من أظلمَ أنوار فكره وأتبعَ دياجي روحه لن تنيره شمس الصباح حتى وإن جالسه إشعاعها لينكره قائلا كنت غائبا ليلا لا حجية لضيائك.
هكذا يستسيغ ظلاله ويعاشر أمواج عقله ويلتذ بزبد بحره الهائج مغترا بما فوق السطوح تاركا العمق الصافي وعذبه وبما هو دائم بديمومة أبدية.
حديث الولاية أو حديث الغدير الذي أثبتَتْه شتى المصادر من العامة ومصادر الشيعة وإعترفوا بأن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة الحرام في العام العاشر من الهجرة النبوية عند رجوعه من حجة الوداع الى المدينة المنورة، نزل عند غدير في أرض تسمى (خم) وأمر برجوع من تقدَّم عليه وأنتظر وصول من تخلف عنه، حتى اجتمع كلّ من كان معه وكان عددهم سبعين ألفا أو أكثر، فصعد رسول الله منبرا من أحداج الإبل، وخطب فيهم خطبة عظيمة، ذكرها أكثر العلماء والمحدثين من الفريقين وذكر في شطر منها بعض آيات القرانية التي نزلت في شأن أخيه علي إبن أبي طالب (عليه السلام) وبين فضله ومقامه على الأمة، ثم قال: ((معشر الناس! ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى، قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه)).
ثم أمر النبي الاكرم فنصبوا خيمة وأجلس عليا فيها وأمر جميع من كان معه أن يحضروا عنده جماعات وأفرادا ليسلِّموا عليه بإمرة المؤمنين ويبايعوه، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) أمرني ربي بذلك، وأمركم بالبيعة لعلي (عليه السلام).
وهذا ذُكِر في الفخر الرازي في مفاتيح الغيب، وكشف البيان للثعلبي، والدر المنثور للسيوطي وفي 60 مصدر من كتب العامة.
وهذا الحديث من مجموعة من الأدلة على ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) والمناطة لدى الفريقين وحجة عليهم حيث صدر من العلي الأعلى وأعلنه من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى واقرار النبي الاكرم بذلك لم يقف على مورد واحد أو موقف وتر فهذه المواقف تترى، منها يوم عقد الرسول المؤاخاة بين أصحابه، قال (هذا عليٌّ أخي في الدنيا والآخرة وخليفتي في أهلي ووصيي في أمتي ووارث علمي وقاضي ديني، ماله مني مالي منه، نفعه نفعي وضره ضري، من أحبه فقد أحبني ومن أبغضه فقد أبغضني).
هذه الحجج البالغة والظاهرة كأفق الشمس في وقت الظهيرة حيث أحيلت الى حديث بديهي لا ينكره ناكر ولا يرفضه رافض، فالولاية من بعد الرسول الاكرم للامام علي عليه السلام تعني أن جميع المهام التي كان يقوم بها الرسول تناط الى أمير المؤمنين السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها مما تتطلبه الدولة أنذاك، فضلا عن الزراعة والصناعة والخراج والجباية.
وعلى رأسها الأمور الدينية فهو الأولى بها عرفا ونصا كونه يمتلك مميزات لا تتوفر في غيره ومشهودا لها من قبل الفريقين كونه لم يسجد لصنم قط وتربى على يد الرسول الأكرم (ص) وأول من آمن به وغيرها فضلا عن النصوص القرآنية التي وردت في فضله ومواقفه، والباحث في ذلك الأمر مطلع على الكم الهائل من الآيات القرانية يعلم أفضليته عن غيره.
والنقاش في هذا الأمر ومحاولة تفسيره كمن يصف الماء بعد الجهد بالماء فمعينه ينضب رغم انكاره والحاجة اليه حتى وإن كنت تكرهه. فبزوغ الشمس وضيائها لايأبه بمن ينكر ظهورها.
اضافةتعليق
التعليقات