أشرقت شمس وجودها.. تلك اللتي تدفء الكون والمكان ، الزمان والقلوب بعطائها و تعانق الجميع بحنانها من تكون وقفتها عطاء وصرختها صفعة على وجوه الطغاة.
وكيف لا تكون كذلك و هي وليدة بيت الوحي والطهارة بنت علي وفاطمة خلاصة النبوة والامامة، البيت المليء بالعطايا الربانية و العلوم اللدنية
والرعايات الخاصة، فقد قال في حقها مولانا زين العابدين: عمة انتِ بحمد الله عالمة غير معلمة و فهمة غير مفهمة.
ومن هنا ندرك عظمة شأنها و علو مقامها فلنترك الغيبيات و العطايا الخاصة في جانب ونتكلم عن بطولات امير الخيبر و فارس الشجعان و مظهر العجائب عن تلك البطولات اللتي حيرت العقول يا ترى كيف يكون تأثير هكذا أسوة في البيت؟
كيف يتربى الأطفال عند رؤية هذه الأسوة الصادقة في أفعالها والمخلصة في سكناتها و حركاتها؟
ذلك الشخص المبارك الذي يفدي بنفسه لأجل حبيبه و ينام في فراشه لينقذ حياته، وفي كل فصل من فصول حياته كرامات لا تعد ولا تحصى، كيف يتربى الأطفال عند رؤية نبي الله الأعظم الذي هو مثال الخير والتقوى الذي يصفه الله عزوجل قائلا: لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.
فقد حظيت بأن تجاور العظماء و تتغذى من ذلك النبع الصافي و تصل إلى أعلى مستويات العطاء و الشجاعة و نشر الرسالة، في كل لحظة من لحظات حياتها كانت ترى تلك البطولات الجبارة التي تعلمها كيف تتحرك و كيف تحارب و كيف تجاهد لأجل اعلاء كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله، فقد سمعت تلك الصرخات على الغاصبين و رأت كيف تدافع وحيدة النبي صلى الله عليه وآله عن امام زمانها و هكذا تعلمت كيف تضحي بحياتها من أجل التوحيد والنبوة والامامة فأصبحت امرأة لاتُهزم و سلاح لا يُخسر و دفاع لا يُهزم أصبحت زينب ...
قال الشيخ الصدّوق: " كان لزينب (عليها السلام) نيابة خاصة عن الحسين عليه السلام وكان الناس يرجعون إليها في الحلال والحرام".
كانت واثقة بنفسها و خطواتها وكان لها في الكوفة مجلس تعلّم فيه النساء وتهتم فيه بتفسير القرآن الكريم.
فقد ورد عن مولانا الامام زين العابدين (عليه السلام ): (لمّا أدخلوا السبايا الكوفة وأخذ الناس يبكون وينوحون لأجلهم، التفتت إليهم سيدتنا زينب (عليها السلام) وأومأت إليهم بالسكوت، فارتدت الأنفاس، وسكنت الأجراس، ثم خطبت عليهم خطبتها الشهيرة والتي قال عنها الراوي : فلم أرَ والله خَفِرة أنطق منها كأنما تنطق وتفرغ عن لسان أمير المؤمنين (عليه السلام ) وبعد أن انتهت من خطبتها على الناس، توجه إليها الإمام زين العابدين (عليه السلام ) قائلاً لها: (يا عمَّة؛ أنت بحمد الله عالمة غير معلَّمة، فهمة غير مفهَّمة). (بحار الأنوار ج 45 ص162).
فقد حظيت بأن تنال من تلك العلوم المباركة و تبين للناس عظمة الخالق و رحمته و كيف أنها تملك الصفات المحمودة والعلوم المباركة هبة من ربها وحظيت بأن تجاور العظماء وتكسب أجمل الصفات من تلك الشخصيات العظيمة فإنها جمعت بين عطايا الله الربانية و بين الصفات الاكتسابية التي اكتسبتها من خلال معاشرتها مع تلك النماذج الخيرة
ومن هنا نتعلم بأن الإنسان لديه دوافع تحركه في الحياة هكذا نتمسك بالله سبحانه وتعالى أكثر و نطلب المزيد من العلم و التوفيقات و العطايا المدهشة ونسعى لأجل التمسك بالأسوة المباركة التي تغير حياتنا نحو الأحسن و نسعى لأن نكون نعم الأسوة في حياة من حولنا.
هكذا نصل إلى أعلى مستويات العبودية و النجاح، عندما يجتمع العطاء الرباني مع الأخذ بالأسباب ستكون النتيجة معجزة. ستكون زينب..
أسوة للماضي و الحاضر والمستقبل
وهكذا نتعلم بأن نطلب المزيد من الله على الدوام ونطلب تغيير درجاتنا نحو الأفضل والأعلى مع الأخذ بالأسباب والتعلم من القدوات الحسنة.
سلام عليها حين ولدت وحين صرخت بأعلى صوتها دفاعا عن الحق وحين تبعث حية.
اضافةتعليق
التعليقات