أحس عقيل بالعجز ازاء وضعه المالي وتدهور حالّ معيشته فهو يعمل عتالا على عجلته البسيطة (الستوتة)، كان يقف بها جانبا أمام المجمعات التجارية أو مخازن التجار، ينتظر المتبضعين حينما يبتاعوا بعض الحاجيات ليساعدهم بنقل الأغراض وايصالهم إلى وجهتهم، ولكن بعد فرض حظر التجوال القسري توقف عمله البسيط هذا، الأمر الذي جعله عاجزا أمام قسوة الحياة المضنية وخصوصا حينما يكون أبا لعائلة مكونة من خمسة أفراد.
إن الجائحة الوبائية لفيروس كورونا المستجد أدت إلى إثارة الذعر بين المواطنين وبالتحديد الكسبة من أصحاب الأعمال الحرة كما بات الأمر لا يقتصر على الجانب الصحي فحسب بل الاجتماعي والاقتصادي فأغلب تلك العوائل من الطبقة دون الوسطى التي تقتات معيشتها يوماً بيوم..
ونظرا لحالة عقيل وغيره من العوائل المتعففة انطلقت المرجعية العليا بالمساهمة بحملة التكافل الاجتماعي التي باشر بها أبناء العراق كافة، من ناشطين مدنيين ومؤسسات خيرية وغيرهم ممن يملكون القدرة على المساعدة.
وذلك من خلال القيام بتجهيز سلات غذائية وتوزيعها على العوائل المحتاجة.
رسالة إنسانية
أبو يوسف أثنى على هذه المبادرة ووصفها برسالة انسانية خطت بأيدي الكرماء.
حدثنا قائلا: بهذا الجانب لا يسعنى سوى تثمين هذا المجهود الذي سعت به المرجعية لحث المواطنين على التكافل فيما بينهم لما نمر به من أزمة وبائية أدت إلى تدهور الاقتصاد.
إلا إني ممتعض جدا من جانب آخر وهو التشهير بهذه المبادرة لبعضهم من خلال التصوير ونشرهم على مواقع التواصل مع العوائل حين استلام المساعدات الغذائية.
وأضاف: جميعنا نعلم أن الصدقة يجب أن تكون سرا لحفظ ماء الوجه والكرامة وقد كنت متمنيا أن لا يفسدوا عمل الخير الذي باشروا به لمد يد العون وتشويهه بهذه القسوة.
من جانبه قال علاء أبو الهيل: لكل عمل ايجابيات وسلبيات لهذا علينا أن نغض عن السلبيات التي اظهرتها تطبيقات العالم الافتراضي لبعض أصحاب النفوس الضعيفة بالسعي خلف الشهرة بأعمالهم الخيرية، وللنظر إلى الجانب المشرق لغيرهم ممن تطوعوا بحملات تعفير وخياطة كمامات وتوزيع سلات غذائية ليلا ونهارا بالخفاء وهناك من يستدل على العوائل المتعففة ليضع أمام بابهم سلة غذائية ليطرق الباب ويختبئ حفاظا على مشاعرهم.
ختم حديثه: أسأل الله أن تنتهي هذي الأيام العصيبة وتعود سلاسة حياتنا البسيطة التي كان يتذمر منها البعض من روتينها الملل.
أما الناشطة المدنية مثال القطيفي حدثتنا عن مساهمتها قائلة: تلبية لنداء المرجعية انطلقت بحملة تبرعات من خلال منصة الفيس بوك الخاصة بي وقد لاقت تفاعلا كبيرا واستطعت من خلالها استحصال الكثير من التبرعات وتوفير ألف سلة غذائية وتوزيعها على الأحياء الفقيرة في أطراف المدينة.
وأضافت: كانت بدايتنا عشوائية من حيث التوزيع وفيما بعد تكفل أحد المتطوعين بجدولة وترتيب آلية التوزيع من أجل المساواة بين العوائل وذلك من خلال تطبيق قاعدة البيانات لكل المستلمين وتدوين المستحقين ثم باشرنا بآلية أخرى وهي ختم البطاقة التموينية وكتابة تاريخ ويوم الاستلام ومتى يوم الاستحقاق ليكون التوزيع بشكل منظم وذلك من خلال مختار المحلة، كما شارك الكثير من المتطوعين في تجهيز السلات وتوزيعها من أبناء مدينتنا الحبيبة كربلاء.
وفي الختام كانت لنا هذه الوقفة مع الباحثة الاجتماعية ثورة مهدي الأموي قالت من خلالها: لا يخفى على الجميع أن أول محافظات العراق عملت بكفالة الأيتام كانت كربلاء وحتى قبل سقوط النظام السابق.
حيث كانت هنالك حملات رمضانية سرية لتوزيع المواد الغذائية على العوائل المتعففة في المدينة، وهذا يدل على أن مبدأ التكافل الاجتماعي موجود منذ سنوات وهو عائد إلى طبيعة الأهالي الذين يقطنون بها وتركيبتهم الاجتماعية إذ دأبوا منذ الأزل على تفقد الجار لجاره ولأرحامه، لإعانة المحتاجين منهم.
كما يدل ذلك أنما تعلمهم هذه المبادئ من قائد ثورتهم الأبية الامام الحسين واخيه العباس (عليهما السلام) لذا نرى مدينة كربلاء المقدسة كانت أولى المحافظات التي وزعت السلات الغذائية وغيرها، وهذا هو مبدأ التكافل الإجتماعي وأول من طبق توجيهات المرجعية الرشيدة دام ظلها، ثم حذت حذوها المحافظات الأخرى.
ولا ننسى مساهمة العتبتين المقدستين بهذا الجانب مساندة لأبناء مدينتها من أجل القضاء على وباء كورونا المستجد نسأل الله أن يحفظ الجميع وأن تنتهي عاقبة هذه المحنة على خير بفضل قدوم الشهر الفضيل إن شاء الله.
اضافةتعليق
التعليقات