حكايتنا مع هذا الحب قديمة جداً، هذه الكلمات عريقة جداً، وذات معنى أصيل ومعقد بعض الشيء، ياترى من أين بدأت؟
تذكرت ربما في تلك اللحظات التي لم نكن نعرف كيف نقوم من مكاننا وكنا بين العجز والرشد نقوم تارة ونقع أخرى يرددون بأعلى صوت: ياعلي مدد، كي نتشجع ونقوى على النهوض ونتعلم المشي، أو ربما قبل ذلك عندما كانت تشعر تلك المرأة الأعلى مقاما في حياتنا بوجع الولادة وكانت تشعر بأن الروح تكاد أن تخرج من جسدها وكانت تردد بين الألم والأمل: ياعلي مدد.
أو ربما قبل ذلك عندما ابتسمت من عرفت بحملها وحصنت مافي بطنها باسمه وبين آلاف الأفكار السلبية حول نوع الحمل ونوع الجنين كانت تتمنى أن تنتهي كل شيء بخير وكانت تردد: ياعلي مدد.
في لحظات العجز عندما نفقد السيطرة على حياتنا وتنتهي جميع محاولات الأرض نرفع قضيتنا إلى رب السماء بواسطة امام الرحمة ونقول بانكسار: ياعلي مدد، ولكن بالتأكيد حكايتنا أقدم بكثير من عالم الدنيا أو عالم الأجنة وعندما كنا في ظلمات..
فقد ورد في بصائر الدرجات: أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن صالح بن سهل عن أبي عبد الله (عليه السلام) إن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو مع أصحابه فسلم عليه ثم قال: أنا والله أحبك وأتولاك، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ما أنت كما قلت، ويلك إن الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام. ثم عرض علينا المحب لنا فوالله ما رأيت روحك فيمن عرض علينا، فأين كنت؟ فسكت الرجل عند ذلك ولم يراجعه.
لماذا الامام علي عليه السلام؟
لسنا نحن من نختار فلنا في رسول الله أسوة حسنة وهذا الأمر أمر الهي بعيد عن البشر وعقولهم المحدودة والمقيدة فاختيار الامام من الله سبحانه وتعالى والايمان بولاية أمير المؤمنين عليه السلام والخضوع لهذا الأمر ميزان قبول الأعمال ورفضها حتى وإن كان هذا الشخص النبي الكريم صلى الله عليه وآله حيث ورد في الكتاب الكريم: "يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته".. جميع محاولات النبي صلى الله عليه وآله وصبره في مجال الرسالة سوف يذهب هباءً إن لم يبلغ الأمر.
فكيف لا نختاره وهو أول من أسلم وآمن عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعلي ابن أبي طالب (هذا أول من آمن بي وأول من يصافحني يوم القيامة وهذا الصديق الأكبر وهذا فاروق هذة الأمة يفرق بين الحق والباطل وهذا يعسوب المؤمنين) .*١
من فدى بروحه لأجل محبوبه، إن الله سبحانه وتعالى أوحى ليلة المبيت على الفراش إلى جبريل وميكائيل إني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر, فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة, فاختار كلاهما الحياة.. أوحى الله إليهما: ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب آخيت بينه وبين محمد فبات على فراشه ليفديه بنفسه ويؤثره بالحياة, اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه. فنزلا, فكان جبريل عند رأسه وميكائيل عند رجليه, وجبريل ينادي من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة, وأنزل الله تعالى في ذلك: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ) .*٢
أشجع رجل لا يهاب الموت ويقف في وجه الأعداء
ثم قال الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد رجوع عثمان خسرانا: (غدا سأعطي الراية لرجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله, يفتح الله على يديه), فلما أصبح الناس غدوا كلهم على رسول الله كل يرجو أن يعطاها, فقال الرسول صلى الله عليه وآله: (أين علي بن ابي طالب)؟ فقيل هو يشتكي من عينيه ودعا له الرسول فبرئ حتى كأن لم يكن به وجع, فأعطاه الراية. راجع مسلم والبخاري والطبراني وأكثر المؤرخين وأصحاب السنن.
وتناول علي باباً عند حصن خيبر فتترس به عن نفسه, فلم يزل في يديه وهو يقاتل حتى فتح الله خيبر ثم القاة, وعجز ثمانيه نفر عن قلب ذلك الباب.*٣
وفي غزوة الخندق, من أجاب عمرو بن ود وهو يقول: ولقد بححت من النداء لجمعهم هل من مبارز؟ لم يجبه غير علي.*٤.
أول رئيس دولة في تاريخ البشرية يكشف عن ذمته المالية، "أتيتكم بجلبابي هذا وثوبي فإن خرجت بغيرهن فأنا خائن"، ألطف رجل على اليتامى وأحنهم بهم، أعدل رجل دولة حكم بحكم الاسلام بين المسلمين، أزهد أمير يترك الدنيا وزينتها.
عنه (عليه السلام): لدنياكم أهون عندي من ورقة [في] في جرادة تقضمها، وأقذر عندي من عراقة خنزير يقذف بها أجذمها، وأمر على فؤادي من حنظلة يلوكها ذو سقم فيبشمها..
ما لعلي ونعيم يفنى، ولذة تنحتها المعاصي؟!
سألقى وشيعتي ربنا بعيون ساهرة وبطون خماس "ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين "*٥.
إنه ميزان الحق والباطل، أمير الحب والملجأ عندالشدائد، منذ البداية وحتى النهاية سنهتف باسمه (نادعلياً مظهر العجائب تجده عوناً لك في النوائب كل هم وغم سينجلي بعظمتك ياالله، بنبوتك يامحمد، بولايتك ياعلي ياعلي ياعلي).
اضافةتعليق
التعليقات