الحب ليس تلك الكلمات التي تزيّن القلوب، ولا تلك الأشعار التي تكتب على السطور، ولا تلك الأقوال التي تزلزل العقول، الحب الحقيقي يظهر في كل خلية من خلايا المحبوب، الحب الحقيقي هو أن يحترق قلب العاشق كشمعة حتى يذوب في هوى المعشوق، الحب أوسع من أن تسعه الحروف وتحيط به الأشعار وتستوعبه أبلغ العبارات ...
الحب هو شعور وإدراك وذبول وإحتراق وألم الليالي وهيام النهار، هو عين أتعبها الانتظار، هو عقل تمرد على التركيز وراح يبحث عن طريق يصله للقياه..
في كل عام، كلما يقترب الهلال إلى اكتمال الجمال يُغرد العالم أجمل الحان الحب ويكتب الناس ألف رسالة تحكي آلامهم وشدة اشتياقهم، ولكن ماذا بعد ذلك؟ يُنسى المحبوب؟ ويضيع بين دهاليز الغربة التي جهزت بإتقان من قبل محبيه!
بل بالأحرى، نحن من نضيع في دوامة الحياة، وماذا بعد؟ لا شيء يذكر ولا عمل يُنجز ولا عقل يُفكر ولا قلب يهتم!
على سبيل الألم؛ ياترى ماهي هديتنا لعيد ميلاده؟
أصبحنا غارقين في محيط النسيان نهتم بكل شيء سواه !
أصبحت هدية عيد الميلاد من ضروريات علاقاتنا، نفكر ملياً و ندرس علاقات المحبوب كي نهديه هدية تليق بشخصه وكلما كان الشخص أقرب إلى القلب كلما كان الهيام إلى تهيئة مستلزمات الحفلة أكثر فأكثر، نفكر بكيفية التزيين وكعكة الميلاد، ولكن ياترى كم شخص فكر في هدية ميلاد سبب وجوده (بيمنه رزق الورى وبوجوده ثبتت الأرض والسماء)..
كم شخص فكر في هدية ميلاد منقذ البشرية (يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا)؟!
كم محب فكر في هدية لمعز الأولياء ومذل الأعداء و جامع الكلمة على التقوى؟
كم عاشق خصص من ماله جزءا لأجل إحياء إسم ذلك الإمام الرؤوف، الذي يدعو لشيعته ليل نهار ويقول (إنَّا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لنزل بكم الأواء واصطلمكم الأعداء)؟!
كم شخص منا ترك الذنوب لأجل إدخال السرور في قلب سيده ومولاه؟
لنراجع أنفسنا ونمعن النظر في تصرفاتنا، من نحن؟ أين نحن من حبه؟
وأين موقعنا من شخصه الكريم؟ ماذا ينبغي علينا أن نفعل؟
فلتكن هديتنا لهذا العام مع ايقاد الشموع والحفلات ازدياد رصيدنا الثقافي المعنوي ونشارك ما تعلمنا مع الاخرين..
اقتبستُ من كتاب (وظائف الأنام في زمن غيبة الإمام) بعض وظائف المنتظر والمحب الحقيقي لنقترب بضع خطوات إلى ذلك البدر التمام :
الأوّل: الإغتمام لفراقه (ع) ولمظلوميته. فقد ورد في (الكافي) عن الصادق(ع) أنّه قال:
"نفس المهموم لنا، المغتمّ لظلمنا تسبيح".(1).
الثاني: إنتظار فرجه وظهوره (ع)، فقد ورد في (كمال الدين) عن الإمام محمد التقي (ع) أنه قال:
"إن القائم منّا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته، ويطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي... إلى آخر الحديث".(2)
وورد عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال:
"أفضل العبادة الصبر وانتظار الفرج".(3)، وفي حديث آخر عن الصادق (ع) أنه قال:
"من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر كمن هو مع القائم في فسطاطه".(4)، ولقد ذكر هذا الموضوع مفصّلاً إضافة إلى بقية الوظائف في كتاب (مكيال المكارم).(5).
الثالث: البكاء على فراقه ومصيبته (ع)، فقد ورد في (كمال الدين) عن الصادق (ع) أنه قال:
"والله ليغيبنّ إمامكم سنيناً من دهركم، ولتمحصنّ حتى يقال: مات أو هلك، بأيّ واد سلك، ولتدمعنّ عليه عيون المؤمنين".(6)
الرابع: التسليم والانقياد، وترك الاستعجال في ظهوره (ع)، يعني ترك قول (لم، ولأي شيء) في أمر ظهوره (ع)، بل يسلّم بصحة ما يصل إليه من ناحيته (ع) وأنه عين الحكمة. فقد ورد في (كمال الدين) عن الإمام محمد التقي (ع) أنه قال:
"إنّ الإمام بعدي أبني علي، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والإمام بعده ابنه الحسن أمره أمر أبيه، وقوله قوله أبيه، وطاعته طاعة أبيه، ثم سكت، فقلت له: يا ابن رسول الله، فمن الإمام بعد الحسن؟ فبكى (ع) بكاءاً شديداً، ثم قال: إن من بعد الحسن إبنه القائم بالحق المنتظر. فقلت له: يا ابن رسول الله، لم سمّي القائم؟ قال: لأنّه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته، فقلت له: ولم سمّي المنتظر؟ قال: لأن له غيبة يكثر أيامها، ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون، وينكره المرتابون، ويستهزيء بذكره الجاحدون، ويكذب بها الوقاتون، ويهلك فيها المستعجلون، وينجو فيها المسلّمون"7".
الخامس: أن نصله (ع) بأموالنا. يعني: يهدى إليه (ع). فقد ورد في (الكافي) عن الصادق (ع) أنه قال: "ما من شيء أحبّ إلى الله من إخراج الدراهم إلى الإمام، وإنّ الله ليجعل له الدرهم في الجنة مثل جبل أحد"، ثم قال: "إنّ الله تعالى يقول في كتابه: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً).
قال: هو والله في صلة الإمام خاصة"8".
السادس: التصدّق عنه (ع) بقصد سلامته. كما ورد ذلك في كتاب (النجم الثاقب) مفصّلاً.(
السابع: معرفة صفاته، والعزم على نصرته في أي حال كان، والبكاء والتألم لفراقه (ع). كما ورد ذلك أيضاً في كتاب (النجم الثاقب) مفصلاً.
الثامن: طلب معرفته (ع) من الله عز وجل. فيقرأ هذا الدعاء المروي عن الصادق (ع) في (الكافي) و(كمال الدين) وغيره:
اللّهم عرّفني نَفْسَكَ، فَإنَّكَ اِن لَم تُعرّفْني نَفْسَكَ لَم اَعرِفْ نَبِيّيك.
اللهمَّ عَرّفْني رَسولَكَ، فإنَّكَ اِن لَم تُعرّفْني رَسولَكَ لَمْ اَعرفْ حُجَتَك.
اللّهمَّ عَرِّفْني حُجّتَكَ، فإنَّكَ اِن لَمْ تُعرّفْني حُجّتَكَ ضَلَلْتُ عَن ديْني.9
التاسع: المداومة على قراءة هذا الدعاء المروي عن الصادق (ع) كما ورد في (كمال الدين) وهو:
يا أللهُ يا رَحْمنُ يا رَحيم يا مُقلِّبَ القلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبي على ديْنِك.
و دعوة الناس لمعرفته وخدمته وخدمة آبائه الطاهرين، فقد ورد في (الكافي) عن سليمان بن خالد أنّه قال للصادق (ع): إن لي أهل بيت وهم يسمعون منّي، أفأدعوهم إلى هذا الأمر؟ فقال (ع): نعم إنّ الله عز وجل يقول في كتابه:(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ).
العاشر: الصبر على المصاعب وعلى تكذيب وأذى ولوم أعدائه في زمان غيبته (ع). فقد ورد في (كمال الدين) عن سيّد الشهداء (ع) أنّه قال: "أما إن الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله (ع).
الحادي عشر: إهداء ثواب الأعمال الصالحة كقراءة القرآن وغيرها إليه، سلام الله عليه.
الثاني عشر:
الدعاء لتعجيل ظهوره، وطلب الفتح والنصر له (ع) من الله تعالى، وروي عن الإمام الحسن العسكري (ع) أنّه قال:
"والله ليغيبنّ غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلاّ من ثبّته الله عز وجل على القول بإمامته ووفّقه للدعاء بتعجيل فرجه"(10).
اللهم عجل لوليك الفرج واجعلنا من خير أنصاره وأعوانه والمستشهدين تحت لوائه..
اضافةتعليق
التعليقات