قام بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، جمع من الرجال والنساء، من جمهورية مدغشقر، من المستبصرين بنور أهل البيت صلوات الله عليهم وأتباعهم، الذين يقصدون زيارة مدينة كربلاء المقدّسة للمشاركة في أداء الزيارة الأربعينية الحسينية المليونية، وذلك صباح اليوم الثلاثاء الثاني من شهر صفر الأحزان 1441 للهجرة (1/10/2019م).
بعد أن رحّب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله بالضيوف الكرام، قال:
ذكر التاريخ انّ أحد رهبان النصارى كان معاصراً لزمن حكومة اﻹمام أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، وكان له ولد اسمه سن سن. وقد مات أبو سن سن على النصرانية، وأما هو فقد انتقل من المسيحية إلى اﻹسلام ولكن كان منحرفاً عن أهل البيت صلوات الله عليهم، وبقي على ذلك إلى أن مات وكان يُدعى بـ(أعين) وقد عاصر زمن اﻹمامين الحسن والحسين صلوات الله عليهما، وكان ﻷعين بنت واحدة فقط وعشرة أبناء وكانوا كلّهم من البعيدين عن أهل البيت صلوات الله عليهم وعاصروا زمن اﻹمامين السجّاد والباقر صلوات الله عليهما، وكانت بنت أعين تكنّى بأم اﻷسود، وصارت مؤمنة وشيعية بواسطة أحد اﻷتقياء من أصحاب اﻹمام زين العابدين صلوات الله عليه، وهو أبو خالد الكابلي زميل أبي حمزة الثمالي. وكانت هذه المرأة صادقة الإيمان ومن محبّي أهل البيت صلوات الله عليهم، فكانت الوحيدة من شيعة أهل البيت في عائلتها، وصارت سبباً في تشيّع ثمانية من إخوتها ومنهم: زرارة بن أعين وهو من ثقاة أصحاب أئمة أهل البيت صلوات الله عليهم، وحمران بن أعين وبكير بن أعين. وقد صار العشرات من ذريّة هؤلاء من أصحاب المعصومين صلوات الله عليهم إلى مولانا اﻹمام المهديّ الموعود عجّل الله تعالى فرجه الشريف، وذلك ببركة جهود المرأة الصالحة المؤمنة أم اﻷسود.
وعقّب سماحته وقال: يمضى الآن على أمّ الأسود وأخوتها أكثر من ألف سنة، ونحن نذكرهم هنا، ونذكرهم دائماً لأنّ الكثير من روايات أهل البيت صلوات الله عليهم في الصلاة والصيام والحجّ والمعاملات وباقي الأمور رويت ووصلتنا عبر هذه السلالة. فكل اولئك الإخوة اهتدوا بسبب امرأة واحدة. وفي يوم القيامة سيأتي النساء أمام السيّدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها وتأتي أمّ الأسود، فماذا سيكون جواب النساء للسيّدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها إذا قالت لهنّ: لماذا لم تصبحن كأمّ الأسود؟
إذن، المرأة عالم من الطاقة، وتستطيع بمفردها أن تهدي وتغيّر أمة كاملة إن استفادت من طاقاتها وقدراتها.
كما بيّن سماحته وقال: الأجر بقدر المشقّة لا بقدر الراحة، فالراحة ليس لها أجر، بل المشقّة لها الأجر. وأنتم تحمّلوا المشقّة في هداية الآخرين، واعلموا انّ هداية الآخرين ليس بالأمر السهل، بل هو صعب، ولكن تحمّلوا هذا الصعب، حتى يزداد مقامكم عند الله عزّ وجلّ.
وأضاف سماحته: أساس الموفقية كلمتان، وأنتم الرجال عليكم أن تجتهدوا فيهما، وهما:
الأولى التعبئة العلمية: فلا تضيّعوا وقتكم في الأربع وعشرين ساعة التي هي فرصة كبيرة، واشتغلوا بها في العلم والدراسة وفي تعلّم مقدّمات علوم أهل البيت صلوات الله عليهم، وهي النحو والصرف والبلاغة واللغة والمنطق، وأتقنوها، حتى بعد ذلك تتمكّنوا من دراسة وتعلّم فقه أهل البيت صلوات الله عليهم، وأخلاقهم، وعقائدهم وعملهم، وتاريخ الماضين، وحتى تستوعبوا أكثر، ويمكنكم أن تكونوا سبباً لهداية الكثير من الناس. فأفريقا اليوم قرابة أكثر من ألف مليون نسمة، فمن يكون لهداية هؤلاء سوى أنتم، أي كل واحد منكم، بحيث يمكنه أن يكون كأمّ الأسود. فاهتمّوا توفّقوا.
وشدّد سماحته بقوله: إذا كتب الإنسان على ورقة (الراحة) وشطب عليها فسيوفّق، وكذلك يوفّق من كان همّه الآخرة، والعكس يصدق أيضاً. فالعلماء من السلف الصالح من الماضين كالشيخ المفيد والشيخ الطوسي وأمثالهم رضوان الله عليهم، كانوا مثلكم، فاهتمّوا فوفّقوا. وعلى كل واحد منكم أن يهتمّ حتى يوفّق. فحقّاً إنّها لحسرة عظيمة للإنسان عندما يذهب إلى الآخرة ولم يعمل في الدنيا أكثر وكان بإمكانه أن يعمل الأكثر والأحسن.
أما الكلمة الثانية فهي: التقوى الحقيقية. فحاولوا أن لا يلوّثكم الشيطان، حتى توفّقوا، وحتى يدعو لكم مولانا بقيّة الله الإمام المهديّ الموعود عجّل الله تعالى في فرجه الشريف وصلوات الله عليه.
وختم سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، إرشاداته القيّمة، وقال: إن شاء الله تذهبون إلى كربلاء المقدّسة في أيّام الأربعين الحسيني، وتستفيدون من زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه وزيارة سيّدنا العباس سلام الله عليه، ومن زيارة الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه في مدينة النجف الأشرف، ومن زيارات باقي الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم في مدينتي الكاظمية المقدّسة وسامراء المشرّفة، وأسأل الله عزّ وجلّ التوفيق لي ولكم، وأنا أدعو لكم وأنتم تدعون لي.
هذا، وبعد إرشاداته القيّمة سأل سماحة المرجع الشيرازي دام ظله من الضيوف عن كيفية استبصارهم بنور أهل البيت صلوات الله عليهم وعن مشاركتهم في الزيارة الأربعينية الحسينية المليونية.
اضافةتعليق
التعليقات