ما إن هلّ شهر رمضان المبارك حتى ارتفعت اسعار البضائع في الاسواق الشعبية والمحال التجارية في العراق، اذ يعد بعض اصحاب المحلات الشهر الفضيل موسم للمكاسب لارتياد الناس بزخم كبير للتبضع استعدادا لاستقبال أيام الصيام.
عوائل متعففة استغربت هذا الارتفاع المباغت للمواد الغذائية والبقالة وحتى الملابس عادين الامر حالة غير مقبولة خصوصا وان هناك هامش وفرق كبير بين الاسعار قبل شهر رمضان والان.
امنية ازلية
ان السوق يشهد ارتفاعا كبيرا في اسعار كل بضائعه حينما يقبل الشهر، استهل سمير حسين (موظف) كلامه بهذه الجملة ثم استطرد قائلا: "امنيتي الازلية ان تبقى الاسعار مستقرة في شهر رمضان فهناك العديد من العوائل لا تملك ما يسد قوتها خلال الشهر، فأنا اعرف رب اسرة لا يستطيع العمل كون عمله يحتاج جهد كبير وهو صائم، فيكون مضطرا لترك العمل طوال الشهر حتى يتسنى له الصيام وذلك لحرارة الجو، لكن ارتفاع الاسعار يسبب ارباك في المصروف الذي ادخره طيلة السنة".
من جانبها قالت المواطنة ميس عبد الامير (صيدلانية): "بدأت الاستعدادات مبكرا لاستقبال شهر رمضان وبدأت العوائل العراقية بالتسوق من سوق الجملة والاسواق المحلية الاخرى بقصد التبضع من مواد غذائية رمضانية قبل ارتفاع اسعارها، ولكون اغلب العوائل يكون دخلها ثابتا ومحدودا يجدون ان خطوة التسوق ما قبل رمضان خطوة ايجابية حتى يتسنى لهم توفير فرق المال".
واضافت: "للأسف بعض اصحاب المحال بدل ان يجعلوه شهر طاعة وغفران جعلوه شهر المكاسب والانتقاع بل الاحتكار للشهر الكريم وخصوصا المجمعات ومحال الثياب وبالذات فترة ما قبل العيد وهذا ما يقصم كواهل الفقراء.
ومن جانها اشتكت هناء كامل (موظفة وأم لثلاثة أطفال)، من ارتفاع أسعار المواد التموينية والبقالة بشكل لا يتحمله أحد، وتؤكد أنه لولا عملها ما كانت تستطيع المساعدة فى تلبية احتياجات أسرتها من تلك السلع الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها، وخصوصا ان دخل زوجها ضئيل جدا.
فيما قالت انوار النواب (موظفة): ان ارتفاع الاسعار الذي يسبق شهر رمضان يراه بعض المواطنين وبالاخص عوائل الدخل المحدود، دليلا على انتهازية الباعة والتجار، واعتبار الشهر الفضيل فرصة لاكتناز الاموال وذلك لاقبال الناس على شراء كميات كبيرة من السلع.
مضيفة: ان قضية ارتفاع الاسعار والاحتكار الذي يتكرر كل عام مع قدوم شهر رمضان الكريم، لن تتوقف دون وجود رقابة قوية على الاسواق الشعبية ومحال الجملة تسيطر على الاسعار او ايجاد منافس حكومي يستطيع التحكم بالاسعار كالاسواق المركزية الموجودة سابقا.
نظرة دينية
فيما قال الشيخ كاظم العابدي: من الطبيعي أن يفرض شهر رمضان المبارك نوعاً من التسابق للشراء بالنسبة للكثير من الناس وذلك لأسباب كثيرة، منها ارتباط هذا الشهر الفضيل بالعديد من التقاليد المحببة، التي اعتاد المسلمون عليها من حيث إعداد وجبات الافطار، والسحور، وما بينهما من عادات باتت تميز هذا الشهر الفضيل.
واضاف العابدي: ان رمضان يعد مناسبة دينية كريمة، للعبادة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، ومن هنا أخذ هذا الشهر الفضيل أهميته وقدسيته لدى المسلمين، ولعل أهم ما يجب أن نتذكره هو أن رمضان إلى جانب كونه فرضاً، هو أيضا مناسبة إسلامية هامة ورسالة إنسانية كبيرة لتعلم الصبر، والتراحم بين الناس، فلابد من التذكير ونحن نستعد لاستقبال الشهر من أن نعمل في إطار ما تستوجبه علينا هذه المناسبة الكريمة من هذا الشهر التي كرم الله بها المسلمين، بالتقرب إلى الله بالعبادات والأعمال الصالحة، وبالتيسير على الناس ومساعدتهم، إلا أننا ومع الأسف نرى أن هناك من الناس ولا سيما التجار، الذين ينتظرون هذا الشهر المبارك بفارغ الصبر، ليس بإعتباره مناسبة دينية للتقرب إلى الخالق عز وجل بل هو مناسبة لتحقيق الأرباح الخيالية (الجشع) أحيانا من خلال زيادة الأسعار، وإستغلال حمى الشراء التي ترتفع في رمضان، لتحقيق أرباح كبيرة وفي فترة زمنية قياسية، مما يلقي بالمزيد من الأعباء على كاهل الكثير من المسلمين ولاسيما الفقراء.
متابعا بالقول: انها أصبحت ظاهرة عالية الضرر فيما يعرف في علم الاقتصاد وهذا بخلاف المنظور الديني الحقيقي مما يترتب عليه من حكم شرعي وهو يعد اموال حرام، وهي ظاهرة ليس لها علاقة بالعوامل الخارجية، بل هي استجابة لرغبة داخلية نفسية لدى الإنسان يغذيها الجوع وعدم الثقة من توفر الغذاء لدى الحاجة إليه دون تفكير ان كان حراما او حلالا، وهو أمر لا ينافي تعاليم الدين الإسلامي فقط، وإنما يتعارض مع الأخلاق المتعارف عليها إجتماعيا.
مشيرا ان زيادة الأسعار وبالأخص أسعار المواد الغذائية الرئيسية، لا يختلف عن الغش في بشاعته، لما له من آثار ضارة ومرهقة للكثير من فئات المجتمع، كل هذه الظروف توفر بيئة مواتية تماماً لإرتفاع الأسعار خلال شهر رمضان المبارك .
وللردع من هذه الظاهرة يتوجب من الجهات المعنية متابعة هكذا ظاهرة وبسن قوانين ورقابات مختصة بهذا الجانب، حتى لا تستشري وتتفاقم اكثر، وحتى الجهات الدينية بالتوجيه من خلال صلاة الجمعة وماشابه، ونشر الوعي الإستهلاكي وهو الإقتصاد وعدم الإسراف بالإضافة إلى عدم شراء كميات أكبر من الحاجة وأيضاً مقارنة الأسعار قبل الشراء.
وبذلك يكون الشهر الفضيل يسيراً على الناس، لاسيما ذوي الدخل المحدود والمحتاجين.
اضافةتعليق
التعليقات