ولأن الامام الحُسين فضاءُ لا يُحد وكونُ من الرحمة الواسعة التي تشمل من ينشدها ومن لا ينشدها، أقامت جمعية المودة والازدهار النسوية المُلتقى الأول من نوعه في كربلاء المقدسة تحت شعار: مع الامام الحسين (عليه السلام) نرتقي، والذي ضم مجموعة من خطيبات المنبر الحُسيني من أجل الارتقاء بالمنبر نحو الصورة المُتكاملة التي تُليق به وتعريفهن بحجم الرسالة المُلقاة على عاتقهنُ وتسليط الضوء على الدور العظيم الذي يجب عليهن اداءه بالصورة المطلوبة وذلك يوم الخميس 17 رمضان 1437 في مقر الجمعية.
فبعد وجبة الفطور التي أُقيمت على شرف الحضور أبتدأ الملتقى بكلمة للاستاذة الفاضلة أُم مصطفى الشيرازي والتي أفتتحتها بقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).
حيث قالت: هناك محطات مكانية وزمنية في حياة الأنسان لها خصوصية وميزة خاصة في الحياة الشخصية والعائلية والأجتماعية، وأن الله عزوجل جعل هذه المحطات لكي نستثمر ونستفاد أكثر منها حيث يقول (وذكرهم بأيام الله .. )، يقول العلماء الذين يستنبطون من الروايات الشريفة إنّ هذة الايام هي ( شهر رمضان وفيه ليالي القدر العظيمة ، والأعياد المُباركة وأهمها عيد الغدير الأغر، أيام الحج، أيام محرم وصفر والفاطمية).
وعندما نفكر بهذه الأيام نجدها أنها (إستثناء) عن بقية الأيام وإنها فرص مع إن الحياة كلها فرص حيث يقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إغتنم خمسا قبل خمس: .... وحياتك قبل مماتك.
وهنا ينقدحُ سؤالا مهما: كيف يمكن أن نرتقي ونسمو وماذا يجب أن نسعى اليه؟ وما هي وظيفتنا؟
تعتبر الهداية والحماية ففي ظل عصر العولمة، وعصر الفرق الضالة التي تغزوا شبابنا بأفكارها المُضلة وتُدخل بيوتنا تحت مخُتلف المسميات، فماذا ينبغي علينا؟!
ان نفعل الواجب علينا: حماية الأُمة الإسلامية، وحماية الشباب والاولاد بالحديث بالكلام معهم.
الخطابة لها الدور العظيم والكبير في هذا الامر فالخطابة ليست مهنة حديثة الولادة بل إن انبياء الله بعثهم الله جل وعلا بالخطاب والكلام، فالدور الذي يقع على عاتقكم عظيم جداً ..
ثم اضافت: عند الرجوع الى الآية (وإجعلنا للمُتقين اماماً) نطرح هذا التساؤل المهم وهو كيف نجعلُ من أنفسنا إماماً للمُتقين؟
في بادئ الامر يجب ان نقف عند مفهوم الإمامة حيث أن مفهومها الخاص هي مرتبة خاصة فقط للمعصومين أهل البيت (عليهم السلام) ولا تُتاح لغيرهم أبداً، ولكن الإمامة بمفهومها العام لها مراتب فسلمان المحُمدي (رضوان الله عليه) كان إماماً وأبو ذر كان إماماً ومقداد وهكذا الأمثلُ فالأمثل..
وأذا ما أردنا أن تكون كل واحدة فينا إماماً للمُتقين (قدوة وأسوة) فلابد من المبادرة في أربعة أمور:
الأول: في البعد الروحي والمعنوي.
أي ان نرتقي ونرتقي ونرتقي في الكمالات الروحية والمعنوية حتى نصل لهذه المرتبة، هناك قاعدة مُهمة جداً إذا جعلنا هذه القاعدة في حياتنا فأننا سنرتقي ونصل بشرط الإرادة، هذه القاعدة سهلة جدا وهي قاعدة ( 1×100)، حيث إن كل يوم نرتقي درجة واحدة ل ( ١٠٠ يوم ) ونُقيَّم ذاتنا، نحاسبها حتى نصل لتلك المقامات العظيمة لأن الناس يدققون في تصرفات وسلوكيات (الأسوة) وبالتالي يقتدون بها.
الثاني: البعد العلمي.
نُقيَّم أنفسنا من الناحية العلمية فالخطيبة هي ( المُربية )،
والمُطالعة أهم الأمور من الناحية المنبرية، ومكاتبنا زاخرة بالمؤلفات التي تؤدي الهدف المنشود ( الصافي والبرهان وتفسير تقريب القرآن إلى الأذهان لآية الله العظمى الراحل الشيرازي (أعلى الله مقامه ) فتفسير القرآن يكاد يكون واجباً على الخطيبة الحُسينية حتى ولو كان بالصورة المُبسطة كذلك شرح نهج البلاغة، الصحيفة السجادية، رسالة الحقوق ومكارم الأخلاق و... فاذا ما تسلحت الخطيبة بهذه المجموعة الزاخرة من كلامهم فأنها سترتقي نحو الكمالات العلمية التي يُحتم عليها ان تتسلح بها ..
الثالث: البعد العقائدي، تحصين أنفسنا والناس من الناحية العقائدية حيث هي من أهم المسؤوليات التي تقع على عاتقنا، فوسط هذه السموم الذي تُبث من هنا وهناك يبرز الدور الاعظم لنا بتحصين الشباب والأُمة أجمع عن طريق بث عقائدنا السليمة والحذر من الافكار الضالة التي من شأنها أن تتفشى بين الناس دون الالتفات اليها.
وقراءة كتاب الكافي الشريف وحق اليقين وغيره من الثروة التي ورثناها للمحافظة على عقيدتنا الحقة، كذلك المشاركة في دورات الخطابة والمباحثات في ما بينهم كأن تكون ثُنائية، ثلاثية ، رباعية والتي من شأنها ان تزيد في علومنا حتى نرتقي لنصل ( للمتقين إماماً ).
الرابع: البعد الأخلاقي.
نحن الآن بأمس الحاجة الى الأخلاق الفاضلة، فهي الصورة التي تُجمل كل عمل من الممكن أن نؤديه والخطيبات على وجه الخصوص تحتاج أن تكون مُكللة بالأخلاق الفاضلة، فطريقة الجلوس، النظرات، الكلام، الصبر، الحلم، وسعة الصدرو.. وحتى أصغر التفاصيل التي تؤديها تكون مصدر مراقبة شديدة واقتداء أكثر شدة لأنها تُنسب الى سيد الشهداء (صلوات الله عليه) ولهذا فمسؤوليتها اعظم واكبر في أن تكون افعالها تسبقُ اقوالها.
كذلك يجب مراعاة الصدق في الحديث فما يخرجُ من القلب سيكون موطنه القلب لا محال ..
حيث قراءة روايات باب العِشرة في الكافي الشريف، بحار الانوار، والإطلاع على كيفية تعامل أهل بيت العصمة (صلوات الله عليهم) مع الرعية مهم جداً للتِسلح بالأخلاق الفاضلة، فالأخلاق في العمل والتنظيم مهم جداً (الله الله في نظم الوقت وإحترامه ) فضياع الوقت سيؤدي الى ضياع الحقوق.
ثم وجهت الشيرازي سؤالا للحضور، ماهي المواضيع التي نطرحها على المنبر كي يستفاد الناس منها؟
ثم أضافت الشيرازي: لابد من تسليط الضوء على مشاكل المجتمع واهم الظواهر التي تنتشر بسرعة من اجل محاربتها، وكذلك طرح الحلول والعلاج لتلك المشاكل.
ثم تطرقت الى نقطة مهمة ان لا تكون الخطابة على نمط واحد حيث لا تواكب جميع الاذواق حتى لا نقع في فخ الملل والروتين.
وكذلك سلطت الضوء على طريقة تصحيح الأخطاء والنُصح والتي قد يكون اغلبنا غافل عنها بل قد يكون يمارسها بالطريقة الخاطئة ولهذا تعود علينا بالسلب حيث ان الطريقة يجب ان تكون (بذكر إيجابيات الفرد، بعدها التركيز على النقطة السلبية التي يمارسها والتي لا تتوافق مع إيجابياته لهذا يجب ان يقلع عنها )..
وكما كان هناك مداخلات في الموضوع ، وفي الختام استطلعنا آراء الخطيبات وكانت آراء بعضهن كالآتي :
المُلتقى شيء جميل جداً وله نتائج عظيمة وإن شاء الله يستمر في المستقبل،
اضاف لي الكثير وجعلني أُفكر ملياً بتصرفاتي واعمالي سواء كانت خاصة او عامة من ناحية عملي كخطيبة منبر من خلال كلام الاستاذة ام مصطفى القيمَّة وما بها من محطات مضيئة تشع بالنور.
وكان الرأي الثاني: اولاً رحم الله والديكم على هذا المُلتقى فقد كان ناجح جداً والموضوع المطروح كان مفيد وغيَّر الكثير من الافكار لدينا وأعطانا كذلك معلومات قيّمة ونحن بأمس الحاجة لهكذا ملتقيات.
أما الرأي الآخر فقد كان : ملتقى جيد ولطيف وسيكون جيداً لو كان دائماً لكي نستفاد ولكي يكون تلاقح بالافكار الحُسينية ، أضاف لي الكثير وأيضاً سلط الضوء على مشاكل المجتمع والسعي من أجل حلها ومعالجتها لان المنبر هو نشر الوعي الثقافي والعقائدي والفكري بين افراد المجتمع، وقد ساعد هذا المُلتقى وسيسُاعد بلا شك في تطوير الشخصية للخطيبة الحُسينية بمختلف المجالات.
وكان رأي احدى الخطيبات: كفكرة تُطبق على ارض الواقع ربما تكون لأول مرة وهي جيدة جداً واضاف لي التواضع أكثر الى خادمات الزهراء وان شاء الله وبنظرة من مولاي ابو الفضل العباس (صلوات الله عليه) نحو تطور العقيدة المهدوية وثقافة الانتظار.
الرأي الآخر كان: المُلتقى كان شيئاً رائعاً واتمنى أن يستمر وقررتُ من هذة الليلة أن ابدأ بالمطالعة وأن أُطور نفسي في الخطابة وبكل المجالات.
وايضاً كان رأي الأخرى: أفرح قلبي، واتمنى ان يكون بوادر خير خصوصاً نحو الإصلاح وكم نحن محتاجون الى هكذا لقاءات.
وايضاكان رأي احداهن: اتمنى أن تكون هذه المُلتقيات مُقامة في كل مكان وبين فترة وأخرى فأنها تُنمي الرابطة الإيمانية والمنبرية بين الخطيبات وتُوسع ثقافة الخطيبة وعلاقاتها الاجتماعية مع مثيلاتها وكيفية تعاملها مع المنبر فقد ساعدني هذا المُلتقى على إيصال المعلومات والملاحظات المهمة الى أذهاننا وكذلك الى بقية الأخوات الخطيبات والتي نُعاني منها في مجتمعنا الحاضر لان المنبر هو تصحيح السلوك الأخلاقي والاجتماعي والديني مع الله جل وعلا وتوجيه الناس الى طاعته والارتباط بخير وسيلة.
وختاماً: فكرة ممتازة واتمنى أن تتكرر عدة مرات فقد أضاف لي الكثير من الثقافة والمعلومات وحتى بعض العناوين المهمة، يعجز لساني عن وصفه (مسؤولية خطرة أمام مولاتنا الزهراء عليها السلام ).
وجدير بالذكر ان جمعية المودة والازدهار النسوية تهدف إلى توعية وتحصين المرأة ثقافياً لمواجهة تحديات العصر والعمل على مواجهة المشاكل التي تواجهها وإعداد العلاقات التربوية الواعية التي تعنى بشؤون الأسرة وكذلك دعم ورعاية الطفولة بما يضمن خلق جيل جديد واعِ.
اضافةتعليق
التعليقات