بين نسائم الهواء المداعبة لحركة الغيوم المتمايلة تدلي حبها باللون الأبيض مزينة السماء بلون النقاء، وتنسج بتعايشها لوحة فنية تلهم للناظر رسالة سلام تدخل إلى العمق وتداعبه، وتتمادى لترسم ابتسامة سكون على شفاه المتأمل، ثم بفرشاتها تدرج ألوان الحياة من الصفاء إلى العتمة، لترينا تقلّب الأيام..
في تلك اللحظة سما نور لا بل عرج إلى الأرض.. لم يكن الفضاء ليميز مداخله ومخارجه، صدح صوتٌ بالأفق.. توقف الجميع منهم مَن عرف الخبر ومنهم مَن ينتظر.. تعالتْ الأفراح علتْ الزغاريد، تناغتْ الطيور متفقةً على لحنٍ واحد، تماوج الهواء، سكنتْ الذرات لتتيح لصفاء الجو أن يغمر الأجواء.
هناك رجلٌ يقف بثبات والإبتسامة تلوح على محياه، تعلوها حُمرةَ الفرح، لا يكاد يُسأل ليجيب بنشوة: فاطمة.. ابنتي..
في تلك الثواني التي من الممكن أن تشترى بألف عام، عرجتْ الملائكة معهن نساء الجنة.. حلَّ الصمت.. لحظات لقائه بها يسير بعطفٍ خطواته الهادئة تضفي جوا من الرقة.. تقرّبَ بهدوئه من مكان نومها.. قبّل باطن يدها ثم تبعها بقبلة لعينها.. انسابتْ دمعاته.. قد تكون فرحا!.
إلتفتت له كانتْ مؤنستي وهي في جوفي، تكلمني وقتَ وحشتي، تسامرني قبل النوم، تناجي معي ليلا، أفيق صباحا على حركتها العفوية، أستشعر وجودها.. أرسم لها صورا، اليوم أيقنتْ أنَّ خيالي كان قاصرا، انظر لها عجيبة بتفاصيلها!.
حان الصمت استنطقَته الآهة تبعتها نظرةُ رضا: منها نسل النبوة، والإسلام تحييه هي، تكافح.. تجاهد.. تواجه.. سيدة نساء العالمين بين يديكِ، خرج منها صوت ناعم تشاركهما فيه، أعطاها لها.. أرضعتها بحنان.. يتأملان فيها، تستشعر دفئها فيه نفس الأمومة.
قبل برهة، هناك حيث بعيدا عن تلك البراءة.. نورٌ يسطع في المنازل، يتسلل لهم من دون منافذ، ينبؤهم بحدث عظيم.. يستغربون منه.. عرفوا مصدره.. أخفوها بسرهم.. بعد أقل من عقدين.. عندما ازداد نورها.. عُميَ بصرهم لم يرغبوا بوجوده ما داموا عميا لا يريدوا النور.. فحاولوا اطفاءه.. تجمع غلهم.. فارقها الحنان... انقطع الوحي.. قتلوها ببعلها.. ثم اسقطوا جنينها.. ثم تركوها تموت حسرة.
اضافةتعليق
التعليقات