الكثير من الأشخاص يسعى إلى التعلم وتطوير الذات واكتساب المزيد من الخبرات والمهارات للوصول إلى ما يحلمون به وتحقيق أهدافهم لذا إن كنت ترغب بتغيير طريقة تفكيرك وتصرّفك فالأمر ممكن تمامًا. حيث إن المخ يقوم بتكوين روابط جديدة بشكل مستمر ويقوم بقولبة نفسه بالطريقة التي تحثّه على التصرّف بها.
فيمكنك من خلال زيادة الوعي بالنفس والحفاظ على التدبّر طرح الأفكار السلبية والعادات المدمّرة ودفع نفسك إلى التصرّف بشكل أفضل وأكثر إيجابية. هذا هو السبب في أنَّ تكرار التأكيدات الإيجابية فعّال للغاية - يمكنك في الواقع إعادة برمجة أنماطِ تفكيرك عن طريق الانزلاق في مقاطع صوتية إيجابية وموجَّهة نحو النّجاح.
هذا هو السبب في أنَّ الأنشطة التحفيزية، مثل قراءة الاقتباساتِ المُلهمة، لها تأثير كبير على الأشخاص الملتزمين بالتفكير الإيجابي. من خلال تركيز أفكارك على رفع مستوى الإيجَابية، سيبدأ عقلك الباطن في تنفيذ نمط إيجابي في طريقة تفكيرك ونظرتك للحياة. عقلك الباطن شخصي. لا يفكّر ولا يستدرك بشكلٍ مستقل، إنه فقط يطيعُ الأوامر التي يتلقاها من عقلك الواعي. تمامًا كما يمكن اعتبار عقلك الواعي كبستاني يزرع البذور، يمكن اعتبار عقلك الباطن بمثابة حديقة أو تربة خصبة تنبت فيها البذور وتنمو. هذا سببٌ آخر يجعل تسخير قوة التفكير الإيجابي مهمًا لتأسيسِ عملية التفكير بأكملها.
ما هي الصورة الذاتية وما هي أهميتها؟
سواءً كنت تدرك ذلك أم لا، فكلّ واحدٍ منّا يحمل مخططًا ذهنيًا حول نفسه على المستوى اللاواعي. قد لا تدرك ذلك لكن عميقًا في داخلك، هذا المخطّط موجود وظاهر، وهو ما يُعرف بالصورة الذاتية. الصورة الذاتية أو الـ Self-image بالإنجليزية، هي مفهومك الخاصّ عن طبيعة الشخص الذي تعتقد أنّك عليه. تبدأ الصورة الذاتية بتكوين نفسها خلال مراحل عمرية مبكرّة، ويمكنها أن تدمّر حياتك بأكملها إن أنت سمحت لها بذلك. تكمن المشكلة في المعتقدات المرافقة للصورة الذاتية في أنّها غالبًا ما تكون لاواعية. حيث تعتمد بشكل رئيسي على انتصاراتك، إخفاقاتك ونجاحاتك، بل وحتى المواقف التي تعرّضت فيها للإذلال أو لصدمة كبيرة خلال حياتك. من خلال جميع هذه التجارب السابقة، يبني عقلك صورة لك عن نفسك، ويبدأ بعدها في التصرف على أساسها.
تتوافق جميع أفعالك، ومشاعرك وسلوكياتك مع صورتك الذاتية. فأنت تتصرّف وفقًا لما تعتقد أنّك عليه في الحياة. بمعنى آخر، فكلّ شيء في حياتك مبني حرفيًا على صورتك الذاتية.
- إن كنت تعتقد أنّك غبي في مادة دراسية معيّنة، كالرياضيات مثلاً، سيجدُ عقلك سبُلاً ومواقف ليجعل من اعتقادك حقيقة واقعة.
- إن كنت تظنّ أنّك شخصٌ لا يحبّ أحد رفقته، فعقلك سيعمل هنا أيضًا على إيجاد مواقف تثبت حقيقة اعتقادك هذا في حياتك. لحسن الحظّ، يمكنك تغيير صورتك الذاتية دون الحاجة إلى التفكير الإيجابي الدائم أو مقدار هائل من التصميم والإرادة. هذه الأمور ستؤثّر على عقلك الواعي فقط والذي لا يعمل إلاّ لما نسبته 5% فقط من يومك! أمّا في حال رغبت في إحداث تغيير جذري ومستمرّ في حياتك، فأنت بحاجة إلى إعادة برمجة صورتك الذاتية، على المستوى اللاواعي.
آلية عمل العقل الباطن “التواصل مع اللاوعي”:
تكمن أهمية العقل الباطن في حياتنا بكونه المدير الحقيقي لكل ما نقوم به من أفعال وردات فعل على مستوى العمليات الفيسيولوجية وعلى مستوى السلوك والشعور.
وهذا يعني أن الوعي ليس إلا انعكاسًا مختصرًا لعمليات اللاوعي والعقل الباطن، حيث أن مسؤولية تفسير وتحليل الحياة اليومية تكون من مهمة العقل الباطن الذي يقدمها بصورة سلوك ومشاعر وأفكار مجردة، فيما تظل النسخة الأساسية محفوظة لدى العقل الباطن، ومسؤولة عن الانتقاء والانتباه والتحفيز.
ويتحكم العقل الباطن بكل عمليات العقل الواعي، وكل الأفعال والمشاعر التي يختبرها إدراكنا لها نسخة أكبر وأكثر تعقيداً في عقلنا الباطن، كما أن مسارات الأفكار الواعية تختلف عن مسارات الأفكار غير الواعية في الدماغ وإن كان نشاط العقل الباطن ما يزال غامضًا تشريحيًا.
كيف تبرمج عقلك الباطن لتحصل على ماتريد
يوجد بعض العلماء الذي ذهبوا في تعرق العقل أنه الترسبات الخاصة بالقمع النفسي للإنسان وبالتالي لا تصل إلى الذاكرة، وتلك الترسبات بالعقل الباطن تقوم بتحفيز السلوك، ويكون مقرًا للخبرات المكبوتة . لكن لا يمكن أن تبرمج العقل الباطن بالأفكار نحو الناس، مثل: الكراهية أو الغصب أو الاستياء وتوقع منهم حبهم واحترامهم؛ لأن ما بداخلك ينعكس على خارجك وسلوكياتك تجاههم. أما عن إجابة سؤال كيف تبرمج عقلك الباطن لتحصل على ماتريد؟ فنذكر تلك الإجابة في الفقرات الآتية:
1- تخيل ما ترغب به
في تلك المرحلة يقوم الفرد بتخيل ما يرغب الحصول عليه كأنه على أرض الواقع، ففي حال الرغبة بإكمال مشروع هام بالعمل، يجب الابتسام والشعور بالحماس داخل النفس، ثم التخيل بأن المشروع يتم بكل سهولة، ثم تصور كامل الحالة في الواقع بشكل واضح ومفصل.
مثل: التخيل بالتفاعل بشغف مع الزملاء والسعادة الكبيرة لهم بالعمل معك، ثم الاستغراق بذلك التصور والتمثيل البصري لدقيقتين على الأقل.
2- الاسترخاء والتأمل
تعتبر هذه الطريقة من أهم الطرق التي يمكن التعامل بها مع العقل الباطن، وذلك عبر الجلوس بمكان هادئ ومريح، ومن أفصل تلك الأماكن هي غرفة النوم، مع إطفاء الأضواء وإغماض العين.
ثم يتم إعطاء النفس دقيقة من أجل التأمل بالذهن لتحديد ما ترغب فيه بالعقل الباطن عبر قوة اللاوعي، ثم القول مباشرةً دون أية تعقيدات وبصراحة أنك تقوم بأمر معين بكفاءة، ولكن مع الانتباه إلى الاحتفاظ بالقناعة واليقين التام بأن ذلك الأمر سوف يتم بالواقع لا فقط قول.
3- الشعور بالنتيجة
يجب قضاء دقيقتان على الأقل في تخيل المشاعر الإيجابية الظاهرة بعد تحقيق الأهداف المرجوة، وتصور مشاعر السعادة والإنجاز والفخر إلى جانب تخيل نظرة الاعجاب لدى الآخرين، ثم الشعور بتلك المشاعر كأنها تتم بالواقع.
بعد انتهاء تلك الفترة يكون الانتهاء من تدريب العقل الباطن وبرمجته في الحصول على مايريد، ومن الأفضل بعدها الخلود إلى النوم بسبب زيادة نشاط اللاوعي بتلك الفترة.
اضافة إلى ذلك التكرار فهي الطريقة الأخيرة لإعادة برمجة عقلك الباطن هي من خلال التكرار. فبعد أن يتمّ بناء هويّتك الشخصية خلال السنوات الأولى من حياتك، تبدأ باكتساب العادات، حيث أنّ هذه الأخيرة تأتي نتيجة تكرار أمر معيّن عدّة مرّات. أليست هذه الطريقة التي تمكّنت من خلالها من تعلّم ركوب الدراجة؟ أو قيادة السيارة؟ أو ممارسة نوع معيّن من الرياضة؟ جميع مهاراتك وخبراتك التي تمتلكها اليوم ما هي إلاّ نتيجة التكرار والتمرين المستمريّن على المستوى الواعي، قبل أن تتأصّل في عقلك، وتبدأ بالقيام بها دون تفكير (بشكل لا واعٍ). لهذا السبب، من المهمّ للغاية أن تثابر على التأكيد على أهدافك يوميًا، ويفضّل كلّ صباح حينما تستيقظ ومساءً قبل الخلود للنوم. التكرار هو سبيلك الأقوى للسيطرة على عقلك الباطن والواعي وبالتالي خلق هوية شخصية جديدة كما تريدها تمامًا.
ابدأ الآن!
الحياة أقصر من أن تعيشها مقيّدًا بمعتقداتك السابقة التي لم يكن لك يدٌ في زرعها بداخلك. ولمجرّد أنّك قد تلقيت هذه الأفكار والمعتقدات في طفولتك، فذلك لا يعني أنّها ستبقى معك للأبد. حان الوقت لتعيد تقييمها، وتتخلّى عن تلك التي لا تفيدك ولا تساعدك على تحقيق أحلامك. من خلال التكرار واتباع الطرق السابقة، ستتمكّن حتمًا من إعادة برمجة عقلك الباطن لتجعل منه حليفًا لك في تحقيق أحلامك بدلاً من كونه عدوًّا لك يعيقك ويقف في طريق الوصول إلى طموحاتك.
اضافةتعليق
التعليقات