صورتان مختلفتان متباينتان الى حد الافتراق.. هنا في كربلاء الحسين، حيث جنة سيد الشهداء الحسين بن علي عليهما السلام، واصحابه البررة عليهم رضوان الله جميعا.
في العاشر من محرم بقي الحسين وحيدا في الميدان، بعد ان قدّم خيرة اصحابه ارواحهم فداء لدين الله.
واليوم تكتظ مدينة الشهادة بملايين العشاق.. الجميع ينادي: ياحسين ارواحنا فداك يابن رسول الله.
ما اجملها من صورة حية ناطقة بالولاء، لوحة مزركشة بألوان الطيف، ترتسم امامنا لتذهل ألبابنا بايحاءات فريدة قلّما ترسمها صور اخرى.. انها لوحة الوفاء للحسين الذي قدّم كل شيء لله، وفاء الاحبة عشاق الحسين لا يعرف الحدود ولا الخطوط الحمراء، انهم جاؤوا من ابعد نقاط الارض ليجتمعوا هنا في روضة الشهيد، ليستذكروا بطولاته واصحابه الغرر الميامين، ليتدارسوا منهاج ابا الاحرار فيتزودون وقودا للتحرر من ربقة شياطين الانس والجان، لم يجدوا في دائرة الحياة ما يعينهم على تجاوز محنها ومطباتها إلا في منهج الحسين عليه السلام، ففي منهجه ضالّتهم، ومن وقوده يستضيئون لحالك دروبهم..
انهم هنا تلبية لنداء مضى عليه الاف السنين، لكن صداه لا زال يُسمع في جنبات الطف الدامي.. (الا من ناصر ينصرنا؟)
جاؤوا وملء الشوق عيونهم، وتدفقوا كنهر ثالث يجري بمحاذاة دجلة والفرات، ليحيوا سيرة العظيم الذي قضى نحبه حباً وعشقا لدين جده رسول الله صلى الله عليه واله، لان الامة التي تحيي ذكرى عظمائها امة لن تموت.
لعل البعض يتسقط معجزة هنا او هناك، متناسيا ان هذا التجمهر المليوني هو المعجزة ذاتها، انه مشهد خرافي بحق، يجمع بين شوق اللقاء وصدق الولاء في قلوب نابضة بحب الحسين.. هي الكرامة التي ستسجلها كاميرات العالم اجمع.. كيف لمدينة صغيرة ككربلاء تحتضن هذا الكم الهائل من الوفود المليونية؟ وأنّى لبقعة جغرافية صغيرة ان تحتوي كل هذا الحشد القادم من كل اصقاع الارض؟
حشود متلاطمة كأمواج البحر تتوافد نحو قبلة الاحرار، تتقاطر الى ربوة ذات عطر من جنان، ونسيم كرامة آخذ بتلابيب العاشقين والمتيمين بذكر الحسين عليه السلام.
(يامن خصنا بالكرامة ووعدنا بالشفاعة.. اغفر لي ولإخواني ولزوار قبر الامام الحسين (ع) الذين أنفقوا اموالهم وأشخصوا أبدانهم, اللهم فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس, ارحم تلك الخدود التي تتقلب على قبر أبي عبد الله (ع), وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا, وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا اللهم اني استودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتى ترويهم من الحوض يوم العطش).
فهنيئا لكل زوّار ابي عبد الله الحسين دعاء الصادق لهم بالرواء يوم العطش الاكبر.. اللهم احشرنا مع الحسين واصحاب الحسين عليهم السلام ولا تحرمنا شفاعتهم يوم المحشر.
اضافةتعليق
التعليقات