ليس سهلا أن تخرج شخص مهم من حياتك وتبقى سالما، بغض النظر عن أسباب الانفصال إن كانت بإرادتك أو مفروضة عليك فالنتيجة واحدة ما دامت روابط المحبة والعطف جمعتكم يوما.
مهما بلغ إحساس التقبل أو الانتصار الذي يكتنفك بعد هذا القرار، حتما ستهزك وتألمك مشاعر الود التي كنت تكنها له، وتصوب الذكريات الممتعة سهامها وتخرق أفكارك، ربما ستجبرك على إعادة حساباتك ومراجعة نفسك، وتدخل في دوامة التفكير المفرط، ويحمل حوارك الداخلي خليطا من المشاعر المتعبة، ومهما حاولت الشكوى يبقى الجرح لا يؤلم إلا صاحبه.
تزيد المقاومة أو تخف بحسب أهمية ذلك الشخص وأسباب الانفصال، وتقف أمام أمرين لتصل للسلام الداخلي الذي تنشده، فأما الرجوع مصحوب بنسبة تنازل وإصلاح العلاقة وترميم ما قد انهدم، أو تختار الابتعاد وتدثير كل ما يربطك به بواجباتك ومسؤولياتك اليومية أملا أنها ستختنق وتموت، كي لا تستنزف طاقتك.
في حالات ما بعد الطلاق يتعثر الانسان كثيرا في خططه وأفكاره، وصنفت من الظواهر السلبية المدمرة للترابط الاجتماعي ولها آثار جسيمة على الصحة النفسية على الرغم أن حالات الطلاق تزداد في الآونة الأخيرة، ويعتبرها الكثير ضرورة لا محيد عنها.
المرأة لها حصة الأسد في هذه المعاناة، وهو ما يجهله أو يستمر في تجاهله المجتمع الشرقي، فيما يختلف الأمر في أوربا مع أن هناك اختلافا كبيرا بين المرأة العربية وحياة الأوربية من نواحي كثيرة أهمها الحقوق الدستورية والمجتمعية، إلا أنهم أولوا اهتمام واسع لنفسية المرأة عند الطلاق، كان منها دراسة دنماركية حديثة صادرة عن جامعة كوبنهاجن، ذكرت أن الطلاق السريع يترك آثارا سلبية عميقة على الصحة العقلية والجسدية للنساء مقارنة بالرجال، طبقت هذه الدراسة على بيانات 1856 امرأة مطلقة حديثاً، وتم إجراء استبيان حول خلفية هؤلاء النسوة وصحتهن وتوقيت طلاقهن، ووجدوا أن الطلاق تسبب بأضرار نفسية وجسدية بنسبة أعلى من الرجال.
وتجربة سابقة أثبتت أن الجينات التي توجد في الدماغ هي من الأمور الأساسية التي تحدد الاختلافات بين كل من نفسية المرأة ونفسية الرجل. وقد تبين أن مئات الجينات الموجودة في دماغ كل من المرأة والرجل تعمل بطريقة تختلف عن الأخرى. بينت أن النساء يبدين شفقة ورحمة أكثر من الرجال. كما تبين أن الرجال أكثر تحمساً لخوض المجازفات من النساء، وهو أحد أسباب معاناتهن.
في مجتمعاتنا الأحكام لا تفرق بين الرجل والمرأة، وبعيدة عن الدقة وقواعد الحكم العادل المبني على تطور المفاهيم.
فالأحكام تبنى حسب الصورة النمطية لنجاح الأشخاص المعدة سلفا منذ عشرات السنين، ولهذا دائما أصابع الاتهام توجه للطرف الضعيف والغلبة للقوي دون النظر بطريقة واعية لتفاصيل الاختلاف التي هدمت علاقتهم.
فسؤالهم الجوهري ما بعد الانفصال، من الذي كون عائلة جديدة وما هو مستواه المادي ليكون الحكم في كفته ويصبح في نظرهم هو الناجح والطرف الآخر هو الفاشل، ويضعون أصابعهم في آذانهم إفلاتا من استيعاب وفهم مشاعر المرأة وانكساراتها بعد الانفصال، وما تواجهه من صعوبات لتصعد سلم النجاح بالطريقة الصحيحة في مجتمع ذكوري نعيشه لا يسمح لها بتكوين عائلة أو حصول على عمل وبناء مستوى مادي دون مساندة رجل.
اضافةتعليق
التعليقات