في كل جوانب الحياة نرى مبدعين كثر في مجالات عدة كالعلوم والآداب والفنون والنحت، وأحيانا حتى الإنسان العادي ينتابه حالة تجعله قليل الإنتاج أو قد يشعر بعدم الرضا عن ذاته أو عمله، وتكون تلك الحالة أصعب عندما تجد أنك لست وحدك من يمر بها، هناك كثيرون يشاركونك بها والسبب مجهول، وقد تستمر لأشهر وأحيانا تعلن أنك توقفت عن ذاك المجال وتركته، سوف يكون قراراً صعباً لأنك أصدرته بعد محاولات عدة كانت نتيجتها سلبية، لا يمكنك تقديم شيء بعد أن كنت في أوج عطائك قبل أشهر أو أيام، قد يعتقد البعض أنه شيء تافه ولكن الامر صعب للمبدعين، فتوقفه عن العطاء معناه توقف حياته.
وفي محاولة منا لمعرفة الأسباب وراء هذه الحالة كان لا بد من التأكد من تكررها عند عدد من الأشخاص وأنها ليست حالة فردية تراود فئة قليلة أو حالات لا تؤثر، طرحنا هذا السؤال على مجموعة من المبدعات من الشاعرات والرسامات والكاتبات، وكان السؤال: هل تمر عليكم لحظات تبقون دون حيلة للعطاء أو للاستمرار لأي من ابداعاتكم التي سبق وبدأتم بها، وخاصة في الشهران الماضيين.
وكان الرد الأول من الشاعرة (رواء علي) فقالت: (صمت الإحساس حين يغتالك)، توجهت لها بالتوضيح أكثر فقالت: تتجمد الأحرف ويقف بنا الزمن..
أما الكاتبة الشابة أرغد فكانت لها طقوس خاصة وهي تطلعنا عليها مشكورة وتقول: عندما أتعثر أسلك طريق القراءة وأنتقي كتب تعيدني حيث كنت وتوقفت لأكمل مشواري، تتخبط مواهبنا لكنها لا تموت.
وتقول الكاتبة أديان كريم: نعم أمر بهذه الحالة عندما أجد نصوصي سرقت وارتفع بما أكتب وأنا افتقد للدعم.
أما رأي الشابة ختام كاظم من النجف وهي كاتبة بمجال أدب الأطفال: نعم أمر بهذه الحالة وبالأصل اشعر أن كل شيء بدأ مظلما ومتعبا حتى الكتابة على الرغم من وجود الأفكار لكن التعبير عنها أمر يتعذر علي انجازه.
وكذلك شاركتنا كاتبة الخواطر رغد أحمد النعيمي برأيها، وأكدت أنها مرت بهذه الحالة قبل فترة وتقول: شعرت أنني كرهت حياتي وربما فشلت، وأرجو لو يقوم احد باعلامي بالأسباب وعلاجها. وكذلك الكاتبة الشابة دعاء موسى ومدرسة اللغة العربية: نعم أصبح لي أسبوعين وأنا متوقفة عن الكتابة وأجهل الأسباب ولا أعرف إلى متى تستمر.
وأكدت المهندسة إيلاف خورشيد: ان هذا الطارئ حصل معها خصوصا في شهر آذار، وسألت أن كان هناك تحليل علمي لهذه الظاهرة.
وأكدت الرسامة سمر شاكر أنها تعرضت للجمود والتوقف عن الرسم وتتمنى معرفة السبب.
وللكاتبة الشابة ملاك المياحي رأي يختلف بحيث وصفت أنها دورية تأتي كل فترة وتجعلها تتخلى عن كل شيء تحبه وعن تحقيق طموحاتها.
وفاجئتني تشابه الآراء لكل من جوانا محمد وبركان العبيدي والكاتبة أزهار الأنصاري وكذلك الصحفية ضحى جمال؛ بأن الأفكار موجودة لكن نعجز عن التعبير عنها، و كثير من الآراء التي تجهل أسباب هذه العزلة عن الإبداع، أو كأنها كقيد وهمي يبعثر ابداعك ويترك نبضك بلا حراك.
السبب وراء بحثي هذا هو أن الحالة قد أصابتني بعد عطاء ومروري بفترة عمل أنجزت فيها ومؤلفان وبدأت بالثالث مع الكثير من المقالات والحوارات أصبحت أنظر إلى الكتابة وكأنها عبء بعد أن كانت واحة ارتواء.
أما أسبابها فهي كثيرة وقد شاركتنا بعض منها الكاتبة المغربية لبنى العامري بتحليل منطقي واسمه الجمود الفكري، والكاتب مهدد به من فترة إلى أخرى بحيث يصبح غير قادر على كتابة جملة مفيدة، وشخصيا أصبت بها مرارا وتكرارا وخاصة في الأوقات التي يكون لدي إجهاد وعمل كثير، اضافة إلى الأسباب بعد تجربتي وبحثي، ان الفترة التي تمر تأتي مع حلول الربيع تكون محملة بكثير من عوارض الحساسية من جراء هذا الفصل، وتغيرات كثيرة من تفتح الأزهار وكثير من النباتات وتغير مفاجئ في أوقات الليل والنهار وهذا يؤدي إلى قلق في البرنامج وأوقات النوم والراحة والبعض يعتريه الأرق وحتى المنومات لا تجدي معه.
ومع طول النهار كثيرين يشتكون أنهم يستمرون في لعمل طوال ساعات النهار، وأغلبهم كانوا يستغلون ساعات من ليل الشتاء الطويل للكتابة، ويضاف معها أن الاستمرار بالعمل لأشهر دون اجازة أو ترفيه وبالأخص مع حلول الربيع يصيب الكثير بالإحباط، وعدم استطاعتهم التأمل والترفيه والانتظار لفصل الصيف، اما بسبب العمل أو الدراسة والمسؤوليات، وبالنهاية، نتمنى دوام الإبداع للجميع والتغلب على العقبات.
اضافةتعليق
التعليقات