بعد رحيل سيد الكونين أصيبت الأمة بلعنة!، تغير كل شيء فجأة وأصبح لايطاق.. المدينة نزعت رداء الوفاء والحب للرسول صلى الله عليه واله وارتدت خوذة الحرب لتقف بكامل قواها أمام خليفة الرسول صلى الله عليه وآله وتبين تلك الأخرى تمردها على بيت النبوة وموضع الرسالة. صوت الغدر علا في كل مكان هذه أول مرة تستعد الأمة للحرب بهذه الصورة وتحرق بنيانها حيث إن الحرب في زمن الرسول صلى الله عليه وآله كان للدفاع أمام هجوم الأعداء فقط ولكن سرعان ما انقلبت الموازين وتغيرت الأمور رأساً على عقب وعمّ الفساد في ذروة المجتمع
و هجموا على دار الوحي وحرقوا ذلك الباب الذي لم تدخله الملائكة الا باستئذان وبدأت مأساة الأمة من تلك الخيانة العظمى في حق الغدير والإمامة.
فقد قالَتْ سيدة نساء العالمين علیها السلام: امّا وَاللّهِ، لَوْتَرَكُوا الْحَقَّ عَلى اهْلِهِ وَاتَّبَعُوا عِتْرَةَ نَبیّه، لَمّا اخْتَلَفَ فِى اللّهِ اثْنانِ، وَلَوَرِثَها سَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ، وَخَلْفٌ بَعْدَ خَلَفٍ حَتّى یَقُومَ قائِمُنا، التّاسِعُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِ السَّلام .*1
فمنذ ذلك الحين نرى انحطاط الأمة الإسلامية و تراجعها بسبب غدرها للنبوة والإمامة وبضعة الرسول صلى الله عليه وآله، فغدر الأمة وجهلها جعلت البشرية تفقد الكثير.
لولا الغدر في ذلك الزمن لارتقى العلم إلى درجات أعلى بكثير من الذي نحن فيه اليوم ولتغيرت لغة العالم من الحرب إلى الحب ولكن عندما يعُطى الأمر بيد الأشخاص الذين هم غير مؤهلين لذلك ستكون النتيجة ما قرأناه في التاريخ في الماضي ومانشاهده الآن في مجتمعنا من قتل ودمار وخراب!.
كل هذه المآسي بسبب حب الجاه والمال والتمسك بمسؤوليات تفوق قدرات بعض الأشخاص فعندما يفضل الفرد مصلحة العامة على مصالحه الشخصية يتراجع عن الدخول إلى ما لا يعنيه وماليس كفوء لذلك بهذه الحاله سنرى مجتمعاً راقياً يسمو يوما بعد يوم.
والعكس كذلك عندما يلزم الفرد الغير مؤهل زمام الأمور سيسبب بهلاك الأمة أولا ومن ثم هلاك ثرواتها و عظمتها ومن ثم شرفها!، لذلك الله سبحانه وتعالى جعل نظام الأمة في أتباع أهل البيت عليهم السلام كما نقرأ في زيارة الجامعة من أتاكم نجى ومن لم يأتكم هلك إلى الله تدعون..
التمسك بأهل البيت.. عنوان النجاح والسعادة
تبين سيدة نساء العالمين أن الابتعاد عن الحق يدفع الانسان إلى المهالك وبالعكس اتباع أهل الحق يهدي الانسان إلى الطريق الصحيح ويوفقه ليرتقي إلى درجات عليا.
بموالاتهم تسمو الروح وتتنعم برضا الله سبحانه وتعالى، قالت سيدة نساء العالمين علیها السلام: ابَوا هِذِهِ الاْمَّةِ مُحَمَّدٌ وَعَلي، یُقْیمانِ أودهُمْ، وَیُنْقِذانِ مِنَ الْعَذابِ الدّائِمِ إنْ اطاعُوهُما، وَیُبیحانِهِمُ النَّعیمَ الدّائم إنْ وافقوهُما.*2
وقالت سلام الله عليها: إنَّ السَّعیدَ كُلَّ السَّعیدِ، حَقَّ السَّعیدِ مَنْ احَبَّ عَلیّا في حَیاتِهِ وَ بَعْدَ مَوْتِهِ.*3
أهل البيت عليهم السلام هم الصراط الأقوم إلى السعادة في الدنيا قبل الآخرة وأوامرهم تؤدي إلى نجاح الانسان في الصعيد الفردي والاجتماعي، الصعيد المادي والمعنوي في عالم الدنيا قبل الآخرة.
كيف نتعامل مع العدو؟
ولكم في رسول الله أسوة حسنة، وفاطمة بضعة الرسول صلى الله عليه وآله ومهجته لم تفعل أي شيء هباء بل تدرك جوانب الأمور ومن ثم تفعل ما يناسب الأمر ، لذلك نرى كيف وقفت في وجه الأعداء مع قلة ناصريها ودافعت عن امام زمانها وحقها وبينت مظلوميتها للعالم.
في المرحلة الأولى وقفت في وجه الأعداء وبينت إن الخلافة من الله سبحانه وتعالى وكما بين الرسول صلى الله عليه واله في يوم الغدير لعلي عليه السلام وأمير المؤمنين عليه السلام لم يقبل بالمبايعة كي يبين عدم رضاه بمايحدث من مؤامرات وغدر.
وفي المرحلة الثانية ذهبوا إلى بيوت أهل المدينة ليبينوا أنهم على حق ولا يقول أحد إننا لم نسمع بالخبر ولا نعرف ماجرى بل ألزمت الحجة على كل فرد.
وفي المرحلة الثالثة بينت استيائها لما يحدث وعزلت عن المجتمع وبينت في خطبها أنها مظلومة ومغصوبة حقها، قالَتْ علیها السلام مخاطبة لنساء المهاجرين والأنصار: أصْبَحْتُ وَاللّهِ! عاتِقَةً لِدُنْیاكُمْ، قالِیَةً لِرِجالِكُمْ.
وقالَتْ علیها السلام: إلَیْكُمْ عَنّي، فَلا عُذْرَ بَعْدَ غَدیرِكُمْ، وَالاَْمْرُ بعد تقْصیركُمْ، هَلْ تَرَكَ أبي یَوْمَ غَدیرِ خُمّ لاِحَدٍ عُذْر.
وقالت لأبي بكر وعمر: إنّي اُشْهِدُ اللّهَ وَمَلائِكَتَهُ، انَّكُما اَسْخَطْتُماني، وَما رَضیتُماني، وَلَئِنْ لَقیتُ النَبِي لأشْكُوَنَّكُما إلَیْهِ.
وقالت لأبي بكر: وَاللّهِ، لا كَلَّمْتُكَ ابَدا، وَاللّهِ لاَدْعُوَنَّ اللّهَ عَلَیْكَ في كُلِّ صَلاةٍ.
وفي المرحلة الأخيرة بينت مظلوميتها للعالم وجعلت قصة المظلومية مفتوحة ليكمل سطورها ولدها المنتقم، قالَتْ علیها السلام: لاتُصَلّى عَلَیَّ اُمَّةٌ نَقَضَتْ عَهْدَ اللّهِ وَ عَهْدَ أبي رَسُولِ اللّهِ في أمیر الْمُؤمنینَ عَلي، وَظَلَمُوا لي حَقي، وَأخَذُوا إرثي، وَخَرقُوا صَحیفَتي الّتي كَتَبها لي أبي بِمُلْكِ فَدَك.
لذلك ندرك أن أحد الأسباب في اخفاء قبرها اظهار مظلوميتها للعالم كي يسأل السائل عما حدث وبأي ذنب قتلت؟.
اضافةتعليق
التعليقات