من منا لا يودّ أن يكون من خيار العباد؟، الإجابة: الجميع يود ذلك ويرغب به.. لكن الكثير منا أيضا يخطئ الطريق بعد أن يضيع البوصلة.
لكل طريق علامات دالّة، واشارات توصل العابرين وتقربهم نحو أهدافهم. والنفس البشرية ميالة للخير وأهله بفطرتها النقية، لكنّ هوى النفس وعمل الشيطان وغوايته يحولان دون بلوغ المنى
وتحقيق المراد.
فالإحسان والشكر والعطاء والصبر والعفو كلها بلا استثناء في خانة الجمال؛ محببة إلى النفوس.. قريبة للقلوب، فما الداعي إذن لاستبدالها بصفات ابليس اللعين، والذي يقود حزبه ليكونوا من أصحاب السعير؟!
لو فكر العبد بعمق في نهجه، ورأى علامات الطريق ببصيرته، لاكتفى من زاده المعنوي زوّادة لأيامه المقبلة.
فها هم أئمتنا الأطهار يوضحون لنا مسارات الطريق بدلالات الحكمة وفصل الخطاب، لكي نستنير بنورهم ونقتفي آثارهم في هذا الباب وفي كل باب.. فآثارهم خير الآثار وعلومهم من لدن علم الملكوت، تحيي ميت القلوب وتعطف بها نحو الحي الذي لا يموت.
فلقد سئل الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام: من هم خيار العباد؟
فأجاب سلام الله عليه :
(الذين إذا أحسنوا استبشروا.. وإذا أساؤوا استغفروا.. وإذا أعطوا شكروا.. وإذا ابتلوا صبروا
وإذا غضبوا عفوا) ١.
إنها خارطة طريق لمن يبتغي سبيل الصالحين الأخيار.. وعلامات تهدي السائرين إلى خير دار.. خارطة طريق لي ولك، إن اهتدينا بعلاماتها فقد اهتدينا بنورها الأبلج، أما إذا تركناها خلفنا ظهريا، فاننا سنضيّع بوصلتنا ونتوه في صحراء الحياة القاحلة.
فيا أيها السائر نحو الكمال.. قف رويدك، لا تخطئ الطريق رجاءً، فأمامك علامات وخارطة وطريق..
فإذا أردت نيل البشائر ما عليك سوى الإحسان. وكما قيل: اصنع ﺍﻟﺨﻴﺮ وانثر بذاره في كل مكان، ﻭﻟﻴﻘﻊ حيث ﻳﻘﻊ، ﻓﺈﻥ ﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﺃﻫﻠﻪ ﻓﻬﻢ ﺃﻫﻠﻪ، ﻭﺇﻥ ﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﺃﻫﻠﻪ فأنت ﺃﻫﻠﻪ!
وليكن ديدنك الاستغفار، إذا زلّت الأقدام وتعثرت. أما إذا نلت مكرمة أو عطاء، فليكن لسانك رطبا بالشكر، لأنه سبيل الزيادة والبركة وطيب الذكر. أما الصبر فاتخذه رداؤك.. وكن في البلايا والغموم أيوب زمانك، ففي الصبر بلا شك دواؤك.
وأما العفو فإنه من أنبل الغايات وأجملها، لأنك إن عفوت وتجاوزت عن اساءات الآخرين، ستحصد عفو الإله الذي تتطلع نحوه وجوه كل المسيئين.. (... وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّـهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (٢).
وتذكّر دائما ولا يغيب عن حسبانك، أنك إذا عفوت عن عباد الله، فإن الله عزوجل يعفو عنك جزاءً وفاقا، في يوم تكون فيه أشد احتياجا للعفو من رب كريم.
اضافةتعليق
التعليقات