نصف عام وأكثر من عزلة البشرية حول الجدران الأربعة والأسقف التي تتعدى سقف المنازل في الأحلام, يعيش العالم حالة من القلق بين العالم الذي يحوله الوباء إلى آفة وما إن تعود الأمور إلى طبيعتها ثم تسوء.
كان للوباء ميزاته رغم سيئاته فهو ساعد على تكاتف الأسر واجتماعها رغم اسهابه في خلق جو من الحيطة حتى بين أفراد الأسرة الواحدة, أصبحنا نكاد نعيش بين التعليم الالكتروني والشاشات المتقاربة أكثر من أناسها وبشكل لا يصدق أصبح المجتمع رديف ما يقلقه وسط المخاوف التي حصلت والوباء الذي فتك بأرواح الأبرياء من الناس.
يذكر التأريخ في 1901 ظاهرة الطاعون وجائحة الكوليرا التي قتلت الملايين من الناس في آسيا وأوروبا آنذاك لم يكن لدى الأغلبية الأمّية سوى خيالاتهم التي تمكنهم من فهم أين يكمن الخطر، ومدى شدته، وحجم العذاب الذي يمكن أنْ يسببه.
هذا الاعتماد على الخيال منح خوف كل شخص صوته المنفرد الخاص والشائعات الأكثر شيوعًا خلال تفشّيات الطاعون كانت تدور حول من الذي نقل المرض وكان العالم آنذاك بلا تلفزيون وقليل من الصحف، أما اليوم وسط الصحافة والجثث التي تدفن في غير مقبرتها والنقاط الحمراء التي توضح المدن الموبوءة والرعب الذي يطمئن الكثير من الناس أننا نعيش المشكلة جمعا لسنا وحيدين بين أفراد العالم وأن البشرية جمعاء، من تايلاند تتشارك في المخاوف بشأن كيفية ومكان استخدام كمامة الوجه، والطريقة الأكثر أمانًا للتعامل مع الطعام الذي اشتريناه من البقال أو الحجر الصحي، هو تذكير مستمر بأننا لسنا وحيدين.
إنها تولّد شعورًا بالتضامن. لا نعود محاصرين بخوفنا، نكتشف فيها التواضع الذي يحثّنا على التفهّم المتبادل. كورونا برغم شدتها أعطت درساً في التواضع ولجوء الفرد إلى ذاته وجعلته رديف ذاته، يلجأ لها ليتعرف على مكامنها.
اليوم ونحن أمام هذا الوباء الذي أفتك ولا زال بحياة الكثير وأصعب ما في الأمر أنه عدو لا مرئي يصعب رؤيته فقد يعيش بالإنسان وبالقرب منه دون أن يعرف بوضوح إلى أعراضه.
العالم الذي يتسع بحجمه وجبروت دوله وكونه الشاسع في خلقه يهزمه فايروس لم يبلغ خرم إبرة إنا وإن كنا وسط هذه الغابة من الناس متوجب علينا أن نحارب حتى آخر رمق من أجل ما يضمن حقنا في العيش بكرامة وسلامة وإن الحياة في مجملها خالدة بالذكر لا الفكر وخير الفرد صلاحه ومجتمعه وسط ما يترادفه من ويلات لكن لكل ظلام فجر جديد.
اضافةتعليق
التعليقات