في معتركات الدنيا وفي خضم إنشغالاتها التي باتت تموج بأهلها كـ أمواج بحر عاتية تدور رحى الأيام فيها تطحنُ الدقائق لتفر من بين يديَّ صاحبها دون أن يعي حقيقة: يا ابن آدم إنما أنت أيام كلما مضى يوم ذهب بعضك..
وفي وسط هذا التخبط الذي نسيرُ فيه كـ الحائرُ في صحراء يبحثُ عن ظلالٍ يستظلُ تحتها تقودنا الفطرة السليمة ويجذبنا النور الأطهر لآل محمد صلوات الله عليهم لحياضهم فنجد النفس واقفة على بابهم مُثقَلَة تنادي أطعمونا على حبكم لله!
وتزامنا مع ذكرى شهادة صادق العتـرة صلوات الله عليهم أجمعين الذي أخذ على عاتقه المُقدس تأسيس المدرسة الجعفرية بسماتها الإلهية ومظاهرها الجلية والتي لو إنتسب الناس إليها قولاً وفعلاً لـ فازوا الفوز العظيم: لَوْ أَنَّ شِيعَتَنَا اسْتَقَامُوا لَصَافَحَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَلَأَظَلَّهُمُ الْغَمَامُ وَلَأَشْرَقُوا نَهَارًا وَلَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَلَمَا سَأَلُوا اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُمْ ..
أقامت جمعية المودة والإزدهار للتنمية النسوية ورشة بعنوان: (كيف أكون صادقياً) مُتناولة وصية الإمام الصادق عليه السلام لأحد أصحابه وهو عبد الله ابن جُندب واستلهام أهم العبر والدروس والأفكار التي جاءت بها وسط حضور متميز يحمل عقلاً مُتعطشاً لـ علوم آل الله الأطهار ودلك في 23 شوال 1442 الموافق 5/ 6/2021 في مقر الجمعية.
افتتحت الورشة الأُستاذة أم محسن معاش حيث قالت: إن هذه الوصية باختصار خطوات عملية تُعلمك كيف تصبح إنسانا بكل معنى الكلمة، ثم وضحت بسطور قليلة لكن تحمل بين طياتها معانٍ عظيمة من هو جندب؟ ولماذا لابد من معرفة مع من يتكلم الإمام عليه السلام حيث قالت أن جندب شخصية فذة ومتميزة وصل به المقام العظيم ليسأل مولاه ألست عني راضياً؟
ليُجيبه الإمام عليه السلام: أي والله ورسول الله والله عنك راضٍ ..
وخلال معرفتنا لابن جندب تصلنا رسالة الإمام أن هدفه من هذا الكلام هو ارتقاء الإنسان إلى سلم الكمال والإنسانية كي ينال رضى الله تعالى إضافة إلى ذلك هو الذي يستوعب كلامه (عليه السلام).
ثم إنتقلت بالحديث لـ الفوضى الغريبة والعارمة التي يعيشها مجتمعنا اليوم حتى صار غارقاً في إختلالات للقيم والمبادىء والأخلاق الإسلامية ناتجة عنها ضياع البوصلة التي تُحدد له الإتجاه المستقيم مُشيرةً إلى إن هذه المناسبات العظيمة والمواصلة على إحياءها هي الحجة التي تُمكننا من توجيه وضبط بوصلتنا بإتجاهها الصحيح ومعرفة مدى إتجاهنا نحو الطريق القويم! وبذات الوقت هي تذكير للمؤمنين من الغفلة التي قد يقعون في شباكها ..
واختارت الأستاذة معاش من الوصية فكرتين لطرحها على الجمع المؤمن حيث الأولى: إنَّ اللذة المعنوية هي أهم من اللذة المادية كما وضح عليه السلام (أَنِسُوا بِاللَّهِ وَاسْتَوْحَشُوا مِمَّا بِهِ اسْتَأْنَسَ الْمُتْرَفُونَ!) فـ اللذة المادية قد تأخذ الفرد وقد تغريه إلا أن روحه تبقى عطشى لتلك الإضاءة الروحية فرغم ما توصل إليه عالم اليوم إلا أن حالات الإكتئاب والإنتحار وتقلب المزاج وغيرها في تزايد والسبب هو الخواء النفسي الذي يعيشه الفرد لافتقارهم لـ اللذة المعنوية ..
وجاءت النقطة الثانية تحمل: خطورة البقاء على أرضية الجهل وهي أول الأهداف التي يسعى إليها المغرضون والمنحرفون بإسم الدين (يَا ابْنَ جُنْدَبٍ، قَدِيمًا عَمِرَ الْجَهْلُ وَقَوِيَ أَسَاسُهُ وَذَلِكَ لِاتِّخَاذِهِمْ دِينَ اللَّهِ لَعِبًا، حَتَّى لَقَدْ كَانَ الْمُتَقَرِّبُ مِنْهُمْ إِلَى اللَّهِ بِعِلْمِهِ يُرِيدُ سِوَاهُ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) وهذه قضية أزلية مُنذ القدم التزييف بإسم الدين وأهله، فيجعلون المجتمع غارقاً بالجهل من أجل إستمرار مصالحهم الشخصية وأولئك هم الظالمون !
بعدها إنتقل الحديث لـ الست جنان الروشيدي.. حيث بدأت حديثها بأن هذه الوصية جاءت كـ تذكرة لـ النفس لتصحو من غفلتها موضحة أهمية قراءة هذه الوصية بعد كل فريضة من أجل مدارستها وتأملها وتكرارها والعمل بها لأجل إحداث الفرق والأثر في النفس ..
واستلهمت من الوصية أهمية الدعاء واللجوء إلى الله في تقويم أمورنا إذ أنه سلاح الأنبياء مشيرة إلى الفجوة الكبرى التي صرنا نعاني منها في علاقتنا مع المنعم والمتفضل الأوحد في وجودنا وهذا سبب الويلات علينا والمعيشة الضنكى التي صرنا نعيشها !
وقالت مروة ناهض: إن التركيز على المؤمن وحفظ حقه بـ إدخال السرور عليه تارة وبـ السعي في قضاء حوائجه تارة أُخرى وبـ البر به هي العلامة البارزة في وصيته المقدسة وهذا يُشير لـ فضل المؤمن وضرورة إصلاح وحفظ وصيانة العلاقات الإنسانية برباط المودة والرحمة من أجل الحد من المشاكل التي تحدث بسبب إنهيار منظومة الحب والمودة بين المجتمعات!
بعد بيان هذه الملاحظة الصغيرة عرجت مروة لـ: يَا ابْنَ جُنْدَبٍ، لَا تَقُلْ فِي الْمُذْنِبِينَ مِنْ أَهْلِ دَعْوَتِكُمْ إِلَّا خَيْرًا، وَاسْتَكِينُوا إِلَى اللَّهِ فِي تَوْفِيقِهِمْ وَسَلُوا التَّوْبَةَ لَهُمْ، فَكُلُّ مَنْ قَصَدَنَا وَوَالانَا وَلَمْ يُوَالِ عَدُوَّنَا وَقَالَ مَا يَعْلَمُ وَسَكَتَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ ..
فـ التربية الأخلاقية الفريدة من نوعها والتي أشار إليها الإمام (عليه السلام) في وصيته هي الدعاء للمُسيئين بالهداية قبل كل شيء وهذا خلاف ما هو متعارف من نبذ المخطئ والتكلم بذنبه (فنحن نبصر القذى في عيون غيرنا ولا نبصر الجذع في عيوننا) وعدم التكلم عنهم إلا خيراً دون تجريح واشاعة أخطائهم ونبذهم .
وأن يضع أسماء المذنبين الذين يعرفهم من أهل قرابته ومودته في قائمة الدعاء لهم بالهداية والسعي لهدايتهم وتسكينهم ..
بعدها تناولت مقطعاً آخر من الوصية يقول: يَا ابْنَ جُنْدَبٍ، كُلُّ الذُّنُوبِ مَغْفُورَةٌ سِوَى عُقُوقِ أَهْلِ دَعْوَتِكَ، وَكُلُّ الْبِرِّ مَقْبُولٌ إِلَّا مَا كَانَ رِئَاءً.
والعجيب أن الإمام قال (أهل دعوتك) ولم يقل قرابتك أو رحمك وهذا ينم عن وجوب إتساع الخير للآخرين ليشمل كل أهل الدعوة والملة وبالأخص من كان له فضل في تعلمك وله حرفاً واحداً في طريق الهداية فـ صلة الرحم لجميع أهل المودة والقربى والأهل ليس بالسؤال فقط بل بالعطاء والبذل والحب والوفاء والنُصرة والكلمة !
بعدها قالت رسل أسعد: إن الوصية تناولت ثلاثة محاور أساسية: علاقة الإنسان بـ ربه وبـ نفسه وبـ المؤمنين من حوله ثم أشارت إلى أهمية العمل وجعله المتحدث الرسمي باسم الفرد فلا يحتاج لـ ضجيج الكلام من جعله أفعاله خير متحدث عنه: رَحِمَ اللَّهُ قَوْمًا كَانُوا سِرَاجًا وَمَنَارًا، كَانُوا دُعَاةً إِلَيْنَا بِأَعْمَالِهِمْ وَمَجْهُودِ طَاقَتِهِمْ، لَيْسَ كَمَنْ يُذِيعُ أَسْرَارَنَا ..
وقالت فاتن الشمري: استوقفني هذا المقطع من وصيته جداً (طُوبَى لِعَبْدٍ لَمْ يَغْبِطِ الْخَاطِئِينَ عَلَى مَا أُوتُوا مِنْ نَعِيمِ الدُّنْيَا وَزَهْرَتِهَا) فكم من الجهد والعمل يحتاج الإنسان لنفسه حتى يبصر بـاليقين فلا يرى الأمور من منظار دنيوي ولا يزنها بميزان المظاهر بل يبحثُ عن الجوهر والباطن الذي يُحدد معدن الإنسان بحق وعند إدراكه هذه النقطة سيتمكن من تجاوز الكثير من الحالات النفسية التي يعايشها بسبب المقارنة الظاهرية ولفتت الانتباه لاستخدام الامام صلوات الله عليه مفردة (يغبط) وليس يحسد فالمؤمن لايحسد ولا يتمنى زوال النعمة !
وختمت كلامها: لا يمكن أن نعوّل على أعمالنا بل المُنجي الأوحد لنا هو حب أهل البيت فهو أساس كل خير ولكن لماذا علينا أن نسعى ونستمر؟ حتى لا تسلبنا الذنوب هذا الحب فنصبح بلا حصانة !
وأعربت اسراء الفتلاوي عن رأيها: إن الأرث الذي تركه لنا أهل البيت صلوات الله وسلامه إرثُ لا يعوض ولا يمكن لنا أن ندرك قيمته الآن إلا إنه الشُعلة التي يجب أن لا تنطفىء بداخلنا أبداً ثم قالت أن أجمل ما استوقفها في الوصية قوله: يَا ابْنَ جُنْدَبٍ، بَلِّغْ مَعَاشِرَ شِيعَتِنَا وَقُلْ لَهُمْ لَا تَذْهَبَنَّ بِكُمُ الْمَذَاهِبُ فَوَاللَّهِ لَا تُنَالُ وَلَايَتُنَا إِلَّا بِالْوَرَعِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الدُّنْيَا وَمُوَاسَاةِ الْإِخْوَانِ فِي اللَّهِ، وَلَيْسَ مِنْ شِيعَتِنَا مَنْ يَظْلِمُ النَّاسَ ..
فما أعظم أن نبلغ درجة من البصيرة نكون بخطى وأقدام ثابتة على أرضية رصينة لا نميلُ مع كل ميل أو هوى وهذا لا يُنال إلا بالورع عن محارم الله والإجتهاد من أجل الوصول لهذه الدرجة ..
ضمياء العوادي كانت لها وقفة عند قوله: يَا ابْنَ جُنْدَبٍ، أَقِلَّ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ وَالْكَلَامَ بِالنَّهَارِ، فَمَا فِي الْجَسَدِ شَيْءٌ أَقَلَّ شُكْرًا مِنَ الْعَيْنِ وَاللِّسَانِ فَإِنَّ أُمَّ سُلَيْمَانَ قَالَتْ لِسُلَيْمَانَ (ع): يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَالنَّوْمَ فَإِنَّهُ يُفْقِرُكَ يَوْمَ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ.
حيث قالت: إن من أهم الأعمال التي يجب أن يسعى الإنسان في حصولها هي تنطيم العادات اليومية وإدراك مدى تأثيرها على حياتنا لأنها هي التي تُحدد سلوكياتنا !
فكم من الوقت يُصرف على النوم؟ وهل نعي مقدار التكاسل الذي نشعر به عند قيامنا ببعض الأعمال التي تتطلب منا وقتاً إضافياً يُقلص من ساعات نومنا التي اعتدنا عليها؟
والوقفة الأُخرى كانت عند ضرورة الإبتعاد عن تسليم زمام الأمور للنفس وإطاعة الهوى !
فكم من الهموم والأذى نالته أيامنا بسبب الركض خلف شيء النفس تُريده؟! فهو لا شي واجب ولا مفروض لكنه شيءُ النفس تُريده !
والوقفة الأخيرة هي الحفاظ على الحياء والوقار لأننا صرنا اليوم نُعاني من فقر شديد نساءً ورجالاً بـ الحياء والوقار فالخواء النفسي الذي يُعانيه الأغلب صار يخلقُ فراغاً قاتلاً بين الناس! وما أجمل تعبير الإمام حيث يقول: يَا ابْنَ جُنْدَبٍ، الْإِسْلَامُ عُرْيَانٌ فَلِبَاسُهُ الْحَيَاءُ وَزِينَتُهُ الْوَقَارُ وَمُرُوءَتُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَعِمَادُهُ الْوَرَعُ، وَلِكُلِّ شَيْءٍ أَسَاسٌ وَأَسَاسُ الْإِسْلَامِ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ..
أنعام مرتضى كان لها وفقة في بادىء الأمر عن معنى كلمة وصية باللغة والتي تعني عهداً من شخص كان يقوم به لآخر حتى يداوم عليه ثم وقفت عند قوله: يَا ابْنَ جُنْدَبٍ، إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سُورًا مِنْ نُورٍ مَحْفُوفًا بِالزَّبَرْجَدِ وَالْحَرِيرِ مُنَجَّدًا بِالسُّنْدُسِ وَالدِّيبَاجِ، يُضْرَبُ هَذَا السُّورُ بَيْنَ أَوْلِيَائِنَا وَبَيْنَ أَعْدَائِنَا.. إلى آخر الوصية !
من هم أولياء الله؟
هم السائرون على نهج أهل البيت المُتبعون لهم في كل أعمالهم وأفعالهم ثم أشارت لـ كلمة السور وما هو هذا السور؟ لتوضح أن القُرآن يُجيب عن هذا السؤال في آية 12 من سورة الحديد: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ .. فمن أين جاء هذا النور؟
جاء من أعمال الخير التي أجتهدوا في سبيل أداءها والعمل بها وأكملت شرح معنى هذا السور وكيف أن ظاهره عذاباً لأهل الطغيان والظُلم والمنافقين وباطنه رحمة ونور للمؤمنين ..
وأكملت الوقفة الثانية عند قوله: فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ مِمَّنْ أَعَانَ مُؤْمِنًا مِنْ أَوْلِيَائِنَا بِكَلِمَةٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ..
وهنا تحدث الإمام عن المعنى الدقيق في شرح المعونة والدفاع ليصل لـ الدفاع ولو بكلمة !
كم هو أمر عجيب ودقيق ندرك فيه قيمة الدفاع والنُصرة وعدم تركها تحت حُجج عدم الإستطاعة فالواجب الشرعي بلغ من الدقة المتناهية في عدم تركه ولو بـ (الكلمة) ..
وشبهَّت حال المؤمن مع الواجبات المذكورة في الوصية كمن يمسك العصا من منتصفها فجهة الله والواجبات العبادية والجهة الأُخرى الإخوان وحقوقهم ..
ثم أشارت لـ أهمية محاسبة النفس في قوله: يَا ابْنَ جُنْدَبٍ، حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَعْرِفُنَا أَنْ يَعْرِضَ عَمَلَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَلَى نَفْسِهِ فَيَكُونَ مُحَاسِبَ نَفْسِهِ، فَإِنْ رَأَى حَسَنَةً اسْتَزَادَ مِنْهَا وَإِنْ رَأَى سَيِّئَةً اسْتَغْفَرَ مِنْهَا لِئَلَّا يَخْزَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ ..
وكما هو معروف عن أهمية محاسبة النفس في كل ليلة من أجل الحفاظ على استقامتها والاستزادة من الخير بكل الطرق الممكنة ..
وحنين حليم قالت: إن الوصية جاءت لتكون منهج متكامل من أجل حياة مُرضية كما يريدها الله ورسوله لكل المؤمنين ووقفت عند قوله : وَاجْعَلْ عَمَلَكَ وَالِدًا تَتَّبِعُهُ، وَاجْعَلْ نَفْسَكَ عَدُوًّا تُجَاهِدُهُ وَعَارِيَةً تَرُدُّهَا، فَإِنَّكَ قَدْ جُعِلْتَ طَبِيبَ نَفْسِكَ وَعُرِّفْتَ آيَةَ الصِّحَّةِ وَبُيِّنَ لَكَ الدَّاءُ وَدُلِلْتَ عَلَى الدَّوَاءِ، فَانْظُرْ قِيَامَكَ عَلَى نَفْسِكَ .
فما أجمل وأجَّل هذا الوصف الذي يُشبه العمل بالوالد وما يترتب على الولد إتجاه والده من واجبات منها الملازمة له والطاعة والحب والإتباع والثقة والسند فيشبه العمل بهذا التشبيه الرائع والدقيق بياناً لأهميته وخطورته في تحديد مصير الإنسان وكيف أنه ينقطع عن كل شيء بعد مماته إلا عمله !
ثم أشارت لـلنفس وخطورتها على صاحبها حيث إنها لو تُركت على هواءها لأردّت بصاحبها نحو المهالك فالإنسان على نفسه بصيراً وأن داءه ودوائه بين يديه فلا يغفل عنهما من أجل سلامته وصحته !
والختام كان مع هاجر الأسدي حيث أشارت لـ المقطع الذي يقول : وَعَلَيْكَ بِالصَّمْتِ تُعَدَّ حَلِيمًا، جَاهِلًا كُنْتَ أَوْ عَالِمًا، فَإِنَّ الصَّمْتَ زَيْنٌ لَكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَسَتْرٌ لَكَ عِنْدَ الْجُهَّالِ ..
فالذي يعتاد على عادة تسيد الحوار بكثرة الكلام والأمثال دون أن يفسح المجال لغيره سـ يوقعه في مشاكل شتى ! فالحلم السجية التي يجب أن يجتهد الإنسان في سبيل جعلها ملكة لديه ..
وأضافت في مقطع آخر يقول الامام: يَا ابْنَ جُنْدَبٍ، مَنْ أَصْبَحَ مَهْمُومًا لِسِوَى فَكَاكِ رَقَبَتِهِ فَقَدْ هَوَّنَ عَلَيْهِ الْجَلِيلَ وَرَغِبَ مِنْ رَبِّهِ فِي الرِّبْحِ الْحَقِيرِ ..
موضحة أن أغلب ما يعاني منه البعض هو الخوف من الغد المجهول ومن أمور ليست بيده ولا يجب عليه أن يمنحها كل هذا القلق والخوف بل يجب أن يكون الخوف الجوهري في حياته هو فكاك رقبته !
ومن الجدير بالذكر أنّ جمعية المودة والإزدهار للتنمية النسوية تسعى لدعم المرأة فكريا ورفع مستواها الثقافي لتكون لها بصمة في المجتمع، تستطيع من خلالها أن تنهض بواقعها المعنوي والمادي.
اضافةتعليق
التعليقات