تتجدد المراسم في كل أيام السنة في الأفراح والمناسبات الدينية الحزينة والمفرحة، وغيرها؛ وكانت ولازالت عقائد راسخة في عقولنا وسلوكنا، لأنها تعيش في أرواحنا وتسري ذكراها في دمائنا وأجسادنا وتتركز في عقولنا لتصبح دروسها وعبرها للأجيال القادمة منهج حياتنا وحياتهم وبرنامج عملنا وعملهم، ومثلما كانت منهجا للمسلمين والبشرية من قبلنا ستكون كذلك منهجا للمسلمين بجميع مذاهبهم، والبشرية من بعدنا حتى قيام الساعة.
ومن جملة هذهِ المناسبات ولادة السيدة فاطمة الزهراء الكوثر الفياض التي تزهر لأهل السماء كما تزهر النجوم لأهل الأرض، يُستفاد من جملة الأحاديث والأخبار أن فاطمة {عليها السلام} عرفت بالزهراء لجمال هيئتها والنور الساطع في غرّتها ، فهي مزهرة كالشمس الضاحية ، ومشرقة كالقمر المنير. وسُئل الإمام الصادق {عليه السلام} ،عن فاطمة {عليها السلام} لِمَ سمّيت الزهراء؟ فقال {عليه السلام} : « لأنها كانت إذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء ،كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض » . وسأل أبو هاشم الجعفري رضي الله عنه{، صاحب العسكر {عليه السلام {،لِمَ سميت فاطمة {عليها السلام{،الزهراء؟ فقال: « كان وجهها يزهر لأمير المؤمنين {عليه السلام} من أول النهار كالشمس الضاحية ، وعند الزوال كالقمر المنير ، وعند غروب الشمس كالكوكب الدرّي ». قال ابن الأثير: الزهراء : تأنيث الأزهر، وهو النيّر المُشرق من الألوان ، ويراد به إشراق نور إيمانها ، وإضاءته على إيمان غيرها. وقال المناوي : سميت بالزهراء لأنها زهرة المصطفى {صلى الله عليه وآله وسلم. وارتجزت بعض أزواج النبي {صلى الله عليه وآله وسلم} في زفاف الزهراء {عليها السلام{، قائلة : الزهراء سيدة نساء العالمين وبضعة سيد المرسلين ومشكاة أنوار أئمة الدين وزوجة أشرف الوصيين البتول العذراء ، والإنسية الحوراء فاطمة الزهراء {صلوات الله عليها} وعلى أبيها وبعلها و بنيها ما قامت الأرض و السماء، قال النبي هي الحوراء الإنسية، والحوراء نسبة إلى الحور العين في الجنة،{ ولأن نطفتها تكونت من ثمار الجنة }. والزهراء البتول {عليها السلام} : لأنها تبتلت عن دماء النساء . قال الرسول الأعظم {ص} لم أرَ في الجنّة أحسن منها ولا أبيض وَرَقاً ولا أطيب ثمرة، فتناولتُ فصارت نُطفةً في صُلبي.
الزهراء سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، كانت أشبه الناس كلاماً وحديثاً برسول الله {صلى الله عليه وآله} تحكي شيمتها شيمته، وما تخرم مشيتها مشيته. هذه المرأة العظيمة التي ملأت الدنيا نورا وبهجة، وكرست كل حياتها القصيرة تلك لإعلاء كلمة الله عز وجل حتى لو كان ذلك على حساب مآسيها ومصائبها التي تحملتها بعد شهادة أبيها { صلوات الله عليه وآله} وسعت لكي ترشد الإنسانية الحائرة إلى كمالها المفقود، أضاء نورُ فاطمة الزهراء {عليها السلام} يومَ وُلدِت، فأضاءت بُيوتات مكّة بنورها القُدسي، بل لم يَبقَ في شرق الأرض ولا غربها موضعٌ إلاّ أشرق فيه ذلك النور.
استمرّ نورها، حتّى إذا قامت في محرابها بين يَدَي ربّها، زَهرَ نورُها لملائكة السماء، ودَخَل هذا النورُ يوماً من مُلاءتها إلى بيتِ يَهوديٍّ فأسلم به خَلْقٌ كثيرٌ من اليهود. وغلَبَ هذا النورُ وأضاء، فأضاءت به السماواتُ والأرضون، كذلك أضاءت به قلوبُ المحبّين على مدى السنوات والقرون والأجيال.
في أُفُقِ المجدِ هيَ الزهراءُ للشمسِ مِن زهرتها الضياءُ بل هيَ نورُ عالَمِ الأنـوارِ ومَطلعُ الشموسِ والأقمـارِ. عن أبي أيّوب الأنصاري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « لَمّا خَلَق الله عزّوجلّ الجنّةَ خَلَقها مِن نور عرشه، ثمّ أخذ من ذلك النور فغَرَقه { وفي نسخة: فقذفه}، فأصابني ثُلُثُ النور، وأصاب فاطمة ثلثُ النور، وأصاب عليّاً وأهلَ بيته ثلثُ النور، فَمَن أصابه من ذلك النور اهتدى إلى ولاية آل محمّد، ومَن لم يُصبه من ذلك النور ضَلّ عن ولاية آل محمّد » { الخصال للشيخ الصدوق باب الثلاثة، عنه: بحار الأنوار إلى ولاية آل محمّد، ومَن لم يُصبه من ذلك النور ضَلّ عن ولاية آل محمّد ، ورد في صحيح البخاري: فاطمة بَضعة مني، فمن أغضبها أغضبني {النبي الأعظم{ص}: في صحيح مسلم: قال رسول الله {ص}: فإنما ابنتي بَضْعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها. وبلفظ آخر: إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها. عـنـه {ص}: وهي نور عيني , وثمرة فؤادي , يسوؤني ما ساءها ,ويسرني ما سرها ، وَإنَّهَا أَوَّلُ مَنْ يَلْحَقُنِي مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَأَحْسِنْ إلَيْهَا بَعْدِي.
اضافةتعليق
التعليقات