نزل من سيارته الفارهة بخطوات متثاقلة... اتجه نحوك.. اعاد ترتيب ربطة عنقه بخجل قبل ان يسألك، هل تستطيع مساعدتي؟ احتاج خمسة الاف دينار!.
لنتخيل معا المشهد السابق ترى ماذا سيكون موقفنا أو ما هي ردة فعلنا اتجاه هذا السائل، ستعدد الاجابات طبعا وتختلف باختلاف الاشخاص وافكارهم وبيئاتهم ومعتقداتهم وربما درجة إيمانهم.
فالبعض سيتساءل هل من الممكن ان يكون ذاك السائل محتاجا؟ أنا نفسي لا املك سيارة كسيارته ولا بدلة رسمية كبدلته.... لِم يستعطي لِم يطلب هذا المبلغ الزهيد... والأهم من ذلك هل علي ان اعطيه سؤله؟.
وبين خلجات النفس ومشاعرها المضطربة يلوح في كتب الأخبار حديث يستدعي التأمل، فقد روي فيما روي عن ابي جعفر (عليه السلام): أعط السائل ولو كان على ظهر فرس.
وأردفه بحديث اخر حين قال عليه السلام: لو يعلم المعطي ما في العطية ما رد أحد أحدا!.
فالبنيان المرصوص الذي وصفه نبي الرحمة صلى الله عليه واله لن يبنى على اساس قوي ما لم يتعاضد افراده من كبير وصغير وغني وفقير.. بل سيتزلزل ويتهاوى عند اقل ضربة.
وبعيدا عن النظريات المشحونة بفوبيا الاملاق وشبح الفقر الصادرة من طيات النفوس الامارة بالسوء، نورد هنا بعض ما سنجنيه من العطاء والبذل للمساكين وذوي الفاقة ولعل ابرزها:
1) الدعاء المستجاب والذي يعتبر هدفا بعيد المنال للبعض ممن اشربت قلوبهم باليأس بعد سنين من عدم استجابة نجواهم وبثهم. وهذا ما يؤكده حديث: دعوة السائل الفقير لا ترد.
فسلم الكمال قد يرتقى درجة درجة حيناً وقد تطوى الدرجات لثلة ممن امتحن الله قلوبهم للتقوى حينا آخر، ومن بعض هذه الامتحانات الإلهية أن يبعث سبحانه وتعالى سائلا يختبر الناس في النعم التي يتمتعون بها، فعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان فيما ناجى الله عزّ وجلّ به موسى (عليه السلام) قال: ياموسى، أكرم السائل ببذل يسير أو برد جميل لأنه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ملائكة من ملائكة الرحمن يبلونك فيما خولتك، ويسألونك عما نولتك، فانظر كيف أنت صانع يا بن عمران؟.
2) الثواب الجزيل لكل من جرت الصدقة على أيديهم، فالمعروف كالريح الطيبة التي تعطر كل من مرت به وهذا من نعم الله تعالى وجوده أن حث الجميع على التعاون في البر والمعروف.
3) وكما تمطر السحاب مطرا ينعش الروح ويغسل أدرانها وكذا تكون الصدقة التي يستظل المرء بظلها يوم لا ظل إلا ظل الله وظل الأعمال الحسنة الصالحة، ومن امثلتها اطعام الطعام فغير خاف على أحد ثوابه الجزيل فما اعظمه من أجر اذا أعدّ لحبيب الله وابن بنت نبيه (ص) من غير اسراف ولا تبذير كيلا نكون للشياطين إخوانا.
وهذا غيض من فيض ونزر يسير من ايجابيات العطاء فطبيعة الانسان وفطرته السوية في التعاطف مع بني قومه اكبر محفز.
لأن يبادر المرء مواساة إخوانه في مال أو كلمات او ابتسامة مشعة تعيد للنفوس بهجتها في حالكات الظروف.
اضافةتعليق
التعليقات