت لن يشتري الحق ابداً، والله يؤيدنا بنصره عندما يلزمنا الصراخ بوجه الظلم للخروج الى الشر شاهرين سيوف "إني احامي ابداً عن ديني".
فعندما نثور لوضع الناس في العالم بسبب ما يلاقونه من الظلم اغلبه يعود لمعتقداتهم الخاصة في حرية التعبير كما يحصل في بورما والبحرين والقطيف اضطهاداً للكلمة وسلباً للحرية، ويعتقد البعض بأن لا داعي لشن الكلمة ضد العنصرية والفساد وقتل الحرية ومنع الوحدة الوطنية، كأن الغاية من خلق الإنسان هو ان يأكل وينام ويكون بصحة جيدة، متناسين بأننا في هذه الحالة لن نختلف كثيراً عن الحيوانات!.
والأمة المنضبطة في كل حالتها هي الأمة القوية التي لا ترضى بحكم الظلم، فتجدها دائماً واقفة في طابور الاستعداد متلهفة لتبليط طريق الحق بدمها، وجاهزة دائماً ان تدفع كل ما لها وعليها من اجل كلمة الله، فالمشروع الديني والوطني يعد من اعظم المشاريع التي تستحق ان يضحي الانسان بماله ونفسه لتحقيق الغاية التي يؤمن بها، فالإيمان بالهدف هو الخطوة الأولى لإنجاح الثورة، امّا الخطوة الأعظم التي توضحها لنا مدرسة الحسين، هي وجود قائد قوي وشجاع يمتلك الصفات العظيمة التي تؤهله لقيادة المعسكر بحزم وارادة الى ان يتحقق تنفيذ المشروع.
ففي السنة الواحدة والستين هجرية اختار القائد الحسين بن علي (ع) طريق الموت لكي يبقى حياً الى الأبد... فبصيرة القائد يا سادة تمركزت في قوة الاختيار.
وما شهده التاريخ من فترة مظلمة تمثلت بخلافات مغتصبة ومقامة على أساس المصلحة الشخصية، كانت نتيجتها ولادة الحق، واستبصار التاريخ ثورة "كلا" التي رفعها القائد العظيم الحسين بن علي، والذي استطاع من خلالها صناعة المجد اللامحدود لأمته وللعالم اجمع، امتدت من سنة ٦١ هجرية الى يوم يبعثون!.
فمتى سنعيد المجد الذي خطه لنا قائدنا الحسين قبل ١٤٠٠ سنة؟، ومتى سنصرخ بوجه الظلم لتحقيق الغاية الإلهية؟، ومتى سنثور بوجه كل مرتد يحاول تمزيق وحدة الإسلام؟، هذه ال(متى) ستبقى تأكل بنيرانها في قلب كل انسان غيور على دينه وارضه الى ان تتطهر الأرض من دنس الظالمين.
اضافةتعليق
التعليقات