سؤال يطرح نفسه، ما الذي يؤدي إلى وصول الانسان لهذه المرحلة من الإستسلام فيلجأ إلى الكشافين كما يسمونهم لطلب الحلول وتفسير مايحدث!؟
باتت هذه الظاهرة تنتشر مؤخرًا بشكل كبير فنلاحظ الكثير ممن يهرعون إليهم لتهدئة أرواحهم التائهة وللوصول إلى الراحة المؤقتة التي تكون كالمخدر لتلك الأرواح المريضة.
تُعتبر الخرافات والمعتقدات الأسطورية في المجتمعات المهدورة نوعاً من الملجأ الروحي والعاطفي الذي يتمسك به الناس في محاولة لإستعادة النظام والسيطرة في عالمهم العشوائي المضطرب!.
ظاهرة من الظواهر السلبية التي تشكل خطراً على الفرد والمجتمع، فلجوء بعض الناس إلى الكهنة والعرافين لحل مشاكلهم وتلبية حاجاتهم، اعتقاداً منهم بقدرة هؤلاء الأشخاص على جلب الحظ أو دفع الضرر عنهم يُقلل من إيمانهم بالله ويقينهم به.
الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة
الجهل: فالجهل هو العامل الأساسي الذي يدفع الناس إلى تصديق الخرافات والأباطيل، وعدم إدراكهم لحقيقة هؤلاء الأشخاص الذين يدّعون القدرة على حل المشاكل وتلبية الحاجات.
اليأس والإحباط: يلجأ بعض الناس إلى الكهنة والعرافين في حالات اليأس والإحباط، عندما يفقدون الأمل في إيجاد حلول لمشاكلهم بطرق طبيعية وعقلانية.
الضعف النفسي: يعاني بعض الناس من ضعف في الشخصية وعدم القدرة على اتخاذ القرارات، مما يجعلهم أكثر عرضة للتأثير من قبل الكهنة والعرافين الذين يستغلون ضعفهم وحاجتهم للمساعدة.
المشاكل الاجتماعية والاقتصادية: تواجه العديد من المجتمعات مشاكل اجتماعية واقتصادية تؤدي إلى زيادة الشعور بالإحباط واليأس، مما يدفع بعض الناس إلى البحث عن حلول سريعة وسهلة عن طريق الكهنة والعرافين.
غياب الوعي الديني: ضعف الوازع الديني وعدم الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي الصحيح، يدفع بعض الناس إلى تصديق الخرافات والأباطيل واللجوء إليهم.
أما المخاطر فكثيرة أولها
النصب والاحتيال: يعتمد الكهنة والعرافون على أساليب النصب والاحتيال لخداع الناس وسلب أموالهم، مما يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة للضحايا.
ولا نستبعد الوصول إلى الشرك بالله إضافة إلى المشاكل النفسية والاجتماعية.
استطيع تفسير هذه الظاهرة على أنها تنم عن نسبة عالية من الجهل إضافة إلى تراكم المشاكل، إذ أن الإنسان بطبيعته يبحث عن طرق لتخفيف حدة القلق الناتج عن الغموض وعدم اليقين، وهنا يأتي دور الخرافة كآلية دفاعية يستخدمها العقل لإعادة بناء السياق المفقود وتقديم تفسيرات مُريحة للأحداث الغير مفهومة!
لعلماء الاجتماع رأي، يعتقدون أن هذه الطقوس والمعتقدات كأدوات للحل والسلام الإجتماعي، فقد تُعطي البشر شعوراً بالراحة في ظل الانهيارات الحضارية لذلك تجد الكثير منهم من يتمسك بهم ويدافع عنهم بشراسة.!
على سبيل المثال في مجتمع يعاني من الحروب والكوارث مثل العراق، قد يجد الناس في الشخصيات الروحانية كالكشافين، سلطة معنوية تقدم لهم الراحة والأمان، يُعتبر هؤلاء الناس وسطاء بين الإنسان والقوى الأكبر منه التي يُفترض أن لها القدرة على تحقيق التوازن الروحي والشفاء المعنوي لهم!
هناك بحث لعلماء النفس والأعصاب في جامعة لندن، يرون أن الخرافات تعمل على مستويات عدة من الوعي، حيث تقوم بدور مهدئ للنفس من خلال توفير الإجابات الجاهزة التي تُبسط الواقع المعقد وتُقلل من الإجهاد الناتج عن الغموض. فالإنسان بطبيعته يميل إلى رفض الفوضى ويسعى إلى تفسير العالم من حوله بطرق تحافظ على النظام والتماسك الذهني.
لا ننكر أن هناك ممن يستطيع حل مشكلة ما مثل السحر فقد ذُكر السحر في القرآن الكريم ولابد أن نكون يقظين في إختيار ممن يكون وسيلة لعلاج السحر فالنتيجة تبقى بيد الله ومشيئته إن شاء وما هو إلا وسيلة.
أما المشاكل والصعوبات فهي جزء من الحياة، وهي اختبار من الله تعالى لعباده، فبدلاً من اللجوء إلى الكهنة والعرافين، علينا بالتوجه إلى الله تعالى بالدعاء والاستغفار، والعمل بالأسباب الشرعية التي شرعها الله تعالى لحل المشاكل وتيسير الأمور. ونتذكر قول الله تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" (الطلاق: 2-3).
نسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً إلى صراطه المستقيم، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن..
اضافةتعليق
التعليقات