باب: علاقات زوجية
كل صباح حين نستيقظ يكون لدينا اربع وعشرون ساعة جديدة للعيش بسلام دون ان تكتظ المشاكل في بيتنا الصغير الذي يحتوينا انا واطفالي، فقد اعتدنا على العيش بطريقة تجلب لنا البهجة والسعادة بعيدا عن ضوضاء زوجي وتشدقاته الكلامية التي اصبحت روتينا حول مصاريف البيت والاولاد وانه لايملك المال الكافي لنا واننا اصبحنا عبىء ثقيل اتعب كاهله وان أجره اليومي الذي كان يتقاضاه في محله الصغير لايسد احتياجاتنا..
وفي وسط كل هذه المقلقات والاعياء الأسري، قررت البحث عن عمل لسد حاجتنا .كانت هذه البداية لحكاية زينب (وهو اسم مستعار) 35 سنة..
وواصلت حديثها قائلة: بعد مجهود من البحث وجدت عملا يناسبني في احدى الدوائر الحكومية فكان العمل بوابة جديدة للحياة فأصبحت امرأة مستقلة واستطيع ان اجلب لي ولأولادي كل شيء اريده ويوما بعد يوم اصبحت اكثر استقلالية، لكن هذا التغير كان مردوده سيء لي فقد شجع زوجي على تركه لعمله واعتماده الكلي على راتبي الشهري بل اشترط ان يأخذه كل نهاية شهر وفي حال رفضي لمطالبه، يستخدم اساليب العنف والضرب والايذاء.
واضافت: لقد كنت انا الضحية وسط كل هذا فقد كان المجمتع معه حتى اقرب الناس إلي، اسرتي وصديقاتي، وانا مجبرة ان اتحمل كل هذا وان رفضت فإنه سيخيرني بين الحياة الزوجية وبين وظيفتي وفي نهاية المطاف اخترت وظيفتي وكانت بدايتي مع حرب طاحنة اخرى فاشتدت النزاعات بيني وبين اسرتي حتى وصل الأمر ان يقاطعونني .
وتابعت بقولها: نعم اصبحت قوية جدا حتى لم اعد اكترث لادعاءات الناس حولي مثل أني تركت زوجي من اجل وظيفتي واغراني المال والسلطة، لكني مهما اوضحت لهم لن يشعروا بمرارة ماعانيته فانهم لم يتذوقوا طعم الحرمان والأسى الذي خيم علينا انا واولادي حينما كنت اعيش معه.
ختمت حديثها: سأواصل حربي وسأنتصر حتى النهاية حتى لو وقف العالم أجمع ضدي من اجل ان احافظ على حياتي الجديدة حيث وفرت لي ولأولاي الهناء والراحة التي طالما حلمنا بها .
بينما قال حسين حيدر 28 سنة نقيضا لما سردته زينب: سأتحدث مباشرة دون التواءات او بحث عن شماعات او دهاليز خفية او حجج مقنعة او تبريرات ملونة، نعم انها تركتني من اجل وظيفتها على الرغم من اتفاقنا قبل الزواج بأن عملها لا يؤثر على التزاماتها اتجاه حياتنا الزوجية، لكن حدث العكس تماما فطالما كنت اشعر بالتفاوت الحاصل ويراودني شعور النقص اتجاهها كوني انا عامل في احد المحلات التجارية وهي موظفة في احدى الدوائر الحكومية.
وتابع قائلا: حتى معاملتها اتجاه عائلتي لم تكن محترمة ولم تكن ملتزمة بعادات وتقاليد العائلة مما جعل الأمر شائكا، وتشعبت المشاكل بيننا وازداد نبذ عائلتي لها، والغريب في هذا ان ما حدث من اضطرابات في حياتنا لم يهمها او حتى أخذ مساحة في تفكيرها، فكان كل همها اقتناء الملابس ومساحيق التجميل وكثرة التزاماتها في عملها من الخفارت والايفادات خارج العراق جعل الحياة اكثر تعقيدا معها مما دفعني على تخييرها بين عملها والتزاماتها وبين العيش معي والحفاظ على اسرتها.. لكن سرعان ماجاء الرد صادما بأنها لن تتخلى عن وظيفتها تحت اي ظرف حتى لو كان على حساب تهديم حياتها، وعلى الرغم من محاولاتي لاقناعها بترك عملها والرجوع معي لكن دون جدوى وما اثار ضغينتي ان اهلها كانوا الى جابنها مما حال دون تغير رأيها والبقاء على موقفها ضدي حتى انتهى امر كل منا في طريق، والان انا احاول ان اجد من اكمل حياتي معها وشرط ان تكون عائلتها واولادها هي ملاذها الأول والأخير .
وشاركتنا المحامية كوثر الناصر رأيها حيث استهلت كلامها: ان الزواج بين الكاسب والموظفة او العكس تترتب عليهم نفس الحقوق والواجبات القانونية في حالة حدوث مشاكل اجتماعية، وعادة ترتفع نسبة المشاكل بين الزوجين بسبب وظيفة المرأة والأخص الرجل الكاسب والمرأة الموظفة وذلك لأسباب الفوارق الاجتماعية والتفاوت الحاصل بينهما وربما يتخللها الغيرة المبطنة من قبل الزوج بسبب مكانتها الاجتماعية ومركزها داخل العش الزوجي حيث يكون تأثيرها على العائلة بشكل اكبر مما يدفعه لشن منازعات بمنع زوجته او يحاول تقييدها في العمل او احيانا يجبرها على تركه مما يسبب مشاكل اكبر.
وبما اننا نخوض صراع مع تقاليد واعراف مجتمعنا الشرقي فيؤيد قرار الرجل ويكون بجانبه غير مبالي بما يحدث من نتائج وخيمة عقباها، فهناك العديد من النساء تركوا وظائفهم وركنوا مواهبهم جنب الحائط بسبب العائلة، وهناك نساء محاربات تخلين عن ازواجهن لكسب راحتهن وحياتهن التي تكون مطمورة مع ازواج لم يقدروا قيمتهن، لكن في كلتا الحالتين نجد فيها تهديم لكيان الأسرة فنحن نحاول قدر الأمكان في قضايا الطلاق التي تردنا بمثل هذه الأسباب حل الأزمات الواقعة بين الزوجين بالتوعية واحيانا نفضل ترك الزوجة عملها على تركها بيتها ومحض اسرتها وتشتيت اولادها.
بينما قالت الباحثة الاجتماعية نور الحسناوي: ان نسبة الطلاق لحالة الرجل الكاسب والمرأة الموظفة ارتفعت في الآونة الأخيرة اكثر من حالات الطلاق بين الازواج الموظفين، ودورنا هو تقريب وجهات النظر وتقليل المشاكل للصلح، ونجحنا في الكثير من الدعاوي في هذه الحالة، وان اغلب المشاكل هي قلة الوعي الديني والاخلاقي بالنسبة للموظفة ولاسيما اننا في مجمتع شرقي اسلامي ومن الصعب على الموظفة ان تخلق التوازن بين الرجل والبيت.
هذا من جانب ومن جانب اخر الفراغ الكبير لدى الرجل في حياته العاطفية وتربية الاطفال ومتابعتهم كلها تخلف مشاكل لاحصر لها، وان اغلب الحالات تحدث في العائلات المفككة الفقيرة وتأتي المرأة الموظفة مسيطرة وواثقة من نفسها الى الجلسة وهي تطلب الانفصال لأنها عاشت اجواء الوظيفة ومغرياتها وامتيازاتها وماتحمل من حرية حسب تفكير الموظفة، وان الدرجة الاساس في هذه المشاكل هي قلة الوعي الديني لأن طاعة الرجل واجبة شرعا.
اضافةتعليق
التعليقات