"محمد بن مهدي الحسيني الشيرازي" هو أحد مراجع الدين الشيعة المعروفين وقد عرف بألقاب عديدة منها "الامام الشيرازي" وكذلك عرف بلقب "سلطان المؤلفين"، حيث ان مؤلفاته تجاوزت الألف.
وقد اهتم "الامام الشيرازي" بالمؤسسات الدينية والاسلامية فأسس عشرات المساجد والحسينيات والمدارس والمكاتب ودور النشر وصناديق الاقراض الخيرية والمستوصفات، كما وقد اسس وكلائه ومقلديه وانصاره بتشويقه وتخطيطه ورعايته كثيرا من المشاريع الاسلامية والانسانية في كثير من بقاع العالم وقد اولى" الامام الشيرازي" الراحل الحوزات العلمية اهتماما بالغا فأسس المدارس الدينية واجرى المرتبات الشهرية للحوزات وعلماء الدين، كما وأسس جمعيات حقوق الانسان في اكثر من مئة دولة واكد على تأسيسها لما لها من تأثير على المجتمعات وقد بين ذلك مفصلا في هذا الكتاب كما في غيره من الكتب؛ وقد اوضح سماحته دور الجمعيات الخيرية في اصلاح المجتمع وتقدمه وانتشاله من حالة التأخر.
في هذا الكتاب يحث السيد على الاصلاح والحركة وقد قسمه الى جزئين في الجزء الاول كل فرد حركة، يوضح سماحته كيفية الحركة وكيف يتم اصلاح المجتمع من خلال حث الافراد الى الانضمام الى مجموعات وعمل تجمعات بهدف الاصلاح.
بغض النظر عن عمل الافراد او مكانتهم الاجتماعية او ظروفهم المعيشية مكونين هيئة او جماعة او جمعية او لجنة او ندوة وبالنتيجة تجمع الذي هو مبعث التقدم لتبني مهام وبرامج التنمية والتطور.
ولا سيما بعد قصور الدولة واجهزتها ومواردها عن تلبية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطن ولما كانت هذه الاحتياجات حق من حقوقهم وباتت تلبيتها ملحة وضرورية لتأمين الامن الانساني والاستقرار الاجتماعي فأن لابد من توسيع المجال امام منظمات المجتمع المدني.
موضحا 'سماحته' في هذا الكتاب كل فرد حركة وفلسفة التأخر في الجزء الاول منه بعض حاجات المجتمع وكيف يمكن تلبيتها من خلال انشاء جماعات مكونة من افراد متماسكين ولديهم اهداف مشتركة.
وليس بالضروري ان يكونوا من قومية واحدة او مذهب واحد ولايشترط ان يكونوا من منطقة جغرافية واحدة ولكن المطلوب ان يكون الهدف واحد وان يعرف كل فرد منهم دوره في المجموعة ليتمكنوا من حل مشاكل المجتمع والقضاء على الجهل وذكر (رحمة الله عليه) جملة منها؛
انشاء لجان بناء المدارس ولا يهم ان تكون متواضعة.
_انشاء لجان بناء المساجد.
_انشاء لجان لتأسيس المكاتب العامة لرفع المستوى الثقافي للمجتمع.
_انشاء لجان تأسيس الحسينيات لأجل مختلف الاعمال الخيرية.
_انشاء لجان دعم الثقافة لرفع مستوى الثقافة في بلاد الاسلام في جميع المجالات ومساعدة الافراد على اكتساب العلم والثقافة من خلال توفير كل احتياجاتهم.
_انشاء لجان تدعم الصناعة والتكنلوجيا للأستغناء عن صناعات الغرب التي غزت بلاد المسلمين وقد بين "سماحته" ان هذا من اهم اسباب تأخر الصناعة ولابد من الاهتمام بالصناعة المحلية وصنع البضائع المتقنة والجيدة للأستغناء عن بضائع الغرب التي اغرقوا بلاد المسلمين بها.
ومن اثارها البطالة في بلاد المسلمين حيث تعطيل اليد العاملة وغلاء الاسعار التي ارتفعت في بلادنا ارتفاع مهولا، ومن اسبابه الضغط على القطاع العام مما ادى الى زيادة موظفي الدولة،
وتأخر الاكتشافات العلمية في بلادنا وعدم الاهتمام بالعلماء وبالنتيجة صار ذلك سبب لأسر المسلمين وتأخرهم.
اما الإحتياجات الاجتماعية: فقد وضحها مفصلا ونذكر امثلة عنها:
انشاء لجان تشغيل العاطلين من خلال انشاء صناديق الاقراض والمساعدة من خلال فتح دورات الخياطة والنساجة وصنع السجاد للنساء.
وللرجال من خلال فتح دورات حلاقة ونجارة وحدادة وغيرها.
وانشاء لجان متخصصة في الزواج وجماعات مساعدة الولادة وشؤون الاموات للفقراء الذين يعجزون عن ادارة شؤون انفسهم.
وانشاء لجان للأهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة كالعجزة والارامل والايتام والمعوقين والمتخلفين عقليا واصحاب الامراض المزمنة والمشوهين لابد من العناية بهم وتأسيس جمعيات لأجل التخفيف عنهم ومساعدتهم في كافة مجالات الحياة وقد وضح ذلك من خلال جلب الدواء او توفير الملبس والمأكل او توفير المدارس الخاصة بهم او اسعافهم او تزويج عزابهم او تجميل المشوهين واغاثة المنكوبين.
واضاف سماحته الى جعل لجان لزراعة الاراضي وتجميل المدن ولحاجات القرى والارياف،
موضحا ان زراعة الاراضي سوف تسهم بتشغيل اليد العاملة والاستغناء عن استيراد المواد الغذائية من دول الشرق والغرب.
وتجميل المدن وتنظيفها حفاظا على صحة المجتمع ولما فيه من الفائدة الروحية والبدنية، اما القرى والارياف كأن يصنع فيها اماكن ترفيهيه واستغلالها في السياحة.
وبين سماحته في نفس الكتاب اهمية انشاء لجان للأهتمام بالاخلاق والأداب والاحكام وسائر مايرتبط بالدين وبيان فقه الاسلام وتثقيف المجتمع دينيا من خلال بيان القوانين الباطلة التي بثها الحكام الجائرين والغرب المستعمرين في المجتمع للأطاحة بالدين الاسلامي، وبالنتيجة كل ذلك يصب في مصلحة المجتمع.
فأن الفقير العاطل عن العمل ان لم يجد مايسد به جوعه فأنه لايؤمن ان لا يبيع دينه، والفقير المعاق الذي لايقدر على تلبية متطلبات الحياة سوف يمد يده للأستعطاء والتسول، والمثقف المتعلم الذي لايجد مكان يحتويه ويقدر امكاناته فأنه سيصاب بالإكتآب والضغوط النفسية هذا ان لم يفكر ان ينتقم.
ولكن 'سماحة الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي الراحل' (رحمه الله) يبين الحلول وكيفية اصلاح المجتمع قدر الامكان من خلال حركة الفرد وعدم اتكاله على الحكومات وانشاء لجان وجمعيات حقوق الانسان لأنقاذ المجتمع من التأخر.
اما في الجزء الثاني من كتاب كل فرد حركة وفلسفة التأخر يبين سماحته جملة من اقسام التفلسف للتأخر كما يذكر بعض اسباب التأخر للتخلص منها مبينا ان اسباب التأخر على قسمين الاول؛ ان المسلمين اقنعوا انفسهم وتصوروا ان الأصلاح غير ممكن في بلادهم مسيطرة عليهم حالة من اليأس يحاولون ان يوهموا انفسهم ان الخرق قد اتسع ولايمكن الاصلاح والناس لاقابلية لهم متناسين فطرة الأنسان وماقام به المصلحون واعتمادهم على الفطرة، وقد سيطر عليهم الكسل مستهينين بقدراتهم وتاريخهم في ثورة العشرين وغيرها كيف وقفوا بوجه دول عظمى.
مستسلمين للتأخر في كل ميادين الحياة غير مبالين بالمؤامرات التي تحاك ضدهم للأطاحة بهم ولأستمرار تأخرهم.
واما القسم الثاني من اسباب التأخر:
تعرض بلاد المسلمين الى الاحتلال وتقسيم بلادهم وصنع الحدود الجغرافية بينهم وتسلط حكام جائرين عملاء للغرب على رقابهم، ومانتج منهم من حروب وتبديد للثروات وقتل الحرية وضياع الكفاءات والبطالة والغلاء والتضخيم السكاني والفقر (ومن المعلوم ان الفقر اذا دخل وطن قال للمرض والجهل والفساد والفوضى تعالوا معي) وبثوا التفرقة في مابينهم من خلال تشريع قوانين غير اسلامية وهم بالمقابل يعملون بقانون الاسلام والقرآن لتقدم بلادهم.
وبين سماحته ان الاسلام الذي يحث على الوحدة وعلى الاخلاق وعلى الهمة وعلى الاتقان وعلى الهدف في الحياة وعلى التفاؤل وعلى الحركة واستغلال الفرصة وعلى الامل والعمل.....
جاءت دول الغرب بقوانين اشاعوها في بلاد المسلمين ليتمكنوا منهم حيث جعلوا الحياة تحت ظل الحضارة المادية خارجة عن دائرة الانبياء وقوانين السماء، التي حلت محلها سوء الاخلاق وفساد الضمير وعدم الايمان والاستهتار والاباحية والنزاعات والاستبداد والعنف وسوء الظن وحالة السلبية والكسل واللامبالاة وحب الذات وإثار المصلحة الشخصية على المصلحة العامة من اجل ارضاء الرغبات والغرائز الحيوانية الشهوانية.
واخيرا بين "سماحته" مفصلا لمن اراد ان يصلح المجتمع ان لايقف مكتوف الايدي يتفرج كيف ان الاسلام يضيع من بين ايدي المسلمين، وان يضع يده بيد الجماعات التي تحاول المساعدة والاصلاح.
(وألزم على جميع المسلمين وقد اصبحوا بعيدا عن الركب ألوف الاميال ان يتركوا فلسفة التأخر كما هو شأن الكسالى والمترهلين ويأخذوا بجد في العمل الاكثر كما والافضل نوعا وفي كل الابعاد حتى يصلوا وعليهم الاهتمام لأرجاع الاسلام الى بلاد المسلمين وتعميم الاسلام في كل العالم).
اضافةتعليق
التعليقات