عالم التكنولوجيا المبهر يوما بعد يخفف من الأعباء التي يقوم بها الأفراد، وعلى مستوى البناء فقد صمم علماء روبوتات ومهندسون معماريون في مدينة زيوريخ بسويسرا عامل بناء آلياً يمكنه التجول في موقع بناء، ووضع الطوب في أبنية معمارية مبرمجة سابقا.
ويعتقد المصممون في "المركز الوطني السويسري للاختصاص في أبحاث التصنيع الرقمي" أنه يمكن استخدام جيل مستقبلي من هذا الروبوت في مواقع البناء على نطاق واسع.
ويقول المهندس المعماري والأستاذ المشرف على فريق البحث ماثياس كوهلر _نقلا عن رويترز_ إن هذا الروبوت يعتبر أول آلة يمكنها فعليا الذهاب إلى مواقع الإنشاءات وبناء تصاميم غير قياسية وهي التصاميم المتنوعة، وأن تتكيف مع الظروف المحلية مباشرة في موقع البناء.
ويتألف الروبوت من ذراع صناعية مثبتة على قاعدة متحركة، وهو مصمم ليقوم بذاته دون الحاجة إلى أنظمة تحكم خارجية، ومزود بمجس ليزر ثنائي الأبعاد موصول بحاسوب للمساعدة في رسم خريطة ثلاثية الأبعاد لموقع العمل.
وتسمح الخريطة للروبوت بمعرفة موقعه في كافة الأوقات والتحرك في محيط موقع الإنشاء دون مساعدة، كما يمكنه التكيف تلقائيا مع التغيرات الصغيرة في التصميم.
ويقول العلماء إن الروبوت يضم عددا من المستشعرات يمكنها قياس المسافة، كما يملك وحدة لقياس وجهة الروبوت في الفضاء المحيط، وكاميرات. وبدمج كل هذه التقنيات معا، يعرف الروبوت موقعه في المكان.
وإلى جانب ما سبق، يضم الروبوت حاسوبين أحدهما للتحكم بالذراع والآخر للتحكم بالروبوت ككل، ومن خلالهما يحسب العلماء عبر الإنترنت المعلومات اللازمة للروبوت كي يتحرك ويعرف مكانه.
ويؤكد العلماء أن للروبوت البنّاء فوائد عديدة أقلها تقليص وقت التخطيط الضروري قبل عملية البناء ويعتقد كوهلر أنه في غضون السنوات الخمس إلى العشر المقبلة سنشاهد روبوتات متحركة في مواقع الإنشاءات، لكنه يؤكد أنها لن تحل محل البشر وإنما ستتعاون معهم، بحيث تندمج معا أفضلُ المهارات من كلا الجانبين.
وفي هذا الجانب يطور الباحثون أضا منصةً روبوتية متحركة، تسمى هاسكي إيه-200، قد تستخدم في تنفيذ المهام اللوجستية في مواقع البناء.
وينضم هذا الروبوت إلى مشاريع عديدة ينفذها مركز فرونهوفر إيطاليا للابتكار الهندسي لسد الفجوة بين عالم الروبوتات وقطاع البناء، ويطور باحثو المركز برمجيات تتيح للروبوت الحركة في مواقع البناء بطريقةٍ ذاتية القيادة.
وأدت زيادة الطلب على الوحدات السكنية إلى التوسع في المشاريع العملاقة وزيادة الحاجة إلى حلول مبتكرة توفر الوقت والمال خلال تنفيذ المهام اللوجستية في هذه المشاريع. ولذا يعمل مركز فرونهوفر إيطاليا للابتكار الهندسي على تطوير ذلك وتسريع اتخاذ القرارات خلال عملية البناء. ويستخدم المركز تقنيةً نمذجة معلومات المباني لتطوير برمجيات وواجهات تدعم هذه الحلول.
وتقدم تقنية نمذجة معلومات المباني بيانات عن المهندسين وملاك المبنى وعمال البناء والفنيين ومديري المنشأة بالإضافة إلى نموذج رقمي عن المبنى طوال دورة حياته. وقال مايكل تيرزر، الباحث في مركز الابتكار الهندسي إن فريقه يسعى إلى توطين تقنية نمذجة معلومات المباني في مقاطعة جنوب تيرول الإيطالية، واستخدام التخطيط الرقمي في مواقع البناء، ويهدف أيضًا إلى سد الفجوة بين عالم الروبوتات وقطاع البناء.
ويعمل الفريق حاليًا على مشروع يسمى روس بيم، لتطوير واجهة برمجية تربط بين تقنية نمذجة معلومات المباني وأنظمة تشغيل الروبوتات. وطور الفريق نموذجًا تجريبيًا من هذا النظام واختبروه على أحد روبوتاتها المتحركة. وأوضح الفريق أن هذه الواجهة تصلح لجميع أنواع الروبوتات إن كان نظام تشغيلها يدعم لغات برمجة متعددة.
وتستخدم الواجهة تنسيقًا للملفات يساعد على إيصال جميع المعلومات الرقمية عن الأشياء الموجودة في موقع البناء إلى الروبوت. وقال تيرزر إن موقع البناء يتغير باستمرار، ولذا تستقبل واجهة روس بيم بيانات لحظية عن العوائق الموجودة في مسار الروبوت والتي ربما لا تستطيع حساساته تحديد مكانها، ما يساعده في رسم خريطة تُحَدث باستمرار عن العوائق الموجودة في موقع البناء وتجنبها.
وقالت كارمن ماركر، قائدة هندسة العمليات في الفريق، أن الرقمنة تقدم فرصًا غير مسبوقة في مجال البناء. وتمثل تقنية نمذجة معلومات المباني جزءًا رئيسًا من رقمنة عملية البناء. وتمثل واجهة ربط هذه التقنية المبتكرة مع الروبوتات إحدى الفرص التي تقدمها الرقمنة.
وأوضحت التجربة أن الواجهة ساعدت الروبوت على نقل مواد البناء والأدوات الثقيلة داخل بيئة متغيرة تحاكي مواقع البناء، ما يساعد في تقليل العبء الملقى على كاهل العمال في تلك المواقع.
وقال تيرزر إن الواجهة وفرت خريطةً رقمية ساعدت الروبوت على الانتقال بين نقطتين بصورةٍ مؤتمتة. وأضاف إن هذه المنصة الروبوتية المتحركة قد تستخدم في تطبيقاتٍ عديدة خارج قطاع البناء منها مساعدة الفلاحين في المزارع.
اضافةتعليق
التعليقات