إنجاب طفل هو من الوظائف الطبيعية التي تقوم بها الأنثى بشكل تلقائي إلا في حالة وجود خلل هرموني أو عقم يحتم عليها احتساب أمرها لله والصبر على ما قدره الله لها لحكمة لا يعلمها إلا هو, إنجاب طفل رغم مرارة وصعوبة فترة الحمل والولادة التي تمر بها الأنثى ولا يحس بآلامها إلا من جرب تلك الآلام هو لا يعني أن الأم أصبحت أماً بمعنى الكلمة.
المعنى هنا ليس في الإنجاب فالمعنى في ممارسة الأمومة بكل حذافيرها وليس فقط الإنجاب والإحتفال مع الأقارب وسد أفواه الحاقدين لا فليس لهذا صلة بمفهوم الأمومة, فهي قبل أن تكون إنجاباً هي صفة وليست كل أم تستحق هذه الصفة, فحتى تصبحي أماً يجب أن تتحملي مسؤوليتكِ في الإنجاب يعني أن لا تقرري الإنجاب فقط لأن كل النساء تنجب, أو لإسكات أفواه الأقارب والأصدقاء, عزيزتي فلا أحد له الحق في قراركِ سواكِ أنتِ وزوجكِ فقط, لذلك إذا أحسستِ بأنكِ غير مؤهلة للإنجاب فلا تقدمي عليه حتى تستعدي لهذه المسؤولية العظيمة, فعبارة "الجنة تحت أقدام الأمهات" لم تذكر لفراغ, بل هي تدل على عظمة ومكانة الأم المهمة في تربية الأجيال.
فأن تكوني أم معناه أن تسهري والكل نائم لأن ابنكِ لم يستطع النوم بسبب حمى عصفت بجسمه النحيل وأردته جسداً ضعيفاً, معناه أن تنهضي في الصباح الباكر والكل مال زال يغط في نوم عميق حتى تحضرين لهم وجبة الفطور بعدها توقظينهم بكل هدوء, أن ينهش المرض جسدكِ بأكمله لكنه لن يمنعكِ من الإعتناء بأبنائكِ لأن بالكِ لا يهنأ حتى ترينهم مرتاحي البال, أن تتحملي صفعات الحياة مهما عصفت بكِ في سبيل توفير جو مريح لأبنائكِ حتى لا يحتاجون شيئاً ولا يمدوا أيديهم لإنسان كائن من كان.
فالأم فقط هي من تستطيع أن تقطع أشلاء من جسدها وتعطيها لفلذات كبدها, هي فقط من تستطيع أن تضحي حتى بحياتها إن تطلب الأمر ذلك في سبيل حياة أبنائها, هي الوحيدة في العالم التي لا تقطع الوصل بك مهما أخذتك مشاغل الدنيا عنها تظل تسأل عنك وعن أحوالك في كل يوم, هل أكلت؟ هل نمت جيداً؟ هي التي تخاف عليك ويؤلمها حالك عندما تراك مكتئباً فتتمنى لو استطاعت أن تأخذ حزنك عنك فقط من أجل أن تراك مرتاحاً.
حقاً وأبصم لك بالعشرة أنك لن تجد شخصاً يهتم لأمرك كاهتمام أمك لا أحد حتى وإن ادعى ذلك, أنا لا أتحدث عن الأم البيولوجية التي تلد فقط ولا تأبه لما سيأتي من بعد حتى إنها يمكن أن تتخلى عن أبنائها في أول اختبار عصيب لها, بل عن الأم المكافحة والتي تضحي بالغالي والنفيس من أجل أبنائها وتتحمل ما لا تستطيع الجبال تحمله فقط من أجل أبنائها.
فالأمومة هي التجسيد الحي للحب اللامشروط الذي قلما نجده في علاقات أخرى, فمن كانت له أم تحمل هذه الصفات بمعنى الكلمة فلا يفرط فيها ولا يستهن بها, وليمتنّ لوجودها في حياته.
فلتلك الصبورة التي رأت من الحياة ما رأت وظلت على كبريائها تقاوم ولم تتنازل عن تضحياتها لكِ مني كل الحب والإحترام.
اضافةتعليق
التعليقات