تمضي الساعات واحمد طالب كلية الهندسة لايزالُ ممسكاً بهاتفه يصمم الصور الفوتوغرافية الساخرة
يضحك مرة ويهزأ بما يصمم مرة اخرى، بجانبه علبة سكائر لم يتبق منها سوى واحدة تناثرت حولها مثيلاتها المحترقات!.
بجانب الاريكة يغط اخوه ايوب خريج العلوم الصرفة بنوم عميق منذ اثنتي عشر ساعة، فلا شيء يوجد ليبدل به وسادته الخامدة من كثرة النوم عليها فهو يمر بحالة من الكآبة تجبره على هذا القدر الكبير من النوم.
في الغرفة المجاورة اختهما رنا وهي تلملم رسوماتها التي تسكن الرفوف وتغفو عليها ذرات الغبار منذ سنوات لترميها في القمامة فقد سأمت من وجودهن امامها صامدات وسط مجتمع لايقدر قيمة اللون واللوحة!.
هذه صورة من "ألبوم الحياة الواقعية"!، لمّا يدور الحديث حول الشباب والواقع نرى الكلام يتمحور حول محور تقصير الشباب والمغريات التي تجذبهم وانهم يقعون في الهاوية وينجرفون بكل سهولة نحو كل شيء ويضيعون الوقت والفرص، يتهادر اللوم ويعصف عليهم ريح التوبيخ، وتحاوطهم النظرة السلبية، ولكن ان كان هذا الامر شيئا حقيقيا فلا يخفى ان هناك اشياء لاتخرج من دائرة الاتهام لوضع الشباب اليوم والبؤس الذي يلفهم.
لا احد ينكر ان الشباب مهملين مهمشين مبرمجين !فالاهمال يطال حياتهم ومواهبهم التي صارت تموت تدريجياً وتموت معها روح المبادرة في نفس الموهوب منهم لما يلاقيه من استهزاء يبدأ من داخل البيت واهمال يصل حدود الشارع، فلا احد يولي مواهبهم ولو ادنى نظرة.
نرى ان كثيرة هي المؤسسات التي تنادي بالشباب وحقوقهم، فما اكثر المناداة وما اقل الفعل، فلا نرى ولو اي ورشة عمل صغيرة للرسامين، او الذين يحترفون حرفة النحت او الخط او الاختراع ولا اندية ومحافل شعرية وان تواجدت فهي تكاد تكون صغيرة دون دعم وتعتمد على جهود ذاتية!.
واذا قلنا هم مهمشين فهم بالفعل كذلك فغالبية المؤسسات والشركات والهيئات يديرها ناس متقدمين في السن ودور الشباب فيها مهمشا، يرونه اصغر من ان يدير مشروع على الرغم ان القيادات الشبابية في عامة المشاريع اثبتت نجاحها وجدارتها، لما يتميز به الشاب من روح ابداعية ونشاط عقلي لا يكاد يتوفر بمن هم اكبر منه سناً.
اما في البيت فغالباً ما يُسكت الشاب وتعلو الاصوات فوق صوته وقراراته، فصار كل شباب الواقع مبرمجين حسب اهواء المجتمع والوطن، لا فرص ولا تبني لمواهبه وقدراته بل على العكس هناك قتل لروحه.
فباتت الكآبة التي تصيب الشباب آفة يشكو منها الكثير وكل من له احتكاك بتلك الفئة هم يجهلون الاسباب وربما يكونون هم اول مسبب!.
ما الواجب اذاً؟!
-الدعم والتبني
علينا دعم المواهب والقدرات مهما كانت صغيرة وغير مهمة في نظرنا وتوفير كل الامكانيات على قدر المستطاع وخلق جو يساعد على الانتاج اكثر فأكثر.
-المدح وعدم الاستهزاء
من اكبر الاخطاء التي تكبل موهبة الشاب الاستهزاء والنقد غير البناء الذي يهدف فقط الى هدم ثقته بنفسه وما يقدم، فعلينا مدح اي مجهود صغير وتشجيعه في بداية الامر لنجني التطور فيما بعد
فروح الايجابية لطالما رقت بالمتحلين بها نحو القمة.
-خلق ورشة عمل
مهما كان البيت صغيراً او كانت الموارد المالية ضعيفة يجب توفير ورشة عمل صغيرة للموهبة التي تزهر في بيتك، مثلا لوحات بيضاء ونوعين من الالوان الزيتية والخشبية سترفد الرسام المبتدأ بكثير من الثقة والتحفيز، وغيرها كثير من الأمثلة.
-الأخذ بيدهم نحو العالم الخارجي
اذا كان لديكم موهوب لاتحتكروا موهبته في البيت فقط بل حاولوا قدر الامكان جعله يشترك بالمحافل والاندية والمهرجانات الخاصة بموهبته حتى ان كانت خارج المدينة او الدولة.
لنخطو نحو التطور ولو خطوة، وانت ايها الشاب عليك ان تعلم ان من اسباب التأخر "الكسل" فإن الانسان اذا كسل لم يؤد حقاً، فكيف يمكن ان يكون متفوقاً؟ لذا فمن اللازم ترك الكسل وتداركه بالتنوع في مختلف الاعمال المتعددة الممتعة.
-تصورك ان الاصلاح غير ممكن وانك لاتقدر على فعل شيء والنهوض بالأمة الاّ بظهور القائم (عج)، لا شك ان الاصلاح العام الشامل بيده وحده اما الاصلاح بالقدر الميسور فإمكانه ووقوعه في مختلف ادوار التاريخ.
-الاستهانة بالقدرات
ان الناجحين هم افراد من البشر اعتمدوا على انفسهم ومشوا الى الهدف بكل ثقة واطمئنان حتى وصلوا، يقول مولانا علي (ع): اتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر.
فعليك بالايمان والثقة بنفسك وقدراتك وليس عدم الاستهانة بمعنى الغرور والكبر بل بمعنى الهمة والعمل بكل تواضع واستقامة. (1).
-جعل مرات الفشل مدرجات لسلم النجاح.
........
اضافةتعليق
التعليقات