من المهم أن لا نهدم جسر التواصل، بين السلف والخلف، الأجداد والأحفاد، هذا كل شيء، وغير مهم كيف يكون ذلك التواصل، فكل أسرة تحدد طريقة ونوع هذا التواصل سواءٌ أكان حبلٌ غليظٌ أو خيط رفيع، شلال متدفق بالاهتمام المتبادل أو قطرات تكاد تروي الحب لتبقيه حيا لا يموت، فالمهم يبقى الود يربطهم خارج حدود العزلة والقطيعة والأحقاد السامة، ويستمد قوته من فطنة العقول وتنفيذ أمر الله.
لا نريد أن نبالغ في الكلام ونبحر بالأوهام ونبتعد عن الواقع، فليس الجد والجدة دوما لهم صورة رومانسية مليئة بالحب الوارف والحنان أو رمز للقيم النبيلة والنضال أو معلمين يقتدي بهم، فقد تختلف الصور في عقول وذكريات الأحفاد، ولكن قبل الحكم عليهم علينا أن نعي جيدا أنهم بشر ويعيشون داخل اطار نعيشه نحن أيضا محصن أو شبه محصن بالعادات والموروثات، واحمال البلاد السيئة اثقلت كاهلهم، وقلوبهم مترعة بالحوادث والحروب.
وأن لا يغيب عن بالنا أو ننسى أنهم رمز التواصل الايجابي وهم يشكلون جذورنا وماضينا، ويشكلون صورة العلاقة المستقبلية لأحفادنا، الجد والجدة هم الأعزاء الذين علينا أن نحافظ على ودنا وتواصلنا معهم لنضمن استمرارية حياة صحية مع أبنائنا.
الظروف المادية والنفسية تحدد كيف تكون علاقتنا معهم هل يسكنون معنا أم مع أخوالنا أو أعمامنا أو لوحدهم ليس المهم كيف، المهم ننظر لهم وكأنهم كنز ثمين ولا ندع روح العصر وظروف المعيشة ومستنقع المادة حجة لنفرط بهم.
كي لا توخزنا الذكريات، وتأكلنا الأيام ونحن متخمين بالكدر والأحقاد والتأنيب يحفر بذاكرتنا كنقار الخشب وينام العتب بين تجاعيد وجوهنا.
من يعترف بأهمية الأسرة لا يعلن الجفاء لمؤسسيها ومن كان انسانا سويا وكانت هناك لمحة مضيئة في قلبه لا يرفع سكين الهجر ويقطع صلة الرحم أو يشوّه هذه القيمة النبيلة بدواعٍ نفسية غربلتها الأيام وقضمها الماضي أو أسباب مادية تجعلنا فقراء للتسامح والعطاء.
إذا استطعنا أن ننأى بأنفسنا من الاتهام التقليدي الخاطئ الذي يضع من الأهل والأجداد شماعة لفشلنا ستنفتح أزاهير العطاء وتورد شرايين الحب، وتجعل قلوبنا قبل بيوتنا دافئة بضحكتهم ورضاهم علينا، فـ (كما تفعل تجازى).
اضافةتعليق
التعليقات