• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

سوء المعاملة.. طريق لموت التعاطف

اسراء حسين / الخميس 04 كانون الثاني 2024 / تطوير / 2415
شارك الموضوع :

يتكرر هذا الفشل في التعاطف أحيانا، إن لم يكن غالبا، في الأجيال المختلفة، يتكرر مع الآباء المتسمين بالقسوة

حدث ذات يوم في مركز رعاية الأطفال، في أثناء اللعب الخشن، أن الطفل مارتن البالغ من العمر عامين ونصف العام، لمس طفلة صغيرة انفجرت في البكاء دون سبب. أمسك مارتن بيدها، لكن الطفلة أخذت تنتحب وابتعدت عنه، فضربها على ذراعها.

ومع استمرار بكائها ، نظر «مارتن» بعيدا ، وصرخ فيها «اخرسي ... اخرسي»، وظل يردد هذا بسرعة أكثر وصوت أعلى . وعندما حاول «مارتن» مرة أخرى أن يربت عليها ، قاومته ثانية في هذه المرة، سن «مارتن» أسنانه مثل كلب مزمجر، وأخذ يهمس للطفلة المنتحبة، ومرة أخرى أخذ يربت على ظهرها، لتتحول هذه «الطبطبة » سريعا إلى ضرب عنيف، واستمر يضرب الطفلة الصغيرة المسكينة على الرغم من صراخها تثبت هذه المواجهة المضطربة، كيف يؤدي سوء معاملة الطفل، بضربه مرارا وتكرارا، وفقا لحالة أبويه المزاجية، كيف يؤدي هذا الإيذاء الجسدي والنفسي إلى إفساد نزعة الطفل الطبيعية للتعاطف> فها نحن نرى سلوك «مارتن» الشاذ واستجابته الوحشية لتكدير رفيقته الطفلة نموذجا لأمثاله من الأطفال الذين هم أنفسهم ضحايا ضرب أبويهم وإيذائهم البدني منذ طفولتهم، هذا النموذج يناقض تماما  مع الأطفال الرحماء، الذين يحاولون مواساة أقرانهم الباكين، كما بينا في الفصل السابع. إن استجابة «مارتن» العنيفة لانزعاج الطفلة، تكشف جيدا الدروس التي تعلمها في أسرته عن الدموع والألم النفسي فالبكاء يقابل في البداية بإيماءة مواساة قاطعة لكن إذا استمر هذا البكاء، فستأتي النظرات البغيضة والصراخ في وجه الطفل، ثم انتقاده بشدة، وانتهاء بالضرب المباشر وربما كان الأكثر إزعاجا بالنسبة لـ«مارتن» أنه يفتقر بالفعل إلى أكثر أنواع التعاطف الفطرية وهي غريزة الامتناع عن مهاجمة إنسان مجروح المشاعر، فهو طفل لا يتجاوزعمره عامين ونصف العام لا أكثر يكشف عن برعم الدوافع الأخلاقية لوحشية سادية قاسية.

ولا شك في أن «سفالة مارتن في مجال التعاطف الوجداني»، هي تماما صفة أمثاله من الأطفال، الذين تعرضوا في بيوتهم وهم في عمر الزهور الرقيق إلى الإيذاء العاطفي والجسدي الذي يترك آثاره عليهم. كان «مارتن» واحدا من مجموعة مكونة من تسعة أطفال مثله تتراوح أعمارهم من عام واحد إلى ثلاثةأعوام تعرضوا مثله للإيذاء.

كان معهم للمقارنة تسعة أطفال آخرون أبناء أسر تعيش تحت ضغوط نفسية شديدة، لكنها لا تؤذي أطفاله اإيذاء جسديا، كانت الفروق في ردود أفعال المجموعتين مذهلة حقا في سلوكهم تجاه طفل يشعر بالألم أو الانزعاج.

لوحظ أن خمسة أطفال من التسعة الذين لم يتعرضوا للأذى في بيوتهم، تصرفوا في 23 حالة من مثل هذه الحالات طفل يعاني من الضيق والألم بالقرب منهم تصرفوا معه باهتمام وحزن، أو بتعاطف، أما بالنسبة للأطفال الذي تعرضوا للإيذاء الجسدي في بيوتهم، فلم يظهروا في 27 حالة مماثلة أي اهتمام بالطفل المتكدر، بل على العكس كان رد فعلهم مع الطفل الباكي، تعبيرات من الخوف والغضب، أو بالعدوان البدني كما فعل«مارتن». هؤلاء الأطفال يعاملون غيرهم من الأطفال كما يعاملهم آباؤهم وأمهاتهم فقسوة قلوب هؤلاء الأطفال الذين يتعرضون للإيذاء الجسدي، هي ببساطة نسخة أكثر تطرفا من قسوة الأطفال الذين يقتصر إيذاؤهم على مجرد انتقاد آبائهم لهم، وتهديدهم، وعقابهم عقابا شديدا، أما المجموعة الأولى فلا تهتم على الإطلاق برفاقهم الأطفال إذا جرحوا أو بكوا ومن الواضح أنهم يمثلون قمة البرود الدائم الذي تصل ذروته إلى وحشية الاعتياد على ما يلقونه من إيذاء جسدي في بيوتهم ومع تقدم العمر، نجد أن هؤلاء الأطفال كمجموعة، يواجهون صعوبات في التعليم، ويصبحون عدوانيين مكروهين بين أقرانهم، وأكثر نزوعا للاكتئاب، وعندما يبلغون سن الشباب من المتوقع تورطهم في مشاكل مع القانون، وارتكابهم أكثر الجرائم عنفا .

يتكرر هذا الفشل في التعاطف أحيانا، إن لم يكن غالبا، في الأجيال المختلفة، يتكرر مع الآباء المتسمين بالقسوة الذين عانوا هم أنفسهم من القسوة نفسها في طفولتهم على أيدي آبائهم، هذا الفشل هو النقيض الدرامي للتعاطف الطبيعي الذي يظهره الأطفال الذين نشأوا في أسر تشجعهم على الاهتمام بالغير، وتفهم شعور الأطفال إذا تعرضوا لمحنة ومن ثم، فإن دروس التعاطف إن لم يتعلمها الأطفال منذ المهد، فلن يتعلموها بعد ذلك على الإطلاق.

والواقع أن الأمر الأكثر إزعاجا حقا بالنسبة للأطفال الصغار الذين يتعرضون لسوء المعاملة والأذى، هو أنهم يتعلمون الاستجابة كنسخ مصغرة من آبائهم وأمهاتهم الذين يسيئون معاملتهم وقد تبين أن الضرب الجسدي الذي يتعرضون له يوميا كان له أثره الواضح على ماتعلموه من انفعالات وإذا وضعنا في الاعتبار أن النزعات البدائية لمراكز المخ الخوفي يكون لها الدور المهيمن في اللحظات التي تحتدم فيها مشاعرنا أو التي نمر فيها بأزمة، فإن العادات التي تعلمها المخ الانفعالي على مر الأيام سوف تكون لها الهيمنة سواء أكانت في اتجاه الأفضل أو الأسوأ، هكذا نرى كيف يتشكل المخ ذاته بالقسوة، أو بالحب، مما يشير إلى أن الطفولة تمثل فرصة فريدة لتعلم الدروس العاطفية فهؤلاء الأطفال المسحوقون قد تغذوا مبكرا على نظام ثابت من الأذى والصدمة، وقد يكون أولئك الأطفال التعساء المعذبون نموذجا يوضح لنا الكيفية التي يحدث بها الأذى بصفة دائمة في المخ، بل مدى إمكان تعديل هذه الآثار القاسية.

مقتبس من كتاب الذكاء العاطفي من كتاب دانييل جولمان
الطفل
التربية
الاسرة
الاب والام
السلوك
العنف
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    محرّم في زمن التحول

    تحدّي عاشوراء: أربعون يوماً لتكون حسينيّاً في زمن الضياع

    بعد تراجع وفيات النوبات القلبية.. ما الذي يُهدد حياتنا الآن؟

    وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى: وعدُ الأمل في هندسة الحياة

    كيف تبني ثقة بنفسك؟

    فنجان من القهوة قد يفعّل مفتاح محاربة الشيخوخة في خلاياك

    آخر القراءات

    العطف والحنان نعمة أم نقمة؟!

    النشر : الأثنين 18 تموز 2016
    اخر قراءة : منذ 5 ثواني

    يبكي مع الباكين

    النشر : الثلاثاء 30 آذار 2021
    اخر قراءة : منذ 23 ثانية

    نادي أصدقاء الكتاب يناقش: مناشئ الضلال ومباعث الإنحراف

    النشر : الأثنين 07 كانون الأول 2020
    اخر قراءة : منذ 27 ثانية

    ثقافة الحياة الزوجية.. لقاح ضد المشاكل

    النشر : الخميس 21 كانون الأول 2023
    اخر قراءة : منذ 28 ثانية

    دراسة: رؤية صور الشرايين قد تحفز المرء على الاهتمام بصحته

    النشر : الخميس 03 كانون الثاني 2019
    اخر قراءة : منذ 29 ثانية

    كذبهم الله ورسوله فكيف تصدقهم؟!

    النشر : الأحد 10 آذار 2019
    اخر قراءة : منذ 33 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    مدينة الانتظار: تُجدد البيعة والولاء في عيد الله الأكبر

    • 597 مشاهدات

    رحلة من السجن إلى الحرية: قصة عن معركة مع المخدرات

    • 468 مشاهدات

    اكتشاف الذات.. خطوة لمستقبل أفضل

    • 416 مشاهدات

    المختلف متخلف!

    • 407 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو": صدفة؟ أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 398 مشاهدات

    حين تباع الأنوثة في سوق الطاقة: عصر النخاسة الرقمي

    • 382 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3625 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 1475 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1290 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1158 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1098 مشاهدات

    الإمام محمد الباقر: منارة العلم التي أطفأها الظلم

    • 931 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    محرّم في زمن التحول
    • منذ 14 ساعة
    تحدّي عاشوراء: أربعون يوماً لتكون حسينيّاً في زمن الضياع
    • منذ 14 ساعة
    بعد تراجع وفيات النوبات القلبية.. ما الذي يُهدد حياتنا الآن؟
    • منذ 15 ساعة
    وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى: وعدُ الأمل في هندسة الحياة
    • الأثنين 30 حزيران 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة