إن للمسلمين عيدين في كل عام كما هو معروف، عيد الفطر المبارك وعيد الاضحى المبارك،
ولدينا نحن شيعة النبي الأكرم "محمد الامين صلى الله عليه واله" وأقولها وبكل فخر عيد ثالث مبارك له خصوصية عظيمة ومتفردة، نحتفل به ونبتهج ونتبارك ونتأمل كل خير في ذكراه كونه عيد الأمن والأمان للأمة إلى ما بعد؛ حيث توّج فيه الوليَ المرتضى للنبي المصطفى علي ابن ابي طالب أسد الله الغالب ناصر الحق ومهلك الباطل..
لمن لا يعلم: نهار يوم الثامن عشر ذو الحجة أثناء عودة المسلمين من حجة الوداع خطب النبي (ص) بالمسلمين عند "غدير خم" خطبة عيّن فيها أمير المؤمنين عليًا وليّا لهم من بعده رافعا يده قائلًا: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه..) فليبلغ الشاهد الغائب. وقد هنأه جميع شاهدين تلك البيعة بما فيهم، وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر، كل يقول: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة..
فإن يوم الغدير مناسبة عظيمة يتوجب أن يحتفي بها العالم كله وليس فئة معينة، بكونها تُثبت
وتُظهر مدى أهمية اختيار القيادة الواعية والفاعلة في حياة البشرية، وذلك لأن موقع القيادة والولاية يتطلب مؤهلات خاصة وحس عالٍ بالمسؤولية يتحلى بها الشخص المناسب ليشغل المنصب المناسب؛ وهذا ما قام بإثباته أمير المؤمنين وما قدمه من صور بطولية مشرفة لا تشوبها شائبة في إدارة الأمة ورسم مسارها الصحيح ومصيرها من خلال ابعادها عن كل الانحرافات الفكرية والسلوكية, بحيث يكون لها طوق نجاة..
لهذا وقع الاختيار على قائد فذ عرف بخصاله السامية، وبعيدًا عن صلة قرابته بالنبي ومكانته المعروفة؛ فإنه تميز بالاخلاص والشجاعة والعلم والحكمة والعدالة والفطنة وكل الصفات الحميدة وأعظمها "الانسانية الحقة" فقد كان عليه السلام يتجلى تعاطفه مع افقر الناس من خلال عمله ومساعدته للمحتاحين، وروي أنه قال [ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه].
وبالفعل لم يشكو أحدا في فترة خلافته سوءًا أو حاجةً أو مشكلة عَلِم بها ولم يعمد على حلها، فقد كان هو لا غيره من صلح لقيادة الاسلام كَكُل وبلوغ أهدافه الكبرى لبناء مجتمع انساني وحضاري يتمتع بالسلام ويتحلى بمكارم الاخلاق والمبادئ والقيم، وينتهج الصواب ليتساوى فيه الفقير والغني والقوي والضعيف والأسود والأبيض ولا فرق بينهم إلا بالتقوى، كان جدير في أن يخلف الارض..
فمهما حاول المغرضين تزييف الحقائق وتشويه التأريخ وشراء الذمم عبر كل الوسائل المتاحة
والمتطورة على مر العصور مهما اوتيت من مكر وقوة، لن يستطيعوا حجب شعاع الحقيقة المتجلية بالنور الساطع لسيد الوصيين علي (ع) الذي يبهر القلوب والعقول، فتنحني تكريمًا لذكراه كل الكائنات في الأرض والسماء..
فما كان لذلك اليوم إلا أن يكون "عيد الله الأكبر" حيث تسنم فيه خير عباده من بعد خاتم النبيين والمرسلين؛ زمام الأمر للحفاظ على الدين الاسلامي الحنيف والشريعة السمحاء ليكون أعظم قائد شجاع وحاكم عادل عرفه تأريخ البشرية جمعاء، ولم نسمع أو نرى أو نشعر إلى يومنا هذا بوجود فرد يشببه أو يتشبه به أو يطبق على الأقل شيئًا بسيطًا من عدله ومخافته من المسائلة أمام رب العباد!.
اضافةتعليق
التعليقات