عندما يُذكّر لك الصلاة يتبادر إلى ذهن الكثير إنَّ الصلاة الجيدة هي الصلاة التي تنهمر فيها الدموع وترتجف فيها من خشية الله والخوف منه من أولها إلى آخرها ويتحدث فيها الشخص مباشرةً مع الله.... إلى آخره.
لكن اسمح لي أن أوضح الصلاة الجيدة بنظري وفي مرحلتها الأولى .لأكتبْ لك رواية نورانية من باب أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر :
جاؤوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قالوا : يارسول الله ذلك الشاب الذي يصلي خلفك ينظر إلى أعراض الناس ولديه ذنوب من هذا القبيل عذراً هل يمكن أن تنصحهُ ليترك ذنوبهُ بما أنهُ يصلي خلفك..
فقالَ الرسول: قلتم يصلي خلفي
قالوا: نعم
قال: الصلاة سوف تصلحهُ ولايحتاج لشئ آخر فأتركوه.
سأبين لك التالي.. إذا رأيتَ نقصاً في أيَّ جانب من حياتك، نقص مادي، نقص معنوي، نقص روحي وجسدي، أول عمل تقوم بهِ هو أن تراجع صلاتك..
فالإنسان يواجه مشاكل ويتعرض لحوادث، فإذا أحسست أن المشاكل لا يجب أن تؤذيك هكذا فإعلم إنكَ مقصر.. فالإنسان يبتلى بالتفكير في الذنوب ومكائد إبليس وأمور تحرضك عن توازنك وتصبح في حالة تيه وسوء، إذا وجدت الأمراض النفسية والروحية في نفسك، إذا بدأت ذاكرتك تضعف... راجع صلاتك لترى ماذا يجب أن تفعل لها، أداة تنظيم روحك هي الصلاة.
الصلاة بنظري ليست للآخرة، الصلاة لإعمار دنيا الإنسان .أحياناً يكون للإنسان مزاج للعبادة وأحياناً لايكون لديهِ مزاج؛ يقول المولى علي (عليه السلام): إنَّ للقلوب إقبالاً وأدبارا.
الصلاة في مرحلتها الأولى هي "رعــايـــة للأدب "وليست أن تهيم عشقاً بها. أولى مراحل الأدب أقم الصلاة في أوقاتها الصلاة في وقتها لها طـاقـة كـونـيـة، ومن لا يحتاج طاقة كونية ليكمل يومه بها؟ .
فالطاقة لها مواقيت عند النزول فيجب أن أكون جاهزاً للاستقبال. قال الرسول (صلى الله عليه وآله): للمصلي حب الملائكة وهدى وإيمان ونور المعرفة .
الصلاة المؤدبة في أول الوقت المشحونة والمملوءة بجهاد النفس ترفع قدرتك على مواجهة مصاعب الحياة، جاهد نفسك للعبادات، البعض لا يجاهد نفسه ولا ينازعها من أجل الصلاة التي هي عمود الدين ثم يدعو ويقول: إلٰهي عجل في فرج صاحب الزمان! لكن إذا ظهر صاحب الزمان يجب أن تذهب للجهاد في الوقت الذي لا تخصص فيهِ دقيقتين لله وللصلاة، وتريد أن تكون في ركاب صاحب الزمان وتضحى بروحك لله ((وللحسين "ع"))؟!
في مرحلتنا الثانية: توضأ بهدوء وأدب وقف لله، لاحظ أن في الصلاة تقرأ القرآن واقفاً وإذا بدأت بالركوع والسجود لا تقرأ القرآن بل تدخل في التسبيحات، لماذا؟
لأنك عندما تكون واقفا هنالك مايسمى فتحة للطاقة في أعلى الرأس، الأقرب إلى الدماغ والعقل، فتحة تخص الرحمن فقط حتى إبليس لا يستطيع دخولها حيث يقول إبليس "ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ" لماذا لم يقل من الأعلى لأنها تخص الرحمن (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ).
هنالك حبل بين الانسان وربه .لا تقرأ وأنت شارد الذهن تؤدي الصلاة فقط فالله لم يقل أدوا الصلاة قال الله: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ).
وقال الله (حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ). على الأقل افهم ماتقول، وأنت واقف في محضر الله ليس من الأدب أن تفكر في مشاكلك وأحداثك، إخلع مشاكلك كما تخلع حذائك عند دخولك إلى الحرم والضريح المقدس .
خلال الصلاة لا تحك رأسك فهذا مخالف للأدب، لا تنظر يميناً وشمالاً.. رعاية الأدب مهم لهذه الدرجة .
عندما تسجد إلى أين يجب أن تتجه عينيك؟ موضع السجود تكون للتربة.
عندما تركع إذا وجهت عينيك إلى التربة سوف يرتفع جفنك إلى الأعلى وهذا مخالف للأدب، لا ترفع عينيك في محضر الله في تلك اللحظة يجب أن تتجه عينيك إلى أقدامك.
عند التشهد إذا اتجهت عينيك إلى التربة ستتوسع زاوية العين، فقط في حالة الوقوف تنظر إلى التربة لاحظ كيف تكون الزاوية ولكن عند الجلوس انظر إلى ركبتيك، راعِ الأدب، ويجب أن يظهر هذا التقبل والخضوع والتواضع على تعابير وجهك.
لتتكامل وتصقل روحك. أصلح صلاتك وكل أمورك ستصلح وإطاعة التكليف الألٰهي بأكمل وجه فأداة تنظيم روحك وحياتك هي الصلاة .
اضافةتعليق
التعليقات