حان موعد آذان المصيبة.. وقلعة الكلمة في ردهات التجويد، تجود مع النبأ ..أقلام لها نبرة امتياز في ترتيل الآيات حسب ما تعالت، لها أذواق الملائكة، مثنى وثلاث ورباع، طاعة مطلقة.
في يومنا، تبكي الذاكرة على أمها، تفيق على أنة مأساتها.. يتضوع نبضها فتلتقي دمعة نبضها على جرح دام سنين .
فاطمة الزهراء، عنقود الولاية بصبغة الجنان وإلهام الغيب، أضاءت فغلبت نور السماوات والأرضين.. توضأت أصول الدين واكتملت مع فروعها، وكان غذائها همس من فاطمة، وكلمة هي الوتر في الخالدين.
تبكي المساجد عند بدء الصلاة عليها، وعند الأراك احتضنت نوافذ الحزن تكلمه بفارغ الشوق، وقت حنان الروح وفقد السكون. ياليتنا كنا رهن المثول، وعند ضياع حق الشهيد، نهب السماء أسماعا، ونعي صوت الفطيم، فتغار الألسن وتشاركها جرحها ..
ألا لعنة الله على الظالمين، عندما رفعت سوط اللئيم، وغدرت ثوب الغدير، وكتمت أنفاس الجنين، وسرقت قرط الخليل، يوم هطلت العصى وتخطت عنق الجليل، في شخص فاطمة الزهراء سلام الله عليها، سجدت حضارة اليمين، وتعلمت منها سنة الطهر والعفاف وعند خنصرها ينبوع أنهار تفجرت علما ومعرفة ..
في رفقة الغيث، شكر لن ينقطع، وحكمة تشرح العلة من معلولها ولولا بنت النبي، لما دارت رحى الكلمة فيه وتنبأت.. حقا أن لمعجزة، لسان يتكلم وصمت يبوح أسرارا لأهل الذكر،
نعم هنا الراوية تقتحم العقل وتربك مفاهيمه، وتسدل ستار العمق بأفكار القيم ويقين الوفاض.
قال الشهرستاني: إن فلان ضرب بطن فاطمة (عليها السلام) يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها وكان يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها. وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) . ١
وأيضاً روى المسعودي في (إثبات الوصية): ((.... فأقام أمير المؤمنين(عليه السلام) ومن معه من شيعته في منزله، بما عهد إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوجهّوا إلى منزله فهجموا عليه وأحرقوا بابه واستخرجوه منه كرهاً وضغطوا سيدة النساء بالباب حتى أسقطت محسناً وأخذوه بالبيعة فامتنع ..
نقول هذه الرواية التي رواها أحد علماء السنة، تكفينا في المقام في إثبات وقوع حادثة كسر الضلع إذا ضممنا إلى ذلك تواتر ذكرها في كتب الشيعة.
في هذا المعنى يقول العلامة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء: ((طفحت واستفاضت كتب الشيعة، من صدر الإسلام، والقرى الأول، مثل كتاب سليم بن قيس، ومن بعده إلى القرن الحادي عشر وما بعده، بل وإلى يومنا هذا، كل كتب الشيعة التي عنيت بأحوال الأئمة، وأبيهم الآية الكبرى، وأمهم الصديقة الزهراء صلوات الله عليهم أجمعين، وكل من ترجم لهم، وألف كتاباً فيهم، وأطبقت كلمتهم تقريباً، أو تحقيقاً في ذكر مصائب تلك البضعة الطاهرة: أنها بعد رحلة أبيها المصطفى ضرب الظالمون وجهها، ولطموا خدها، حتى احمرت عينها، وتناثر قرطها، وعصرت بالباب حتى كسر ضلعها، وأسقطت جنينها، وماتت وفي عضدها كالدملج ثم أخذ شعراء أهل البيت سلام الله عليهم، هذه القضايا والرزايا، ونظموها في أشعارهم، ومراثيهم، وأرسلوها إرسال المسلمات من الكميت، والسيد الحميري، ودعبل الخزاعي، والنميري، والسلامي، وديك الجن، ومن بعدهم، ومن قبلهم إلى هذا العصر...)).
ألزموا أنفسهم به، شهدوا على فعل الرذيلة بحق بيت الرسالة، والله من ورائهم محيط.
اضافةتعليق
التعليقات