كانت عيناه تهمهم حزناً ومع ألوان الأسى المرتسمة على وجهه أعانني بإستخراج لوني الأصعب بين مسطرة الألوان وما لفتني صبره المنبعث بين نظراته، فما كنت اريده هو اللون الفيروزي الفاتح الممتزج بالسماوي الأبيض ومع رفض محلات كثيرة كان جوابه لطلبي مقبول.
تطايرت عيني فرحاً عند رؤية لوني المفضل بعلبته الفولاذية ومع إمتناني الشديد أهديته جملة صغيرة؛ حتماً صاحب المحل سعيد بوجود رجل خلوقا مثلك ياعم!
فأجابني؛ أنا صاحب المحل يا أبنتي..
شكرته بدعوة صغيرة؛ حفظ الله محلك الجميل وعائلتك الأجمل. نظر إلى صورة الحائط المعلقة خلفه والتي تحتضن صورته مع زوجته وولديه ثم أردف قائلاً مع إيماءة بؤس؛ قد توفّت زوجتي منذ زمن.
-إذن تزوج بإمرأة اخرى إن كنت تشعر بالوحدة!
-فعلت ذلك هروباً من وحشتي ولكنني لم أنجح، لا تزال الأولى بعقلي وبقلبي وبحياتي، لا احد يستحق حبي مثلها!.
بهتَ فضولي وخفتت إبتسامتي تلقائياً، منذ زمن طويل لم يعتصر قلبي حسرة هكذا، أن يموت أمل الأحياء مع الأموات وان لا يشتهي المرء بعالمه سوى الموت لأنهم رحلوا.. وماذا عن السنين المتبقية برصيد حياتهم، ماذا لو كان رصيدها عالي!.
كنت أرى دمعته تحتمي خلف رجولته مُحتجزة أمام تجاعيده المموجة. لم يكن لدي اي إجابة سوى؛ الله كريم يا عم، كلشي من الله حلو.. ثم ودعني بإيماءة صامتة مكللة بإبتسامته الحزينة.
أضحيت أتسائل ترى هل كانت لترضى زوجته بهذا التعذيب الوارد عليه جرّاء وفائه، هل هي الآن تتفاخر بجانب الملائكة بأنه مكتئباً في الحياة بين الأحياء وفاءً لها؟!
لماذا تاه الناس بين دوامتين "الوفاء المرضي والجحود المستفز دون ذرة وفاء" متجاهلين التوازن الكوني، نستطيع ان نبدأ، بكل يوم بكل لحظة بكل ثانية من جديد وبجانبنا الوفاء المعين على الحياة لا المردي نحو التقاعس والكآبة، علينا ان نوازن على كل حال.. الحياة تقتل المفرط والمغتر.
اضافةتعليق
التعليقات