هل للشارع المقدس، ولأمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام خاصة، إرشادات تنير الدرب للفقراء، وتعرفهم على سبل وآليات الخروج من تحت خط الفقر، بل وتكشف لهم عن الطرق الناجعة للإثراء المشروع؟
عليك بالإبداع الخلاق والمغامرة المدروسة: عن الإمام الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه عن جده، عن أمير المؤمنين علي (عليهم السلام) قال: «كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإن موسى بن عمران خرج يقتبس لأهله ناراً فكلمه الله فرجع نبياً، وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان وخرجت سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين».(۱) (التفكير الإبداعي الخلاق) و(المغامرة المدروسة) يعتبران من أهم سبل اكتشاف طرق جديدة نحو (الثراء) كما أنهما يعدان من أهم سبل التغلب على العقبات غير المتوقعة التي قد يواجهها أرباب العمل والشركات.
وجوهر هذين الأمرين هو ما أشارت إليه الرواية (كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو) إذ كثيرا ما يكون الثراء والفرج والتقدم في (غير المتوقع) وفي (ما لا ترجو فائدته)، بل ولا تحتملها أبدا، فلا تكن تقليديا جامدا بل كن (متحرراً منطلقا). والمقصود بالتقليدي من يعيش أبدا أسير نفس الطرق السابقة المعهودة، والمراد بـ(المتحرر) من يتحرر من أسر الأطر الضيقة السالفة، ولا نقصد التحرر من الضوابط العقلائية والشرعية.
لا تخاطر مخاطرة غير مدروسة: وقال: «ولا تخاطر بشيء رجاء أكثر منه»، إن من طرق الفشل (المخاطرة غير المدروسة) أما المخاطرة المدروسة فمطلوبة، ولذلك قال: "التاجر الجبان محروم والتاجر الجسور مرزوق".
والمخاطرة تكون غير مدروسة، إذا لم تقترن بدراسة موسعة لأوضاع السوق وظروف المستهلك وخصوصيات المتعاملين معك، وإذا لم تقترن بمشورة مكثفة ثم بتخطيط سليم وحسن انتخاب للأعوان وللآليات وبرقابة متواصلة وتقييم مستمر للأداء.
حافظ على ما في يدك: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصية له للحسن: "وحفظ ما في يديك أحب إلي من طلب ما في يدي غيرك". 2
هنالك عوامل لايجاد الثروة والغنى، وهناك عوامل لإبقاء الثروة والغنى، وعلى الفقير أن يهتم بإيجاد عوامل إيجاد الثروة، كما على متوسطي الحال والأغنياء الاهتمام بإبقاء الثروة والغنى، ولذا يقول الإمام (وحفظ ما في يديك ...) و(ما في يد الإنسان) يشمل (الشركة التي ورثها من أبيه أو التي أسسها هو) و(المعمل والمصنع الذي أسسه أو اشتراه أو ورثه) وحتى (المزرعة والدار التي يملكها) بأن يصونها عن الخراب والتلف .. وإلا فإنه سيضطر لكي يمد يده للآخرين مستجديا معونتهم!
إلتزم بالرفق في المعيشة: عن الإمام علي بن أبي طالب انه قال: «قال رسول اللہ ﷺ: "إذا أراد الله تعالى بأهل بيت خيراً فقههم في الدين، ورزقهم الرفق في معايشهم، والقصد في شأنهم، ووقر صغيرهم كبيرهم، وإذا أراد بهم غير ذلك تركهم هملاً". 3
إن (الرفق في المعيشة) يعد من أهم طرق الحصول على المال، ثم هو بعد ذلك يعد من أهم سبل الحفاظ على الثروة ومن ثم تنميتها، والرفق يقابل العنف ويعني (لين الجانب) وهو ضد العنف، وفي الحديث: الرفق نصف العيش، كما إن الرفق يقابل الخرق ويعني (أن يحسن الرجل العمل) كما جاء في مجمع البحرين، ومن الواضح، إن العنيف والذي لا يحسن العمل، يفقد ثقة الناس ويفقد عملاءه، أما اللين الجانب الذي يتقن العمل – سواء أكان خياطة أم كان تجارة أم كان صناعة من الصناعات – فإن علاقاته ستتوسع بإطراد وسمعته ستمنحه المزيد من المصداقية، فيتهافت عليه الناس، فينتقل من ربح إلى آخر، ومن إنتاج إلى إنتاج أكبر، كما أن (التفقه في الدين) يجنب المرء، مواطن غضب الله ومواضع معصيته، فلا يغش ولا يرتشي ولا يحتكر ولا يطقف في الميزان ولا يسرق ولا يحتال ولا... ولا.. وبذلك يربح رضا الله تعالى، كما يربح الناس، فيقبلون إليه وتزداد ثروته تبعاً لذلك بإطراد.
اضافةتعليق
التعليقات