لم يكن الوقت مبكرا؛ كان الليل السديم يغطي المدينة الحمراء؛ المضمخة بالدم، كانت تنتظر الفجر الأبيض، من ذلك النور الذي سيملأها قسطا وعدلا.
إنه الموعود الذي سيأتي بأناشيد الأطفال وضحكات الكبار وابتسامة الفقراء.
كانت المدينة وكل من فيها يرتقب القادم من الشرق كالشمس، ووحدها بقيت تكتب قصصا وتمسح أخرى من دمعات الوجع والألم التي لم تكن بالحسبان. لماذا قدم هذا الغريب وهذا الغريب وهذا..
كنا قد اعتدنا على السرور والعمل والعلم، اعتدنا على الراحة والاستجمام والطمانينة أكان غيرنا خائفا؟! لم يكن هذا إلا في دائرة الخيال.
لم تتصور أن أحرفها الحمراء تتحقق في واقع أو هي من ترسمه في الوجود فالله وحده من يكتب ما يعجز الكتّاب أن يكتبوه وليس له امتداد أو ظل أو وجود في شخص سوى الامام.
كانت أول قصة نشرت لها انتصر فيها الدم على السيف والعلم على الجهل والتضحية والشجاعة والتعاون على مآثر كثيرة. وبقي العلم سلاحها الذي تفخر به وأدبها الذي نسجت به ضفائر الشمس الذهبية على أجنحة السحاب.
كانت رافضية منذ صغرها متمردة على القوانين حتى تحولت رمزا للمعارضة في شبابها وكهولتها التي لازال لحد الآن من يستأنس بغضبها.
أما الشيوخ فلهم رؤيتهم وحكمتهم بأن الدولة هي الحق ولا باطل سوى معارضتها لإرادة السماء المتجسدة بقوانينها الوضعية والشرعية.
كانت الجنة والشهادة طموحها الوثاب ومازال وكان الكفاح شعارها في الصباح والمساء إلى أن أفاقت من هذه السكرة من خلال كلمات سجين (مازلنا صغار).
ذلك البحر الذي تشتاقه ونسيمه الملحي وامتداده الأزرق علمها الكثير. سمع الكون الصرخة في ذلك العصر وانتظرت قدومه فجاء الحق وزهق الباطل.
ليست رؤيته وحدها بل الطمأنينة والأمان ما تنتظره البشرية لخلاصها.. ولطالما كان من ينتظر ولطالما كان هناك المنتظر ولطالما بعد العسر يسرا.. إنه الحنان السرمدي الذي اعتادت عليه..
إن من أصعب اللحظات لحظات قطاع الطرق بين الحبيب والمحبوب أو عواذل أو حساد لنعمة متاحة للوجود وفقدها لن يأتي بمثلها.
إن ذلك الفارس أمل لكنها تتساءل إن كان كل شخص يمثل أملا فلا مكان لليأس حينئذ.
لكنها قوة تحاول أن تفرض هيمنتها على قوى أو تشابه قوى أخرى تراها أو ترى قوتها أقل وهذا منطق الضعفاء.
كالغيث يأتي فتزهر الآمال، إن اللطف واللا عنف هو الحياة وليس القهر والاستعباد أو الفوضى في البلاد.
تعلمت من عمتها وأبيها أو ربما من أمها وأبيها هذه الأحجية الغريبة والخلطة العجيبة من ذلك النبع الأزلي رغم الخداع الذي لابد منه فهي تحبهم. كما الورود تسقى بماء فإن زاد أو نقص ذبلت..
مازالت تكتب قصتها الحياة التي ليس لها خيار سوى الاستمرار بالطواف أو السعي المتواصل للبقاء.
اضافةتعليق
التعليقات