الأمومة هي أجمل وأنقى وأرقى إحساس، تجعلكِ تسهرين وتتعبين دون مقابل، الأمومة هي أن ينبض قلبكِ لأجل الجميع سواكِ أنتِ وتجعلكِ تقدمين طلبات الجميع على رغباتك..
الأمومة تعني وداعاً للأنانية وأهلا بحب عظيم...
عندما رجعت من المشفى مع موجود لم يبلغ وزنه 2/50 كيلو إلى البيت لم أكن أعرف أي شيء عن الأمومة...
لم يهمني أي شيء سوى أن تكون صغيرتي بخير، كنت مستعدة لأتحمل كل شيء كي تحظى بنوم هنيء وتكون في سلامة تامة، كان هناك احساس قوي يقول لي إنني أصبحت أقوى موجود على الأرض لأحمي هذه الطفلة من الصعوبات..
وكأنني أصبحت ذلك العملاق الذي يطرد كل صغير وكبير من قلعته كي لا يفسدوا متعة وحدته، من جهة كنت في أقصى قوة وأشعر أن باستطاعتي فعل المستحيل لأجل هذه الطفلة وفي آن واحد كنت أشعر بأنني أضعف موجود على وجه الأرض مطروحة على جانب كبياض الثلج لا يمكنني أن أتحرك أو أفعل أي شيء.
مجرد جسم هزيل! كنت هزيلة لدرجة إن مرض بسيط يفقدني صوابي وأموت كي تشفى هي...
أتذكر في المرة الأولى التي كانت تبكي من الألم وتغير لونها إلى الأزرق شعرت بأن الحياة أصبحت ضيقة لدرجة اني فقدت توازني ونسيت كيف اتنفس لوهلة وكأن الأوكسجين فقد طريقه إلي وفي نفس الوقت أصبحت الحياة واسعة لدرجة إنني تهت فيها، بكيت وبكيت عندما رأيت جسدها الصغير ليس قادراً على التحرك، كنت مستعدة أن أقدم ما لدي لترجع لي وتضحك في وجهي وتفقدني صوابي بنظراتها الجميلة الساحرة..
كنت أبكي لأنها كانت معتمدة على سلامتها والمرض غدر بها، كنت أبكي لضعفي وقلة حيلتي لأنني لم أستطع أن أقلل أي شيء مما تعاني، كنت أتلهف لأقول لها أصبري بعد كل عسر يسر ولكن لم تكن تفهم ما أعنيه لأنها كانت أصغر مما يمكن أن تعي ما أقول..
عندما تعافت وخرجت من تلك المرحلة الصعبة فهمت بأن الصعوبات ليست مختصة بمرحلة المرض فقط ففي كل مرحلة من النمو هناك عقبات تلاحقها كالظل، كنت اتوجع من وجعها وفي بعض الأحيان أتساءل مع نفسي من يتأذى أكثر هي ام أنا؟!
هي التي تتحمل صعوبة المشي وتقع بعد كل خطوة، أم أنا التي أقف أمامها وأبعد يدي عنها كي تقف على رجليها وتتعلم المشي؟
ولكن عندما قرأت حديث الامام الرضا عليه السلام:
الامام الأنيس الرفيق، والوالد الشفيق، والأخ الشقيق، والأم البرّة بالولد الصغير..
وددت أن أصرخ بأعلى صوتي وأبكي بحرقة، لا أستطيع أن أدرك هذا الإحساس لأنني لا أعرف سوى "حس الأمومة".
حتى لا أستطيع أن أدرك جزء من هذا الإحساس العظيم، أريد أن أبكي بشدة لأنه عندما تريد سهام القدر أن تقتلني وتتخلص مني لا أعرف صرخاتي وآهاتي ماذا تفعل بقلب ذلك الكريم؟
لا أعرف عندما أعتمد على بعض الأمور والأشخاص الذين أظن إنهم الأفضل ويغدرون بي
وأصبح أنا الخاسرة ماذا يكون حال ذلك الرؤوف؟
عندما أسلك طريقاً أظن إنه الصواب وأرى في وسط الطريق إنه ينتهي ببئر عميق وعندما أشعر بأن خطواتي أصبحت ثابتة وأقع بقوة على الأرض لا أعرف إحساسه وكيف يمد يده كي يساعدني أن أنهض من جديد؟
إنني لست واعية بما يكفي لأدرك كلماته النيرة عندما يقول إنا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم...
إنني أصغر وأجهل مما أعرف ماذا ينتظرني بعد ساعة، لا أعرف يوم غد سيكون يوم عذابي
ومرضي أو يوم نجاحي وفرحي..
مولاي...
أعرف شيئا واحدا فقط يكفيني، أن ألجأ إليك وترفق بي، أنت الذي ينتظر أكثر مما أنا أنتظر، أنت الذي تدعو كي لا أقع..
أنت الذي تهدي ثواب أعمالك لي ولأمثالي كي ننجو من العذاب والله وحده يعرف في هذه الأيام العصيبة من يتألم أكثر أنا أم انت؟
أريد أن أستيقظ من نومي وأكون كأولئك الأطفال الذين يطلبون كل شيء لوالدتهم، أطلب كل شيء لك أولا أريد أن أتغير وأمسح سواد الخطايا من ثوب عملي، أريد أن أتهيأ لأقدم لك هدية مختلفة هذا العام، لم يبقَ أمامي وقت طويل سأهيأ قلبي لأغسله بدموع التوبة.. هل تقبله مني؟!
اضافةتعليق
التعليقات