من أقوى صراعات الإنسان وأشدها خطورة عليه هي صراع النفس بين الشر والخير .
فقد يتغلب الإنسان منا على شرور الآخرين وخطورتهم لكن يسقط في شر نفسه والتي من أعتاها مرض الحقد والحسد وغيرها .
فهناك من يكثر من الأعمال الطيبة كصلاة وصيام وصدقات، ولكنه لا يملك نفسه عند رؤية نعمة الغير .
فيشعر بالحقد والغل والحسد، ومثل هذا لا يأمن أو يطمئن إلى عمله لأنه قد لا يجد منه شيئًا يوم القيامة لأن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب كما قال الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) فلا هو عاش الدنيا هاننا سعيدًا، ولا هو ذهب للآخرة آمنا مطمئنا.
فيصبح من جميل الملامح إلى كئيب عجوز يراقب الآخرين فيذهب عمره .
ويحدث ذلك عندما يغير الإنسان أسلوب تفكيره الذي اعتاد عليه عند رؤية نعمة الغير بأن يختار أن يفكر بشكل مختلف، بالشكل الصواب الذي يريده الله له، حيث الأجر المضاعف أو النعمة البديلة ..
إذن يمكن القول أن داخل كل انسان هناك شر وخير هناك القبح والجمال وبيد الانسان أن يقتل القبح الوحش ويظهر جمال الروح فتكون حسناء في الفعل والقول كما هو مطلوب في الأخلاق الإسلامية.
وبالرغم من أننا قد نكون شاهدنا الكثير من المواقف في حياتنا جعلتنا وحشاً في مرحلة ما، للتخلص من هذا الوحش اللعين؟ لا بد من اتباع بعض الخطوات .
عند الشعور بالألم أو الحسرة أو الغيرة عند رؤية هذه النعمة، فمجرد أن يجد الإنسان في نفسه شيئًا عندما يرى الخير الذي نزل بغيره فهو بذلك حاسد، حتى وقبل أن يتمنى زواله من عدمه؛ القلب السليم لا يهتز ولا يتغير ولا يتأثر في أرزاق من حوله، لأنه على يقين من أن ما تخطاه لم يكن نصيبه، وما أصابه لم يكن يخطئه، وأن رزقه آتيه لا محال.
سؤال آخر: قابل للعلاج والإصلاح؟، أم أن الناس مخلوقون إما وحشاً أو حسناء .
يقول أحد العلماء: (لا يخلو جسد من حسد، ولكن الكريم يخفيه، واللئيم يبديه)، أي أن الحسد واقع في قلب الجميع، وتُبتلى به كل القلوب في وقت من الأوقات، لكن الإنسان الذي يخاف على نفسه يقاومه يهذبه، ويظل يتعلم كيف يجاهد نفسه فيه، وأما الذي لا يهتم فيرحب به، ويتمادى فيه، ويظهره، بل وقد يدعو من حوله للاشتراك معه فيه. إذاً فالحسد شأنه شأن أي مرض يمكن علاجه، ويمكن الحد منه إذا أراد الشخص نفسه ذلك، وإذا استعان بالله على ذلك، ثم تعلم كيف يفعل.
وبين الأمور الصعبة العظيمة كالجهاد مثلا، إنما ربطه بأمر آخر تماما، وهو أن يترك الإنسان كل ما لا يعنيه.. فقط وهذا لأن هذا الفعل هو المدخل الرئيسي لكل خير وكل صلاح يصل إليه الإنسان، وعكسه يجره إلى الكثير من الفتن وأمراض القلوب ولأنه أيضا أمر شاق، وليس بالسهل إلا على القلوب المخلصة بالرغم من أنه يبدو بسيطا وممكناً.
وفي ذلك دليل على صعوبة الأمر حتى على العباد المجتهدين.
ما علاقة هذا الحديث بعلاج الحسد؟
هو كل شيء تستطيع العيش بدونه، فإذا فكرت في أي أمر فوجدته زائدا عن حاجتك ويمكنك الاستغناء عنه فهو لا يعنيك قولا وفعلا ونظرًا وفكرًا، أي عينك تترك ما لا يعنيها، لسانك يترك ما لا يعنيه، أذنك تترك ما لا يعنيها، قدمك تترك ما لا يعنيها، يدك تترك ما لا يعنيها. أو لنعرف ما لا يعنيك بمعرفة ما يعنيك أولا، فإن ما يعني أي إنسان هو أحد أمرين: إما شيء ينفعه في دنياه، أو ينفعه عند مولاه، أي إما يكون شيئًا مفيدا لتحسين دنياك أو آخرتك.
اللجوء إلى الله هو طريق الخلاص من الوحش، يقول السيد الشهيد عبد الحسين دستغيب (طاب ثره): وساوس الشيطان وأذيته للإنسان غير خافية على أحد، فالجميع يعلم هذا العدو اللدود للإنسان لن يتركه حتى النفس الأخير، وكل هدفه هو أن لا يؤمن الإنسان بالله والآخرة، وفي الدرجة الثانية أن لا يصدر منه أي خير، يوجهه إلى كل شر.
والشيء المهم هو معرفة طريق النجاة من يد الشيطان.
الآن يجب علينا أن نرى ما هو طريق الخلاص بعد أن عرفنا قوة العدو وأنّه قابع في الكمين؟ والطريق الوحيد للعلاج هو ما أمر به القرآن الكريم حيث قال: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} حيث إنّه لا طريق سوى اللجوء إلى الله والابتعاد عن المعاصي ومداومة العبادات والالتزام فهنا يكون الوحش قد ضاع طريقه وعاشت الحسناء في داخلك مطمئنة مؤمنة في مرحلة السابقون السابقون .
اضافةتعليق
التعليقات