منذ الازل ولحواء الدور الاكبر والاساسي في تهيئة الاوساط وبناء الاسرة والحفاظ على التوازن في المحيط الذي تقبع فيه لضمان استمرارية الحياة رغم ما تعانيه من شقاء وصعوبة المسؤوليات والاعمال التي تقع على عاتقها في الزمن الماضي، ومع ما كانت تواجه من ظلم واضطهاد، وسلب لحقوقها وتهميش لمكانتها العظيمة والغاء لشخصيتها القوية التي لولا وجودها ودعمها وتفانيها لما قامت الحياة وما شُيدت الحضارات والامم ..
كانت حواء البسيطة أنذاك هي الأم المربية والزوجة المطيعة والعاملة الكادحة وكل شيء، ولكنها لم تكن تساوي شيئا! تُضرب وتُهان وتُستعبد وتُباع وتُشترى كالسلع الرخيصة وفي متناول ايدي الجميع وتُقتل ببساطة كونها انثى ضعيفة لا نفع لها ولن يعيرون لأمرها اي اهتمام!! إلا تلك التي كانت مِن سُلالة الحكام او السلاطين ومِن الجواري المفضلات أو مَن تنتمي الى أُسر الاثرياء ..
ظُلمت المرأة في زمن الجاهلية لعصور طويلة الى ان جاء الاسلام، وخرج النبي الاكرم (ص) بالدين الحنيف لينصفها ويضع لها مكانة وقيمة حقيقية، بل وتساوت فيها مع الرجل حيث شُرعت حقوق لها كما واجبات عليها، ومنذ ذلك الحين والى اليوم ازدهرت حياتها وازدهرت بها الحياة، ولن يعود امام طموحاتها واحلامها عائق او مانع لتنطلق نحو الافق في سماء العلم والمعرفة والنجاح والتطور في تعليم الاجيال وبناء المجتمع على مدى التأريخ ليسطع نجمها في مشاركة الرجل واستلام زمام الامور بدلاً عنه إن غاب.
حيث عَمِلت في كل المجالات وشَغَلت مُعظم المناصب وَسَطرت اروع البطولات والصور التي بقيَّت خالدة في ذاكرة التأريخ، وأسوة حسنة تُتبع للسير في طريق مضاء يأخذ بيد سالكيه نحو العلا، واسمى مثال على ذلك: السيدة خديجة الكبرى والسيدة فاطمة الزهراء وزينب الحوراء "عليهن افضل الصلاة واتم التسليم" ومن احتذين بهن من النساء..
أما الآن ونحن في اوج التطور والحداثة في هذا العصر المنفتح، ومع منح المرأة حقوقها كافة، حيث انخرطت في مزاولة نشاطات واعمال متنوعة ومتعددة مع وجود قانون ينص على حمايتها، لتتمتع بالحرية وتحقق كل ما تحلم به وأكثر، ننصدم بوجود شريحة كبيرة من النساء (الخاملات) اذا صح التعبير، مع ازدياد اعدادهن وانتشار مقلداتهن على نطاق واسع يعود على المجتمع بالسوء والضرر، فمنهن من تغاضت عن القيام بدورها المطلوب حالياً وبِشدة، فرُغم ما وصلت اليه من المستوى التعليمي والثقافي العالي، تجاهلت شهادتها العلمية ومعرفتها التي حَصلت عليها والامتيازات التي مُنحت اياها، ذلك لكونها وببساطة إبنة او زوجة لرجل ثري! ولا ينقصها شيء فما الداعي للوظيفة والعمل الشاق!.
وكرسَت كل اهتماماتها بأمور لا تستوجب إهدار كل ذلك الوقت والطاقة حيث أخذت تنساق بحماسة نحو مراكز التجميل والرشاقة وبذل الجهد الحثيث في التنسيق والتطبيق لمواكبة "الموضة"! والحرص على ادخار الاموال لقطع التذاكر والسفر على متن طائرة تجلس فيها على مقاعد "فرست گلاس" وأخذ صور "السيلفي" ونشرها على "سناب جات"! ظناً منها انها تحقق بذلك طموحاتها وتُرضي كبريائها في الحصول على مكانة رفيعة وشخصية مرموقة في المجتمع! تاركةً خلفها اولاد يتعلمون امور الحياة من خلال الاجهزة اللوحية! وصغار تتوسع افكارهم وتتغذى عقولهم على العاب الفيديو!.
ومنهن البسيطات اللواتي لم يحالفهن الحظ او لم يحصُلنَ على فُرص التعليم لمتابعة الدراسة والنجاح على الصعيد العلمي، لتُصبح في النهاية ربة بيت لا همّ لها غير انجاز الاعمال المنزلية ولاتفقه سوى امور الطبخ والتنظيف حصراً ولا تطمح في مزاولة اي نشاط آخر! وليست سوى طاقة مُنتجة يُعتمد عليها وتوكل اليها انجاز المهام المطلوبة! بعيدة كل البعد عن فهم زوجها واولادها المعاصرين للحداثة فتتركهم هي الاخرى للتكنولوجيا ومن يفهمون عليهم!.
انها ظالمة بحق ذاتها المغبونة من قِبلها! فمن خلال التسهيلات العظيمة التي طرأت بخصوص بلوغ مراتب من العلم والحصول على العمل في وقتنا الحالي، بأمكانها التَعلم ومزوالة عدة نشاطات لن تأخذ منها وقتاً كثيراً وبمجهود اقل وهي جالسة ضمن حدود البيت والعائلة!.
عزيزتي حواء استفيقي !
نحن الآن بأمس الحاجة إليكِ حالياً ولدورك الفعال والمهم جدا في هذا المجتمع المنكوب، فمهما كانت امكانياتك العلمية والثقافية قليلة، ومهما كان مستواكِ المعنوي والمادي ضعيفا،تستطيعين وبكل جدارة تغيير الواقع والانطلاق نحو الافضل فأنتِ اقوى مما تتصورين،إنصفي ذاتك عزيزتي واستفيقي من سباتك الطويل الامد ومن واقعك المزري المؤلم، أنتِ قائدة ولستِ تابعة، كوني افضل بكثير مما انتِ عليه الآن..
إنظري الى نفسك بعين الطموح والامل، مارسي مهنتكِ التي اخترتِ وإشغلي وقتك بما يُفيدكِ، طوري موهبتكِ فلا بُد من وجود موهبة عند كل انسان يَمُن الله تعالى بها عليه، ثقي بقدراتُكِ وابرزي وبارزي بذكائكِ وفطنتكِ، استغلي التطور الذي طال كل مكان، اقرأي وافهَمي وتَعلمي ثم اكتُبي وعَلِّمي، إنهلي من تعاليم دينكِ الحنيف وحافظي عليها وإجعليها أساسالتعليم القيم والمبادئ الانسانية لأولادك ولمن حولك، صدقيني انتِ المسؤولة عنهم، انتِ اول وافضل مدرسة تحتويهم وتؤثر فيهم ..
انتِ نقطة البداية التي يدور حولها كل شيء وينطلق منها ذات الشيء، كوني الشمس التي تمنح الضوء للقمر والنجوم، فتُنير الدروب وتُسعد القلوب، عزيزتي حواء إستفيقي واشرقي من جديد..
اضافةتعليق
التعليقات