إنَّ كثيراً من الأشخاص يتميزون بأن كل من يلتقون بهم ليسـوا بغرباء عليهـم، إنهـم أولئـك الذين يخلقـون الـود الفـوري ويكونون الصداقـات مـن أول لحظة، فالمـرء منهم يجلس في إحـدى الحافلات بجوار غيره ليستفيض معه في الحديث، وكأنهمـا صديقان من فترة طويلة، ويقـوم بـزيـارة لـه لأول مرة وسرعان مـا يبـدأ في التعامل معـه وكأنهما صديقان معاً طول عمريهما. ومجموعـة من هؤلاء الناس تبدو وكأنها تملك سحراً خاصاً قادراً على خلق شـعـور المـودة في الآخرين بسرعة، بينما المجموعة الثانية التي يصعب التعرف عليها على الفور يتعثرون في انسجامهم مع العالم، فبينما يقومون هم بالتمهيد لزرع المودة، يكون الآخر، من القادرين على خلق المودة الفورية، قد فاز بصفقة العمل وأخذها لنفسه.
الاعتقاد، من الضرورة أن يكون لديك الاعتقاد بأن الطرف الآخر سوف يحبك، وأن تكـون علـى قناعـة كاملة بأن الطرف الآخر سيكون ودوداً معك فلا تشعر بالخوف من الناس، ولا تكن في موقف الدفاع عن نفسك منهم.
الخوف أكبر المعوقات: يشكل الخوف واحداً من أكبر المُعوقات في عملية التعرف على الناس بسرعة، والتعامل على أسـس مـن الود، فإنك تخشـى ألا يحبـك الطرف الآخـر، ولذا تكمن داخـل قوقعتك، مثل القوقعة التي تعتقد أنه سيهجم عليها ويطاردها، ولن يستطيع الناس الاقتراب منك؛ ذلك لأنك بعيد عنهم هناك داخل قوقعتك الدفاعية؛ ولأن مواقفنـا معدية كبعض الأمراض، وأن لها تأثيرها على الأطراف المقابلة، فإنهم يبدأون في الانسحاب عنا هم أيضا. وليس ما هو أصدق في ميدان العلاقات الإنسانية من هذا الأمر، إن كان موقفك الأساسي هو أن الآخرين لن يكونوا ودودين معك أو أنهم لن يحبوك، فإن ما ستخرج به من التجربة معهم لن يخرج عن هذه الحدود.
أما إن كان الموقف الأساسي لك هو أن معظم الناس ودودون، وأنهم يريدون أن يكونوا ودودين تجاهك، فإن ما ستخرج به معهم سوف يثبت لك صدق هذا الأمر، وأنك كنت محقاً في اتخاذك لهذا الموقف.
دع فرصة للمودة: تغلب على خشيتك من أن يقوم الطرف الآخر بصدّك، قم بالمخاطرة وراهن على أنه سوف يكون ودوداً معك، إنك لن تفوز في كل مرة إلا أن الأمور تميل جميعهـا إلى أن تكون في جانبك، وعليك أن تتذكر أن معظم الناس يتوقون إلى الصداقـة تماماً، كما تتوق أنت لهـا، إنها تشـوق عالمي، وقد يكون السبب في أن الطرف الآخر لا يظهر دائماً مودته ووده قد يرجع إلى خشيته من أن تقوم برده أو صده عنك، لتكُن المبادرة من جانبك ولا تنتظر دليلاً على الصداقة من الطرف الآخر، ابدأ بالتحرك الأول، والنتيجة أنك ستراه قد بدأ في التأمل والاهتمام.
عليك أن تسترخي: في مواقف العلاقات الإنسانية ليـس مـفـيـداً لـك أن تُبـدي تلهفك للحصـول علـى شـيء بصـورة مكشوفة، وأن يعـرف الآخرون عنـك، وإنك متلهف إلى حد الموت للحصول على ما تريده. فهناك ميل طبيعي قـوي لدى الطرف الآخر لصد عمل يشعر أنك شديد اللهفة على القيام به، وتقوم الغريزة لديه بدفعه إلى القيام بتصعيب الأمر وإلا يصبح في شك أن هناك ما لا يدريه في الأمر كله، فعندما تعطي انطباعاً بأنك تريد إتمام هذا العمل بصورة مبالغ فيها. وعندما تبدي تلهفك عليه، فإنك بذلك تدفعه للتساؤل عن السبب في محاولتك الكبيرة هذه، ويبدأ الشك في التسرب إليه. لا تتسول الصداقة عندمـا يـأتـي أحـدهـم لـكـي يـتسـول الصداقـة، فالميـل الطبيعي هو الابتعاد عنـه، ولا يرجع ذلك إلى بعض السمات في الطبيعة الإنسانية، ولكن إلى نفس القانون النفسـي الـذي نتحدث عنه، فالشخص اللحوح يشعر بالخوف إلى حد الموت من أن الطرف الآخر لـن يحبه أو من أنه لن ينفذ له ما يريده، وبدلاً من أن يقول لنفسه
« أعرف أن الطرف الآخر سوف يحبني » يقول لها "إنني أخشى كثيرًا من ألا يحبني" وهو نفس الشعور الذي يتسرب إلى الطرف الآخر هو أن الشخص اللحوح لا يبدي الثقة في نفسه.
وليست الوسيلة هـي أن تمتهـن نفـسـك كـي تلـفـت نـظـر الطرف الآخـر وتدفعه إلى الإسراع نحـوك، إن ما عليك هو أن تسترخي وتدرك أنه سوف يصبح ودوداً ويتصرف بحكمة، ووقتها ستكون هادئا ومتماسكا عند تعاملك معه ، والشيء الذي يستطيع أن يقوم به الشخص اللحوح هو أن يبتسم، فمن المستحيل تقريبا أن تكون قلقاً ومشدوداً عندما تكون مبتسماً، فالابتسامة استرخاء، والابتسامة تظهر الثقة، توضح أنك تدرك أن الطرف الآخر سوف يأتي كما هو متوقع منه أن يفعل. اصنع المعجزات بابتسامة إذا مر بخاطرك ذلك النوع من الناس الذين من السهل التعرف بهم وتعرفهم بالفعل، فسوف تجد أنهم وبلا استثناء ، من كبار المبتسمين، إن الابتسامة الحقيقية المخلصة تقوم مقام السحر في خلق شعور المودة في نفوس الآخرين في لحظتها وعلى الفور.
ماذا تقول الابتسامة؟ الابتسامة الطيبة الخالصة تقول أشياء عديدة للطرف الآخر، إن ما تقوله ليس مجرد « إنني أحبك وآتـي إليك كصديق »، ولكنها تقول أيضاً « إنني أفترض أنك ستحبني أيضا ». وهناك شـيء آخر هام تقوله الابتسامة وهو « أنك تستحق الابتسام لك »، إن الشخص الذي نبتسم له يرد الابتسامة إلينا، الأمر الذي يعني بطريقة ما أنه يقوم بالابتسام لنا، وبطريقة أعمق فإن الابتسامة تسجل لنا الإحساس المريح المفاجئ الذي يمكننا من الاستمتاع به، إنه يبتسـم لك؛ لأن ابتسامتنا قد خلقت الشعور لديه بأنه جدير بالابتسام له، بما يمكننا أن نقـول مـعـه، إننا انتقيناه هـو وحده دون غيره وأكسبناه حالة فردية خاصة لا يتمتع بها الكل.
دع الابتسامة تنطلق: هناك سبب بسيط لعدم ابتسام العديد منا كثيراً، وهو يتمثل في عادتنـا مـن أننا دائماً نقوم « بحبس » مشاعرنا الحقيقيـة داخلنا، فلقد علمونا أنه ليس من المستحب أن نكشف للناس عن أحاسيسنا، وبالتالي فإننا لا نحـاول أن نكـون صريحين، أو أن نظهر أحاسيسنا على وجوهنا، علـى أنـه من المحتمل أنك تعتقد أنك لا تتمتع بابتسامة جميلة، وأنك لا تعرف أبدًا أن تبتسم بطريقة جذابة. إن الكل يتمتع بابتسامة طيبة حبا الله بها الجميع ، وهو شيء يملكه الجميع في داخلـه، وإن الأمـر كلـه ينحصر في إطلاقه من مكمنـه، إنها مسألة التغلب على الخوف من إبداء مشاعرك الحقيقية التي إن أطلقتها خرجـت معهـا الابتسامة مـن تلـقـاء نفسها، ذلك أنـك إن شعرت بالمودة وأحسست بالارتياح تجاه الناس، فإنك تحتفظ لهذه الحالة بابتسامة تناسبها.
وكل المطلوب مجرد ممارسة بسيطة للتعبير عن أحاسيسك، وكلما زادت الممارسة كلمـا قل الحرج لديك، وكلما زادت العفوية معك ، وكم مـن أناس متجهمة الوجه ، عبوسة الملامح ، قد استطاعت أن تنمي لديها تقديم الابتسامة الجذابة لمجرد ممارستها اليومية إطلاق المشاعر، وأنت عندما يمتلكك الإحساس بالارتياح دع نفسك تنطلق على سجيتها، ولا تخجـل مـن وعيك الذاتي لسماحك لوجهـك أن يقول " صاحـبي كم أنا سعيد للقائك" ..
طريقة بسيطة لزيادة السعادة:
إن كان الشـك لا يزال في خاطرك مـن أن الثناء والعرفان بالجميل يتمتعان بشيء فهما أقرب إلى القوة السحرية، دعني إذن أسالك هذا السؤال لو قلت لك أن أحدهم يمتلك بضائع معينة، وإنه كلما زاد ما يتخلى عنه كلمـا زاد مـا يتبقى لديه. ألا تتفق معي أن هذا الأمر يعد معجزة ؟
إن ذلك نفسـه ما يحدث عندما تبدأ في منح السعادة والضياء للآخرين عن طريق القيام بالثناء عليهم، وبتوجيه الشكر إليهم، فكلما زاد قدر السعادة التي تتخلى عنها لتمنحها لهم، كلما زاد ما تشعر به منها. ومـرة أخـرى أقـول إن العلم يعجز عن تفسير ذلك، في الوقت الذي يعرف فيه علماء النفس والأطباء النفسيون أن ذلك صحيح. وإن كنت تريد أن تزيد من هدوء بالك ومن سعادتك الشخصية، فلن تجد وصفة مؤكدة سوى أن تبدأ في البحث عن الأشياء الطيبة الموجودة في الآخرين والتي تستطيع أن تقوم بمدحها فيهـم والثناء عليها، ابدأ في البحث عن الأشياء الطيبة في حياتك مما تكون شاكراً لها بالفعل.
اضافةتعليق
التعليقات