عندما تمزق ثوبي ركضت باحثة عنها لتخيط ثوبي بعد ذلك عرفت أنها لم تخيط الملابس الممزقة فقط حتى الأرواح المتعبة تسكن عندما تمرر يديها نحوها ، هكذا عرفت معنى كلمة الأم الشخص الوحيد الذي مهما يكبر الانسان يشعر بأنه صغير في محضرها ، الشخص الوحيد الذي يتحمل كل شيء لأجل أطفالها .
كما قال مولانا زين العابدين (عليه السلام): أنها حملتك، حيث لا يحمل أحد أحداً، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحداً.. وأنها وقتك بسمعها وبصرها، ويدها ورجلها وشعرها وبشرها، وجميع جوارحها، مستبشرة بذلك، فرحة موبلة.. محتملة لما فيه مكروهها، وألمها، وثقلها وغمها.. حتى دفعتها عنك يد القدرة، وأخرجتك إلى الأرض.. فرضيت أن تشبع وتجوع هي، وتكسوك وتعرى، وترويك وتظمأ، وتضحى وتنعمك ببؤسها، وتلذذك بالنوم بأرقها.. وكان بطنها لك وعاءً، وحجرها لك حواءً، وثديها لك سقاءً، ونفسها لك وقاءً، تباشر حر الدنيا وبردها لك، ودونك.. فتشكرها على قدر ذلك، ولا تقدر عليه إلا بعون الله وتوفيقه…
لو ندقق النظر في كلام الامام (عليه السلام) ونفكر فقط في قوله لاتقدر عليه الا بعون الله وتوفيقه سندرك عظم تقصيرنا و اننا مهما قدمنا و مهما فعلنا لأجلهن لا نستطيع أن نوفي حق الأمهات .
هناك آلاف الكتب والمقالات عن أهمية دور الأم وآلاف الأبيات الشعرية نثرت في حقها والتاريخ أعظم خبير يرشدنا عن دورالأم في سعادة أو شقاء أبناءها .
فقد كتبوا عن ذلك المجرم الذي أرادوا أن يشنقوه ، في لحظاته الأخيرة سألوه عن آخر طلب له فطلب أمه و بعد ذلك أخبرهم بأنها هي سبب وقوفه هنا فوق منصة الاعدام، فهي من شجعته على السرقة منذ الصغر عندما سرق بيضة الدجاجة من الجيران و بعد ذلك شجعته كلما أتى بشيء جديد دون أن تعرف المصدر.
و عند ذكر النماذج الصالحة نستطيع أن نسلط الضوء على عزيزة الزهراء أم البنين (سلام الله عليهما) . فهي من روضت نفسها لتقدم للبشرية الأعجوبة العظمى العباس (عليه السلام) ناصر الحسين (عليه السلام). فدور الأم أكبر و أعظم من أن نضعه في سطور متواضعة .
لماذا قيل فاطمة سلام الله عليها أم أبيها ؟
انها مقصود النبي صلى الله عليه واله ، الأب اذا وجد غايته في أحد أولاده سيكون هذا الولد أم للأب لأنه يلخص وجود الأب ليس الوجود الجسدي وانما يجسد صفات وفضائل الأب لذلك يعبر عنه بالأم دون سائر الاولاد عند العرب الوجود الذي يتلخص في وجود آخر يعبرون عنه بالأم لأن هذا هو مقصود الأب ، كل أب يقصد أن تتلخص صفاته و خصوصياته في الحياة فاذا تلخصت في اولاده كان هو القصد ، اذ لاريب ولا شك ان نور النبي صلى الله عليه واله تلخص في نور فاطمة سلام الله عليها.
بل وجوده الجسدي تلخص في وجود فاطمة سلام الله عليها وهذا الكلام مستقى من الروايات الكثيرة ، هي ليست ام النبي صلى الله عليه واله فقط بل أم اميرالمؤمنين عليه السلام لان اميرالمؤمنين هو نفس النبي صلى الله عليه واله وجوده ، وجوده و نوره، نوره ، فاطمة سلام الله عليها ام لأبيها وام لبعلها أيضا وهي أم أولادها فهو أمر جلي و واضح ، هي ام لسيد الأنبياء و ام لسيد الأوصياء، هي مقصد النبي و مقصد الوصي وسبب خلقهما.
وهناك معنى ثاني : يقرا الأم بالفتح أَمّ أبيها القصد لاريب في ان النبي صلى الله عليه كان يقصد فاطمة سلام الله عليها ومايحصل فيه من البركات والعنايات في محضرها لايحصل في محضر اخر لأن رضاها رضا الله هي حوراء انسية تفاحة من الجنة ولاشك في ان ما يقصده النبي صلى الله عليه هو مزيد الرضا الالهي وروحه الملكوتية تتشوق الى الجنة والى ريحها.
والمعنى الثالث: الأم هي الأصل في اللغة ام العسكر يعني مركزه و أصله وملجأ الجيش وملاذه بعض اللغويين عرف الام بهذا المعنى ، ام ابيها لانها الراية العظمى للدين و بنصرتها ينتصر الدين و بانكسارها ينكسر الدين و المتدينون بهذا تلدين .
الهزيمة والانتصار في دين النبي محمد صلى الله عليه واله يدور مدار فاطمة صلوات الله عليها، نصرتها نصرة الدين وانتصاره، وانكسارها انكسار الدين وهزيمته ايضا*١.
فاطمة سلام الله عليها هي المحور
عن الصادق عليه السلام في حديث طويل قال: قال جابر لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك يا بن رسول الله حدثني بحديث في فضل جدتك فاطمة إذا أنا حدثت به الشيعة فرحوا بذلك، قال أبو جعفر عليه السلام: حدثني أبي، عن جدي، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إذا كان يوم القيامة نصب للأنبياء والرسل منابر من نور فيكون منبري أعلى منابرهم يوم القيامة…..
فيقول الله تبارك وتعالى: يا أهل الجمع لمن الكرم اليوم؟ فيقول محمد وعلي والحسن والحسين: لله الواحد القهار، فيقول الله تعالى: يا أهل الجمع إني قد جعلت الكرم لمحمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة، يا أهل الجمع طأطؤوا الرؤوس وغضوا الابصار فإن هذه فاطمة تسير إلى الجنة، فيأتيها جبرئيل بناقة من نوق الجنة مدبحة الجنبين، خطامها من اللؤلؤ الرطب، عليها رحل من المرجان، فتناخ بين يديها فتركبها، فيبعث الله مائة ألف ملك ليسيروا عن يمينها، ويبعث إليها مائة ألف ملك ليسيروا عن يسارها ويبعث إليها مائة ألف ملك يحملونها على أجنحتهم حتى يصيروها على باب الجنة، فإذا صارت عند باب الجنة تلتفت، فيقول الله: يا بنت حبيبي ما التفاتك وقد أمرت بك إلى جنتي؟ فتقول: يا رب أحببت أن يعرف قدري في مثل هذا اليوم، فيقول الله: يا بنت حبيبي ارجعي فانظري من كان في قلبه حب لك أو لاحد من ذريتك خذي بيده فأدخليه، الجنة، قال أبو جعفر عليه السلام: والله يا جابر إنها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبيها كما يلتقط الطير الحب الجيد من الحب الردئ، فإذا صار شيعتها معها عند باب الجنة يلقي الله في قلوبهم أن يلتفتوا، فإذا التفتوا يقول الله: يا أحبائي ما التفاتكم وقد شفعت فيكم فاطمة بنت حبيبي؟ فيقولون: يا رب أحببنا أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم، فيقول الله: يا أحبائي ارجعوا وانظروا من أحبكم لحب فاطمة، انظروا من أطعمكم لحب فاطمة، انظروا من كساكم لحب فاطمة، انظروا من سقاكم شربة في حب فاطمة، انظروا من رد عنكم غيبة في حب فاطمة فخذوا بيده وأدخلوه الجنة، قال أبو جعفر عليه السلام: والله لا يبقى في الناس إلا شاك أو كافر أو منافق فإذا صاروا بين الطبقات نادوا كما قال الله تعالى: "فمالنا من شافعين ولا صديق حميم " فيقولون: فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين " قال أبو جعفر عليه السلام: هيهات هيهات منعوا ما طلبوا " ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون "١
هي المحور سلام الله عليها ولها حق الأمومة على الجميع بيديها الحنينتين تمسح غبار الجهل عن العقول و تزيل الهموم عن الأرواح اذا لا نستطيع أن ندفع حق الأم التي ولدتنا كيف نستطيع أن نوفي حق الأم التي أوجدتنا !
هي الأم التي مهما فعلنا لا نستطيع أن نوفي حق من حقوقها هي المصدر،هي المقصد و هي الحياة ، يا ترى كيف نبر بأمنا القدسية؟ وسبب وجودنا؟
ماهي الخطوات التي نخطوها لرسم البسمة على شفاهها ؟
ياترى ما أعظم شيء يفرحها ؟ ربما ستردد، الدعاء لتعجيل الفرج كي يحصل كل ذي حق على حقه !.
اضافةتعليق
التعليقات