لقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث متفق عليه: {أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج} فماذا يعني ذلك؟ قد يظن بعض الناس أن معنى إنتظار الفرج هو أن نجلس بين جدران بيوتنا وفي زوايا المساجد ونضع رؤوسنا بين أيدينا ولنعمل شيئًا ولا نتحمل مسؤولية ولا نقاوم باطلا ولا ننصر حقا. إن أفضل الأعمال هو إنتظار الفرج حسب ما يفهمونه.
معنى الإنتظار الحقيقي، نسجل النقاط الآتية:
أولا: إن الكلام في الحديث الشريف يتناول الإنتظار الذي هو عمل وليس له عمل فالنبي (صلى الله عليه وآله) يقول أفضل أعمال أمتي واذا كان الإنتظار بالمفهوم السلبي الذي أظنه بعض الناس فإنهُ ليس عملا فالعمل هنا هو شيء إيجابي يتحدث عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وليس شيئا سلبيا.
ثانيا: إن الإنتظار يعني أن تحقق المقدمات وتنتظر النتيجة فأنت حينما تنتظر قادما عزيزا عليك فإنك تنظف البيت وتهيئ كل ما يتطلبه منك إستقبال ذلك القادم وحينما تنتظر مصلحا ثائرا هل تفسد حياتك؟ حين انتظارك له خاصة اذا علمت ان ذلك المصلح لا يحابي ولا يجامل ولا تأخذه في الله لومة لائم ولا يفرق بين الناس ويضع السيف فاصلا بين الحق والباطل وهل ستسكت على كل فاسد من حياتك العامة الخاصة وهل ستسكت على الفساد المستشري في مجتمعك وأنت تنتظر ذلك المصلح الذي لا يقبل الفساد.
إن إنتظار المصلح هو تهيئه مقدمات الإصلاح والإستعداد لإستقباله بما يليق به وذلك بأن تعمل في نفسك وعائلتك وشعبك ما يرضيه وليس ما يرغبه يجب أن تعلم أن الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) من السائرين على نهج الرسول الأعظم وكما علمنا فإن رسول الله لم يكن يقبل بأي معصية فكيف نقبل أنفسنا ونحن نعلم أن الإمام المهدي هو خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يرضى بها، ومن ناحية أُخرى صحيح أننا ننتظر العدل المطلق على يد الإمام المهدي ولكن هل يعني ذلك أن نقبل بالظلم حتى يأتي إلينا العدل المطلق وإذا كنت مدعوًا في الغد على طعام شهيا جيدا. أفلا تأكل اليوم شيئا تتقوت به حتى لو كان ذلك الشيء مجرد خبز يابس؟
وحينما تنتظر قدوم ذلك المصلح الأعظم، ألا تصلح مجتمعك؟ أم تسكت على مايفعله الحاكمون الظالمون؟
وإذا كنت تنتظر الذي يأتي لكي يرفع القرآن، فهل تسكت على من يهين القرآن اليوم؟
إن إنتظار الفرج هو - في الحقيقة - تهيئة لكل وسائل الإمام المهدي (عجل الله فرجه)، بإصلاح النفس وإصلاح الناس، وبالعمل بما يقوله القرآن، وبما يريده الإسلام، ولذلك كان هذا العمل هو من أفضل أعمال أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
وبكلمة.. إن الإنتظار هو الإنتظار التغييري الثوري.
اضافةتعليق
التعليقات