صوت عقارب الساعة تشتت عقد أفكاري، وكأنها في موعد غرامي تركض كي ترى حبيبها ...
أو ذاهبة إلى إستثمار سيبين مصيرها المالي!
أو ربما تدري بأن الحياة أقصر مما نظن تركض كي تدرك اللحظات وتستمتع بأقصى ما يمكنها ...
أو ربما تقدر نفسها أفضل منا...
ماذا لو لم نقدرها كما تستحق؟
ماذا لوقيل لك لم يبقَ لك الكثير، استعد للرحيل، ماذا ستفعل عندها؟
تغلق الابواب و تكره الدنيا و تبكي على حالك و على فقد الاحبة لك؟ أم تسعى لتسوية حساباتك
مع الناس، نفسك وربك؟
كلنا نجهل موعد رحيلنا لذلك نعيش في حالة من التسوف، نمضي يمينا وشمالا دون الاهتمام بالوقت..
ربما نقتل الوقت أيضا لأننا لا نعرف ماذا علينا فعله أو بالاحرى لم نأخذ الفكرة على محمل الجد، أنا أيضا لم أستثنَ من هذه القائمة، كنت أمضي يمينا وشمالا وأعبث !
ولكن لكل منا قصته في الحياة، البعض يكتفي بأنه حي ويقتل أيامه كي يصل الى النهاية بسلام والبعض الاخر يسعى لإيجاد شيء ما كي يظل حيا بعد الممات..
عندما كنت ذاهبة الى الطبيب فكرت مع نفسي ماذا لو يقول لي أيامك معدودة إستعدي للرحيل؟
ماذا علي أن أفعل؟
من أين أبدا؟
عندما نظرت الى الشارع شعرت بغصة كبيرة واقفة وسط حنجرتي لم أرَ الحياة يوما هكذا وبهذه البشاعة كأن العالم أصبح ضيقا الى أبعد الحدود وأخذ يعصرني بقوة، شعرت وكأنني كسمسمة وضعت في طاحونة !
تهت بين آلام الجسم والروح لوهلة، لم اعرف أفكر بألم جسدي الذي كان يأكل خلايا جسدي أم بألم اليأس الذي كان يأكل أحلام يقظتي؟!
نسيت كل شيء، البيت، السيارة، الدراسة، كتبي، مجوهراتي، موبايلي الحديث، حتى أحبتي!
نسيت كل شيء، كأني فقدت ذاكرتي لوهلة، في تلك اللحظة، لم أعرف ماذا علي أن أفعل أو لا أفعل!
لحظات وتركت في نفسي ألم مالا يستطيع أي شيء تركه، وكأن الساعة توقفت عند منعطف الوجع..
أصبت بالارهاق والخيبة و بات كل شيء في نظري دون معنى وكأن قاموس كلماتي تبخر من ذاكرتي بصورة عجيبة، هناك جملة واحدة كانت كعلامة حمراء مع كل ثانية تعطيني اشارة في تيك تاك... لا شيء تيك تاك... لا شيء.. تيك تاك... لا شيء
بقيت جملة واحدة في قاموسي... لاشيء !
لا شيء يبقى..
لا شيء يستحق...
لاشيء..
بعد ان عبرت مرحلة الصدمة تلك جلست أسوي قائمة أولوياتي، بعد أن عرفت بأنني راحلة، تخلصت من كثير من الأعباء في حياتي، كنت لم اخرج من البيت الا بعد تنظيفه بأقسى حدود وكنت أحرص أن يكون كل شيء في مكانه، الأطفال يجب ان يجلسوا بأدب دون أية حركة حتى لا يتغير منظر البيت ..
حينها تركت وسواس التنظيف وصممت أن أكتب أجمل لحظاتنا في دفتر العائلة كي تبقى ذكريات جميلة لي ولهم ...
مؤلم أن ندرك معنى الحياة عندما نوشك على الرحيل ...
كنت أهتم بجمالي وملابسي والماركات ولكن الان غدت جميع هذه الاشياء تافهة لأن جسدي لا يتحمل ملابس كثيرة ...
والذهب والاكسسوارات يؤلم جسدي الهزيل، فكرت مليا بالاشخاص الذين يحيطون بي، بأحبتي وحتى الذين كانوا يجرحونني بكلامهم القاسي، انهمرت الدموع من عيني، كفكفت الدموع بهدوء رغم أفكاري المتشتتة التي كانت تجرني مرة إلى الشرق حيث الطلوع والأمل ومرة إلى الغرب حيث الغروب و الألم..
ياترى هل يمكنني ترك أحبتي؟
ماذا يفعلون من بعدي ولكن دعائي سيكون دائما معهم، سوف أناجي ربي أن يحفظهم من كل سوء، رحيل شخص واحد لا يترك فارقا كبيرا في هذا العالم والجميع سينساني ان لم يكن بعد شهر ربما بعد سنة أو بعد ذلك ...
ولكن قررت أن أسامح أولئك الذين كانوا في حرب مستمرة معي لأنني أدركت ان دقائقي معدودة وليس هناك متسع من الوقت لأحرقه بالكراهية، ارجعت ديوني كي لا يبقى حق على عاتقي، وبدأت أستعد للرحيل، شعرت بخفة كأنني كنت أولد من جديد حرة... طليقة حرة من الشوائب والحقد وأدركت اننا لا نعرف معنى الحياة.. لو كنا نعرف لما ركضنا دون هدف، نحن لم نعرف معنى الساعات...
لو كنا نعرف لما كرهنا أحداً، لو كنا نعرف لما أعطيناهم مساحة كبيرة من حياتنا الجميلة وحرقنا ساعاتنا في كرههم بل تركناهم!
نحن لم نعرف معنى الدقائق... لو كنا نعرف كنا نبذل جهدنا في شيء مهم في امضاء الوقت مع الاحبة، نحن لم نعرف معنى الثواني... لو كنا نعرف لم نبخل على احبتنا بكلمة أحبك..
نحن لم نعرف معنى اللحظة.. لو كنا نعرف لم نبخل على أنفسنا... بأستغفر الله وأتوب اليه..
اضافةتعليق
التعليقات