نوع من الأصفاد غير مرئية تخترق طبقات الروح حتى تبرز من خلالها كل الندوب على هيئة أذرع هزيلة تحمل شظايا النفس، فتتكسر الخطى من وقع الرحيل والعيون تذرف لتثبت أنني لا أملك مدمعي حتى نبت الثرى على خشبة المسرح، وسقطت الأزياء وتجمد الجمهور وردت إلى أحشائي زفراته، وبات الجرح غائرا، فمن منا سلم من جراح الزمن، بعضها مازال يؤلم والبعض الآخر قد اكتفى بلون الكدمة فقد خضب الجلد بلون أسود أو أزرق، المهم أنه انتصر في ترك الأثر، قد تحب فتكره، تضحك فتبكي فجرح الإحساس واختراق جدار المشاعر بدون استئذان يؤلم النفس ويقتل الأمان الداخلي.
كلنا دون استثناء معرضون من وقت لآخر للفشل وكدر النفس وضيق الحال فترانا نسقي النفس كومة من التراب مع أول هبة لرياح الفشل والإخفاق حتى تنطفئ نار الحماس خضوعاً لرضوخ قسري من هاجس أيا كان نوعه، عندها تختلط المشاعر والأحاسيس لتجد نفسك بالنهاية قد استدارت مشاعرك مع تقلبات أمواج الدهر.
البدء من جديد على نحو أكثر ذكاء:
يمكن أن تحسم لفض الاشتباك بينك وبين الذكريات وتتفوق عليه وتغذي ذاتك بجداول حب النفس من جديد، عليك أن تتقن فن التعامل مع الفشل، فهو الفارق الحقيقي حيث إنه يختلف من شخص لآخر، فنجد أن البعض لديه القدرة على التعامل مع الفشل بطريقة واعية وإيجابية، حيث إن الاعتراف في البداية بالإخفاق وتحديد أسبابه وطرق علاجه أولى خطوات النجاح، ومن ثم تجنبه والخروج منه بأقل الأضرار، بل وتحويله مستقبلاً لصالحه مستفيداً من دروسه، وهذا يصب وفق رؤية البريطاني ونستون تشرشل الذي قال "النجاح هو الانتقال من فشل إلى فشل دون أن تفقد الحماس".
أما القسم الآخر، فهم يقعون ضمن فريق "مبتكرو الأعذار" لتبرير الفشل، ويغرقون نفوسهم في الإحباط ثم يلوذون إلى الاستسلام التام للفشل الذي يرددونه دوماً ويعممونه على كل المواقف،
ببساطة يمكنك أن تعطي لنفسك الحق بأن تفشل فلا يمكن لأي إنسان أن يزعم أنه لم يُخفق بشيء في حياته، وأنت لست استثناءً، بمعنى اسمح لنفسك أن تحزن عند شعورك بالخسارة ويمكنك الغضب حينما تشعر أن الكتمان سيؤذيك أكثر مما ينبغي، ولكن عليك تذكير نفسك بنجاحاتك دوما فكل ورقة تستطيع قلبها من صفحات حياتك هي إنجاز لك ليس من المهم أن يشهد الجميع على أنه انجاز.
وأول خطوات النجاح هو أن تخالط الأشخاص الناجحين من يزرعون روح الثقة والقوة داخلك ويتركون بصمة في حياتك بأنك تستطيع مهما بلغت جبال الفشل عندك فما هي بالنسبة لهم سوى حصى صغيرة يمكنك تجاوزها إن شئت ثم قم بالابتعاد عن الأشخاص السلبيين فما اضافاتهم سوى شوك مؤذ لافائدة منه بل إنهم يجذبون كل طاقة سلبية لكونك الصغير الذي يتداعى للشفاء، كما ذكر لألبرت أينشتاين: (ابتعد تماماً عن الأشخاص السلبيين في حياتك، فهُم يختلقون المُشكلات حتى مع أسهل الحلول).
يتعلق التغلب على الفشل بمعرفتك أخيرًا أنك تستطيع أن تبدأ من جديد، ومن أجل ذلك سينبغي عليك أن تتغلب على الشعور بأنك فشلت، فالفشل في مشروع، في علاقة، أو في أي شيء آخر كنت تخطط له في حياتك قد يغمرك بشعور محبط، لكنك إن أدركت ذلك الإحباط جيدًا وتقبـلت أخطاءك ستستطيع أن تمضي قدمـًا في حياتك، وسيساعدك التفاؤل الواقعي على التفكير في خطة جديدة تـُجنـِبك الفشل مرة أخرى، ولا تنسَ أن هدفك طويل المدى هو المرونة أي القابلية للتعود والنجاح.
يمكن الاستفادة ممّا يأتي لتخطي الفشل:
1- الإيمان بالله، وأنّ الفشل هو تمحيص واختبار منه؛ ليرى صبر الفرد والرّضا بقضاء الله الذي يحفّزه للعمل والبذل والمحاولة، والسعي لتخطّي مشاعر القلق وخيبة الأمل، قال تعالى: (وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، فالإخلاص لله تعالى في العمل الذي هو غاية ما ينشده الإنسان ويبتغيه في حياته للوصول إلى السعادة وعليه قال أَمِيرُ الْمؤمنِينَ (عليه السلام): (الدعَاءُ مَفَاتِيحُ النجَاحِ ومَقَالِيدُ الفَلَاحِ وخَيرُ الدعَاءِ مَا صَدَرَ عَن صَدرٍ نَقِي وقَلبٍ تَقِي وفِي المُنَاجَاةِ سَبَب النجَاةِ وبِالإِخلَاصِ يَكون الخَلاصُ فَإِذَا اشتَد الفَزَعُ فَإِلَى اللَّه المفزَعُ).
2- التعامل بإيجابية، والقدرة على التحكم بالانفعالات، فعند التعامل بإيجابية، وضبط النفس والانفعالات تجاه ما تتم مواجهته من تجارب ومصاعب، يمنع ذلك الاستسلام للظروف، ويقوي المناعة تجاه الفشل، ويفيد في استخلاص التجربة منه.
3- تفهم الفشل دون جعله يستحوذ على التفكير المُسبب للشعور باليأس، وتحويله إلى حافز للنجاحات، وملهم للتجارب الجديدة التي تكون نسبة الخطأ فيها قليلة.
4- عدم تحميل الآخرين أسباب الفشل وجعلهم شمّاعةً للركون إليها، وعدم تعليق أسباب الفشل على الآخرين، فهذا ممّا يجعل من الفشل تجربةً غير مفيدةٍ ولا مُلهِمةٍ، بينما يجب أن تكون حافزاً لمزيد من التجارب التي تحمل فرصاً للنجاح وتحليل مُسبِبات الفشل بشفافية، وتدارك هذه الأسباب في أي تجارب جديدة.
اضافةتعليق
التعليقات