في قيامة الدين، واحتدام الكلمة فيه، عنوان خاص به، ولعل أبرز مقوماته، كماله في كل مزاياه.
ومما أصاب الروعة هنا، أن الإسلام جعل ركن الاتمام لركنه أن يلثم حجر السقيفة، ب قيادة الزهد، وجمال التقى، وعبارة الإلمام ب شخصية التداعي واحتواء الكتاب بأبجديته المتمثلة بالتكامل، وهذا لا يكون إلا بنص السماء، وعمر الوحي، ونظير الدجى، والعروة الوثقى التي لا تفترق أبدا عن حضيرة الحجة الخالدة، في زاوية التاريخ المعهودة منذ الأزل.
ومما لاشك فيه أن عمر الدين مقرون بنطق ممهد منذ أداء الوثيقة المعمورة، من وعلى ألسن طاهرة قد طهرت بالعصمة، واحتوت مضامين النبوة، لا تستورد الحيلة في عملها ولا في خطتها، بل اعتمدت الدليل، وشهادة الحق، ودوامة التحدي في عمق الثورة التي كانت ولا زالت تجابه الردود السالبة لأولوياتها.
نحن هنا نحدد مقال البرمجة المشهودة بالنص، ونسعف مقالنا بالدراية، والمكاشفة، وروية النضج والوعي المقبول على كل وجه.
التأريخ يسعفنا بكثير دلائله، وجميل حرفه، وعمدة تضحياته الممتدة منذ نعومة السرد الحاصل في كل مجال مر به حتى يومنا هذا.
اللون في الطرح، لا يغابت المثال أبدا، ولايترك له مسام غائرة ضعيفة، فكل حقيقة اندمجت بفكرة مخضتها نهضتها، وغذتها بفاضل المنطق الممزوج بتكلفة ثمينة المعنى.
لأن العلم، لايكيل بقائمة الشهود فقط بل بما احتواه كتابه من أصول اعتمد عليه التاريخ ك ركيزة لا يتغافل عنها في محفل التعريض.
اليوم نحن نعيش رفقة مستوردة مع قليل من ملح الفوضوية، المشكوكة في طرحها، لأن الذي يتفاخر بجملته، يقع أسير ميوله الفارغة من المعنى سوى أنها حبر قد جف، وورق قد اهترئ.
وهذا هو ما يدعونا إلى شد حزام الوعي، والبحث عن السبل الواقية، لرفع كاهل التشكيك ورسم خط الوضوح أمام عجلة التضحية.
في الوقت الذي تجابه به الفكرة، رضوض القوافي المرفوضة فكريا، وعواسل لا تمت لحديث الحق بصلة، نحن هنا أمام أمر قد فرض، وطاعة لابد منها، نحتاج إلى منهج أو منهاج كامل الفرضية والفضول ومضمون الإجابة لسؤاله.. وهو:
كيف يكتمل عمر التحدي على يد قد كمل الاسلام فيها؟!
تساؤل يفرض نفسه بجدارة!!
كيف استطاعت الكلمة أن تخلد في أمة رجل؟!
كيف هو أداء الحق فيه؟! وأين هو مستوى الأشعار وأمهات الاندفاع الذاتي، المعتمد عليه؟!
وماهو السبب في جعل وصية الخلد، أن تبارك على كف الطهر وعصمة الذات؟!
أليس في جملة الوتد هنا، أن تنهض بقوتها وتكتفي، أو أن ترضى بسيفها وتحتمي بعافية الوجد، وعباءة التفكير العامرة بالقوة والنفوذ؟!
ربما نعم، لها ذلك ويكفي لها فقط أن تشير وتسير، وتتغاظى عن أعراض الوسن، تاركة وشم العرين يضمخل ويخمد..
لكن في عامة الحديث، نحتاج إلى رفقة فكرية تدعم تلك البرمجة، وتنطق بالمطلوب، وتتحدى ذوات الضحالة من الصحابة.
ولنعرف كليا أن في عمر الغدير، أداة صلة لكمال كل الأفكار، وحرب لفوضوية السفلة من خارق بغيه هلال التوعية.
دراسة الغدير موسوعة، تحتل الصدارة في كل مرحلة نخطوها، ودراسة لا تتم إلا بذاتها، حتى أنها لا تفقد لمعانها عبر التاريخ، فكل جيل، يتعرف عليها بثوب جديد وحلة مختلفة لا تخالف الأصل فيها بل تدعمها بفاصل الرؤية والعمق، فكانت هي أم الأفكار والعقيدة، فكرة موزونة بقدر التواصل معها وفهمها والاندماج معها.
ولعل أبرز مواقفها أنها، خالدة تتجدد لا سحاب يرفعها فتذهب، ولا قلم ساخر فتلهب..
قضية الغدير، عدت مملكة يشاطرها ذوي العلم والعمل، تنافسها محافل التعددية، وكل زاوية معلقة بساق الفكر إلا ولها قيد من الغدير يصاحبها ويطهرها على قدر دوامها ووضوحها، اندماجا وضرورة.
فكل تأريخ يخلد بذويه وأصحابه وعلامة نهجه، وسواقه، وموقع أحفاد فكره..
والاسلام استمد عمقه من الغدير، وبنى هيكليته على أسسه الموثوقة بالنور، ودعائمه التي كانت ولا زالت تراث هذا الدين العظيم.
عمر الغدير لا ينتهي، فكون الدين ثابت، لأن الغدير حاضرا حيا في النفوس، بقدر احتياج الرئة إلى الهواء.
نحن على عاتقنا حفظ هذا المنهج، والدفاع عنه بالقلم وبقوة .. فليس كل منهج محفوف بالتكامل إلا منهج الغدير فهو استمداد علم ونور وترجمان الوحي من لدن عليم خبير، أيده الله بنصه واستبان علائمه في خير خلقه من بعد رسوله المصطفى صل الله عليه وآله، فهو كتاب الوصاية لعلي بن أبي طالب، حتى عد كمال الاسلام في مبايعته وخصه في آياته العظيمة المباركة: (اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).
فلا كمال إلا بولايته، ولا عقيدة ممهورة إلا برضاه، ولا بصمة ولاء إلا بحدود علمنا بهذا اليوم الأصب ألا وهو يوم الغدير، الذي جعله الله للناس العيد الأكبر، وهو أفضل الأعياد.
اضافةتعليق
التعليقات