هل نحن في سباق للقاء الغريب؟ أم تراها الأرض تطوى من تحت أقدامنا فتنقلنا حيث جنة الرضا في خراسان؟! أم تراها أرواحنا تسابق أجسادنا فتسبقها إلى نيل السبق الولائي للمثول في ساحة غريب الغرباء؟! هل ترى بعينيك فعلا أيها الزائر لقبر الرضا أنه الغريب أم نحن همُ الغرباء؟!
أسئلة تتزاحم في مخيلتي، وتتراقص أمام ناظري وأنا أطوف مع الطائفين حول قبر الرضا عليه السلام.
أخبروني بالله عليكم هل هو الغريب حقا وحوله محبّوه بالآلاف يتزاحمون للثم شباك ضريحه أم نحن هم الغرباء؟ هل هو الغريب حقا ولا يكاد ضريحه يخلو من عشاقه على اختلاف ِنحَلهم ومللهم يتنافسون ويتدافعون للوصول إلى محبوبهم أم نحن هم الغرباء؟ هل هو الغريب حقا وقبره النائي لم يمنع الموالين رغم بُعد المسافات من التوجه وشد الرحال إليه أم نحن هم الغرباء؟
حتى الجغرافيا سيدي الرضا تساقطت خرائطها تحت قدميك فلم يعد لها وجود، ولن يُحسب لها حساب في عمر الولاء.. ليست الجغرافيا لوحدها بل كل عوالمنا الدنيوية تتبخر عند أعتابك وفي كنفك.. وكل مَدَياتنا تذوب في مَداك، ماذا فعلت لها ياسيدي حتى استحالت إلى عدم؟ وكيف أرديتها نحو الحتوف وأنت هناك في خراسان لم يغادر طيفك مكانك؟
أخبروني أيها الموالون ماذا وجدتم عند الرضا فما عدتم قادرين على البعد والرحيل؟ ألستم تنشدون سكينة الروح وخلاصها؟ إذن فامكثوا ما طاب لكم المكوث.. وانهلوا من عبير شذاه ما تطيّبون به بقية أيامكم.
لقد أسرتم الخلق بجمال أخلاقكم.. سيدي الرضا يامن خصك المولى بمحبة تزلف القلوب إليها.. وترتاح النفوس إلى ظلها، وكيف لا يكون كذلك؟! وأنت فرع تلك الشجرة السامقة وغصنها الشامخ، أوَ ليس فرعك يُنمى إلى أصلٍ كريم؟ وخُلق قال عنه رب الجلالة: إنك لعلى خلق عظيم؟.
إن الرضا عليه السلام من تلك الشجرة الطيبة التي أكرمها الله، وبارك لأمة محمد فيها إذ قال سبحانه (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم).
(كان عليه السلام في قمة التواضع وحسن المعاشرة مع الناس، هكذا ينقل ابراهيم بن العباس يقول: ما رأيت أبا الحسن الرضا جفا أحدا بكلامه قط، وما رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه، وما رد أحدا عن حاجة يقدر عليها..).
(وكان سخيا كريما، وكان من آدابه في الصدقات أنه إذا جلس للأكل أتى بصفحة فتوضع قرب مائدته، فيعمد إلى أطيب الطعام مما يؤتى به فيأخذ من كل شيء شيئا فيوضع في تلك الصفحة، ثم يأمر بها للمساكين ثم يتلو هذه الآية: (فلا اقتحم العقبة).
ثم يقول: علم الله عزوجل أن ليس كل انسان يقدر على عتق رقبة، فجعل لهم السبيل إلى الجنة عبر الإطعام.
وفّرق بخراسان ماله كله في يوم عرفة، فقال له الفضل بن سهل: ان هذا لمغرم. فقال عليه السلام: بل هو المغنم ولا تعدّن مغرما ما اتبعت به أجراً وكرما.
فيا نور الله في مشكاته.. وياتجلياً ربانيا بين عباده وأنامه: ياسادة الكون ويادوحة النبوة وامتدادات الولاية، لك في كل طرفة عينٍ مني سلام، ومن قلوب عارفيك محبة وهيام.
اضافةتعليق
التعليقات
عراق2019-05-04