قال سبحانه وتعالى: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم ۗ مَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ)، هنا دعوة للتفكر بالآفاق، إن التفكر بخلقِهِ سبحانه هو من أعظم العبادات "تفكر في خلق الله ساعة خير من عبادة سنة".
وماتفكر عبدٌ إلا بلغ درجات عالية وعظيمة ومنزلة رفيعة، فهو تعمق في صنعه وقدرته جل جلاله وترسيخ معرفة القدرة والجمال الحقيقي الذي تجلى على الأرض ليكون لنا سبيلا للوصولِ إليه. فالطعام هو وسيلة للبقاء على قيد الحياة، والمناظر الخلابة والطبيعة تساعد النفس على الاقبال للعبادة وكلها وسائل لنا لوصال المحبوب الأعلى.
ولايقتصر التفكر على الأمور الخارجية بل على الجسد أيضا فاليدين والرجلين واللسان والأذنين والعينين والقلب والروح كلهما وسائل أيضا.
وعلينا أيضا أن نربط الأمور الخارجية مع الروح فالتفكر بالغيوم وربطه مع الأيام التي تبدوا كالغيم حاجبة عن رؤية الضوء حاجبة عن رؤية الأمل تزول ما إن يجن الصباح أو بعد مرور ساعات قليلة. كذلك الهموم والأيام الصعبة، ومابعد ذلك إلا فرجًا غير متوقع فعطايا الباري سخية. وكما يقولون "المحن تأتي بالمنح"، كما التأمل في الجبال أن يصبح الانسان مثل الجبل عندما تعرض عليه المعصية ويتعالى عليها. أو عندما يقنط ويعترض على قضاء الخالق وقدره فيُسلم ويرضى.
أو بالماء الذي ينجرف كالنفس التي تنجرف في مغريات الحياة وملذاتها ولا تعرف بأي وادٍ تهيم.
السحب التي تحجب القمر فالبعض نظرهم قاصر فيقولون إن مس الروح أذى من النفس الأمارة بالسوء فسواد الروح (أي الذنوب) لايمكن أن تزول فيعيشوا بهذا الوهم طوال حياتهم من دونِ توبةٍ أو رجوع للخالق الرحيم الغفار.
وأيضاً الضباب يعدم الرؤيا والضباب المعنوي مثل سوء الظن والمحرمات سوف تحجب الرؤيا القلبية. من النملة التي تحمل الطعام الذي يكون أضعاف وزنها بعشرات المرات دون أدنى أذية؛ في البلاءات المتتالية على العبد فيعجز العبد عن الصبر ويولول قائلا هذا فوق طاقتي ناسيًا وعد الله "لايكلف الله نفسًا إلا وِسعها" كُلٌ يراها من منظورٍ مختلف وتفسير آخر ولكن التفسير الحقيقي لهذهِ الحكمة هو أن رحمة الله التي وسعت الكون كانت كفيلة بكفل روحك ورحمتها وعدم تكليفها إلا بما تتحمل.
وكلما تأمل العبد في هذه الأشياء سيرزقه الله عز وجل فيوضات ومعاني لا تُمنح لأي مخلوق.
العلماء يقولون: "إن الكون إنسانٌ كبير والإنسان كونٌ صغير"، وبهذا مختصر الحديث فما في الكون موجودٌ في النفس والذات ولانحتاج إدراك ذلك إلا بالتفكر الدائم وربط الخارج مع الداخل. حتى أنها ستكون إجابة لبعض الأسئلة التي ترد في الذات مازالت علامات الاستفهام عليها؛ وبالتفكر تكون الإجابات واضحة وجلية أمام عينيك..
اضافةتعليق
التعليقات