نعيش خلال هذه الأيام حزن محرم الحرام والفاجعة على خير الانام الامام الحسين (عليه السلام)، يتجدد الحزن في كل عام على مصاب ابا عبد الله، وتقام المآتم وتحيى الذكرى الاليمة بالشعائر الحسينية، هنا مخزى كلامنا الشعائر الحسينية التي تقام تخليدا واجلالا لواقعة الطف الاليمة.
ان الشعائر الحسينية كانت ومازالت الحجر الاساس الذي اسهم بشكل كبير في وصول ثورة الإمام الحسين، عليه السلام، إلى الأجيال المتعاقبة، وهو ما يدعو الجميع إلى التمسك بها والمحافظة عليها وتطويرها.
باتت طقوس الشعائر الحسينية الشغل الشاغل والحديث المتنازع عليه الذي يتجدد كل عام مع حلول شهر محرم الحرام منهم مؤيد ومنهم معارض وبشدة وتبدأ الاتهامات المصحوبة بالاستنكار الذي يصل حد التكفير من جهات تعارض هذه الشعائر.
الهدف من احياء الشعائر
في بحث مفصل لمركز الاشعاع الاسلامي للدراسات والبحوث اختصر الهدف من احياء المجالس الحسينية بعدة نقاط مهمة وهي:
1. نقوم من خلال إقامة مجالس العزاء والحزن بتجديد البيعة مع الإمام الحسين (عليه السَّلام) وتأييد ثورته، والدعوة إلى نهجه، وبيان أهدافه وحقانيته وسيرته المباركة وتضحياته العظيمة من أجل الإسلام والمسلمين، ونتعَلُّم معالم الدين والمذهب في مدرسة الحسين (عليه السَّلام).
2. حتى لا تنسى الأمة الإسلامية تلك الثورة العظيمة، وحتى لا ينسى أو يتناسى التاريخ تلك الملحمة الكبرى والنهضة المباركة وتبقى حية نابضة ما بقيت الدنيا.
3. من أجل التفاعل الفردي والاجتماعي مع هذه النهضة المباركة وحصول حالة التأثر والحزن، من خلال استذكار حوادثها الأليمة والظلم الذي جرى على أبطال هذه الملحمة الكبرى، وهذا التفاعل قد يحصل للإنسان من خلال مطالعة تاريخ هذه النهضة أو سماع بعض الأشرطة، فيكون مأجوراً و مثاباً.
4. نقوم من خلال إقامة العزاء الحسيني وتسيير المسيرات والمواكب و غيرها من صنوف الشعائر الحسينية بعمل إعلامي فريد، إذ نقوم بتحريك الرأي العام وتوحيد الصفوف ورصِّها أمام الأعداء، ومن الواضح ان العمل الإعلامي يحتاج إلى التظاهر والخروج إلى الشارع والإستنكار ورفع الصوت بل حتى الصراخ والعويل في وجه الطغاة، حيث لا يكفي الحزن القلبي وذرف الدموع في زاوية البيت.
مصداقية التعظيم
تيمنا في قوله تعالى "ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ" وهذه المصداقية في التعظيم لم تأتِ اعتباطاً، بل جاءت مليئة بالمضمون الذي عمل من أجله الإمام الحسين (ع)، وما تحقق من هدف منشود في إحياء الشريعة المحمدية. وإذا كان البعض ممن يدعي العلم يرى في الشعائر الحسينية بدعة، وعليها يترتب من الآثام شيء كبير فقد جهل تماماً إنّ الشعائر طاقة هائلة مختزنة في جوهرها القرآني وسنّة فاعلة في عمقها الرسالي. فالتعظيم للذات المقدسة من خلال الأداء الواعي للشعائر يعزز الممارسة الإيمانية البعيدة عن الرياء والخداع، الذاكرة لله سبحانه وتعالى بالتمجيد والتهليل والتكبير والتسبيح وبكل أسلوب لا يعارض العقل او العرف. وبالممارسات الصحيحة فإننا نعبّر عن ارتباط روحي وعاطفي مع الله سبحانه وتعالى لأن في ذلك صفاء للقلب ونقاء للضمير، وما الممارسة إلا آلية من آليات التعظيم والتقديس لله عزّ وجل. وفق وكالة انباء براثا.
انتقاد الشعائر
في سياق متصل وبرغم الدليل الواضح على تمجيد الشعائر في القران الكريم وحث اهل البيت عليهم السلام لاحياء امرهم لكن نلاحظ كثيرون ينتقدون من يحيى الشعائر الحسينية ويشككون بمصداقيتها ويثيرون حولها النقاشات والحوارات برفضهم لها وانتقادهم اللاذع لمن يقوم بها.. الشعائر ومن خلاله التعرض إلى الجانب التأريخي لها، والمفجع في الامر تداول هذا الجانب لدى عامة الناس وابداء الآراء الشخصية فيه، وكأن لا وجود لأهل الاختصاص الذين يجب أن نرجع إليهم في مثل هذا النوع من الأمور، ونعلم من خلالهم مدى مشروعية هذه الشعائر وكيفية التعامل معها من جهة شرعية، وأهل الاختصاص هم مراجعنا في التقليد رحم الله الماضين منهم وحفظ الباقين ذخراً لهذه الأمة ولنصرة هذا الدين.
والمتتبع لآراء فقهائنا يستطيع ان يرى بوضوح وجلاء تام ان مراجعنا وعلى مدى التسلسل التاريخي لهم لم يظهر فيهم من يحرم هذه الشعائر بل في أقل التقادير ذهبوا إلى اباحتها والكثير منهم ذهب إلى استحبابها شرعاً وإنها من الأمور التي تبين مدى مظلومية أهل البيت (عليهم السلام)، كما انها من مظاهر الجزع على ابي عبد الله الحسين (عليه السلام)، هذا إلى جانب أنه لا يوجد دليل واحد على عدم مشروعية هذه الشعائر الحسينية، وأعني دليلاً فقهياً يعتد به، أما الحديث عن أدلة من مثل ان هذه الشعائر غير إنسانية وما شابه فهو حديث خرافة ساقط عن الاعتبار وما هذه البالونات المثارة من حوله إلا تخرصات لا يمكن اعتمادها كأدلةٍ فقهيةٍ وقد نوقشت وأمثالها من قبل فقهائنا الأجلاء، بما يكفي الباحث مؤونة الرد عليها. وفق منتدى الكفيل.
كما ان هناك الكثير من المطبوعات التي تشير إلى الأدلة الشرعية التي اعتمدها فقهاؤنا في هذه المسألة. والتكليف الشرعي أمام هذه الشعائر بتعدد أنواعها يرجع فيه الشخص إلى مرجع تقليده، وليس إلى رأيه الشخصي وتشخيصه الموضوعي، فكما نعلم ان في جميع الرسائل العملية لمراجعنا (حفظهم الله) العبارة التالية: عمل العامي بلا تقليد باطل.
ولا أظن ولم اسمع يوماً ان احداً أجبر شخصاً آخر على ممارسة احدى الشعائر؟ وإنما الامر يرجع إلى نفس الشخص ومدى شعوره بالانتماء والولاء لأهل البيت (عليهم السلام) ومدى تفاعله الشخصي معها، وهذا أمر واضح نستطيع أن نتلمسه من الواقع العملي لها، فنجد شخصاً يشعر بالمواساة الحقيقية من خلال اللطم وآخر يشعر بها من خلال الزنجيل وغيرها من الشعائر الاخرى.
خطوط عامة
لهذا كان لا بدّ من رسم الخطوط والعناصر الأساسيّة لتوجيه الشعائر الحسينيّة، ونحن ننقل هنا ما ذكره بعض الأعلام في هذا المجال من خطوط وعناصر أساسيّة، وهي:
1. التمسّك بنصوص وروايات أهل البيت عليهم السلام في إقامة مجالس العزاء الحسينيّ وإقامة الشعائر الحسينيّة، وهذه الروايات كثيرة ومنتشرة في الكتب الموثوقة.
2. الشعائر الموروثة من سلفنا الصالح على أيدي العلماء العاملين منذ عصر الغيبة إلى اليوم، والتي تلقّاها علماؤنا جيلاً بعد جيل بالتأييد والدعم كإقامة مجالس العزاء ومواكب العزاء والبكاء والزيارة وما أشبه.
3.أن لا يكون في هذه الشعائر ما يسبّب وهناً أو ضعفاً لمذهب أهل البيت عليهم السلام، ولا يعكس صورة سلبيّة أو موهونة لمذهب أهل البيت عليهم السلام.
4. أن تعكس ظلامة أهل البيت عليهم السلام والمآسي التي مرّت عليهم وتعكس ظلم الظالمين وتجرّؤهم على الله ورسوله وأوليائه.
5. أن تعكس ثورة أهل البيت عليهم السلام وحركتهم وخروجهم على الظالمين وعدم رضوخهم لهم.
6. أن تحفظ للجمهور عاطفته وانشداده لمأساة عاشوراء، ويصعّد هذه العلاقة والانشداد النفسيّ لمأساة الطفّ.
7.أن تعكس رسالة أهل البيت ووعيهم للإسلام ولمواقفهم ويكون مجالاً خصباً لدعوة الناس إلى الإسلام وتوجيههم إلى هدي أهل البيت عليهم السلام ومجالاً خصباً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعريف بمفاهيم الإسلام وهدي القرآن، ودعوة الناس إلى إقامة الصلاة وسائر فرائض الله سبحانه. وفق شبكة المعارف الاسلامية.
اضافةتعليق
التعليقات