تتعاقب الليالي والأيام ولاتزال الحياة تعاقبنا على جرم لم نقترفه، ما ان تخرجنا من محنة حتى تسقطنا بمتاهة أخرى فتنقضي بنا السنين والأعوام باحثين عن فرصة نحصل فيها على حقوق شخصية واخرى عامة ضاعت بين هذا وذاك، نندب حظا عاثرا جعل منا فريسة سهلة بأيدي وحوش بشرية يتناوبون واحدا تلو الاخر على سلب حقوقنا وتضييع آمالنا.
فينتهي بنا العمر إما عجوزا قضى عمرا يبحث عن حق صيره الفاسدين حلم في بلد تنهب خيراته كل يوم ويتشاطرون عليه اللصوص ثم لا يحصل على شيء...
وإما أن يحصل على فرصته متأخرة جدا بحيث أن الإبداع الذي كان يروم إليه قد مات بداخله قبل أن يولد..
هذا هو حال اغلب الشباب العراقين الذين يحملون الشهادات الجامعية وشهادات الدراسات العليا،
معلقين آمالهم على تعيينهم في مجال تخصصهم بانتظار عطف الحكومة التي جعلت من حقوقهم احلاما بعيدة المنال متآمرين على قتلها كي لا تلد ابداعا، وأما من اسعفه الحظ وحصل على وظيفة حري به ان لا يحلم بحقوق اخرى!! ما جعل بعض الشباب خاملين متقاعسين متكاسلين ينتظرون عطف الحكومة للحصول على فرصة عمل يحققوا فيها ذواتهم ويخدموا بلدهم، وما ان تأتي حكومة إلا وتتهم سابقتها بالتقصير ثم لا تزيد الأمر الا سوءا وتعقيدا، يعيشون على امل ان تحل الحكومة القادمة مشاكلهم وتحقق أحلامهم وتقدم حقوقهم على مصالحها.
لتسليط الضوء على هذه المشكلة كان لموقع بشرى حياة جولة استطلعت فيها اراء بعض الشباب وبعد سؤالهم عن سبب انتظارهم مبادرة الحكومة لحل مشكلاتهم وتحقيق أحلامهم أجاب؛ السيد أحمد الحاصل على شهادة البكالوريوس في هندسة الحاسبات: من حقي كمواطن متعلم أن أحصل على وظيفة أخدم بلدي من خلالها واوفر العيش الكريم لعائلتي ولكن في حقيقة الأمر أصبح حقي في الحصول على فرصة عمل في بلد مثل العراق حلم ولعله لن يتحقق...
طرحنا عليه سؤال آخر لماذا لاتبدأ مشروع صغير تعمل فيه في مجال تخصصك لعلك تستفيد من امكاناتك وتخدم بلدك؟
أجاب؛ فكرت بذلك كثيرا ولكن اي مشروع وان كان صغيرا يحتاج الدعم المادي وانا اعمل كصانع في محل لصيانة الالكترونيات ولا يتوفر لدي المال لإنشاء مشروع وان كان صغيرا،
واضاف: بطبيعة الحكومات العراقية السابقة والحالية لا يدعمون الشباب في مشاريع خدمية تطويرية ودائما ما يحدون من قدرات الشباب فهم لا يدعمون سوى مصالحهم.
حسن/ موظف في إحدى دوائر الدولة المهمة، لديه 5 ابناء يقول؛ اعمل في وظيفتي منذ 15 عام براتب لا يكفي واحتياجاتي ثم اعمل بعد دوامي في الوظيفة سائق تاكسي، اسعى جاهدا لتأمين مستقبل اطفالي لعلي أوفق في يوم ما لشراء بيت يأويهم ويخلصنا من الايجار.
واوضح انه وخلال كل هذه السنوات في عمله الوظيفي وإلى الآن لم يتمكن من شراء بيت وإن كان صغيرا...
وأضاف؛ ان لم يكن من حقي كمواطن أن أحصل على قطعة أرض وقرض بناء فهو حقي كموظف حكومي وختم كلامه بأن قال بنبرة يائسة: حقوقنا أحلام بعيدة المنال في بلد يحكمه الفاسدين.
أما زينة فتقول: تخرجت من كلية الطب البيطري منذ عشرة أعوام وإلى الآن لم أحصل على فرصة عمل في مجال اختصاصي، الكثير من الأصدقاء المقربين قالوا لي أن مجال تخصصي كطبيبة بيطرية غير مدعوم في العراق ونصحوني بالهجرة إلى بلدان أكثر تطورا.
واوضحت؛ يعز علي ترك بلدي في وقت هو في أمس الحاجة إلى أبناءه..
وأضافت: حين كنت وزملائي ندرس في الجامعة عقدنا العزم على أننا سنغير ونبدع في مجال الطب البيطري ما إن حصلنا على فرصة في العمل أما الآن وبعد مضي عشر سنوات على تخرجنا دون ممارسة ما تعبنا وسهرنا من أجله تبين أن هناك من تآمر علينا وقبض الثمن مقابل أن يحبط الشباب ويقتل الإبداع قبل الولادة وبذلك يتراجع العراق بدل أن يتقدم.
لأن الحاجة للعمل حق من حقوق شريحة كبيرة من الشباب من أصحاب الشهادات وباتت تلبيتها ملحة وضرورية لتأمين تقدم البلد وصون كرامة العلماء في جميع المجالات، لابد من التعامل مع المشكلة بجدية أكبر لتجاوزها بعدم الاعتماد الكلي على الحكومة ولا يسعنا إلا ان نطالب من منظمات المجتمع المدني والجمعيات والمؤسسات الخيرية أن تدعم الكفاءات وتأخذ بأيديهم من خلال توفير فرص عمل وإن كانت لمشاريع تبدأ بسيطة، أو دعمهم بمبالغ مالية كسلف مشاريع صغيرة تسدد على دفعات لعلها تسهم بحل أزمة البطالة وتساهم بتطوير البلد وإنقاذ الشباب من الضياع.
اضافةتعليق
التعليقات