ينظر العلم إلى العقل الإنساني أنّه يُشبه الحاسب الآلي في عملية استقباله للمعلومات، وفي العمليات التي يُجريها على هذه المعلومات من تعديلٍ في الشكل، والمضمون، والتخزين، والاسترجاع عند الحاجة إليها، ونظراً لأهمية هذه العمليات وتأثيرها على حياة الإنسان ونجاحه؛ وبناء على تعريف عالمة النفس المعرفي مارغريت دبليو ماتلين، يتمثل دور الذاكرة ببساطة في "الاحتفاظ بالمعلومات مع مرور الوقت وقال موقع "ليرنيينغ مايند" في تقرير إنه في حال غياب الذكريات لن نكون قادرين على القيام بأبسط المهام لأننا سننسى كيفية تنفيذ الكثير من الأمور حيث تفقد أدمغتنا القدرة على تذكر بعض الأماكن والأشياء مع مرور الوقت، وقد يعود السبب في ذلك إلى حد كبير للشيخوخة أو بعض الأسباب الأخرى.
ومثلما نمارس تمارين تقوية العضلات يجدر بنا أيضا أن نحسن ذاكرتنا من خلال ممارسة بعض التمارين، كما ينبغي علينا الاهتمام بصحة الدماغ واتباع النصائح التي يمكن أن تمنع ظهور الأمراض حيث هناك العديد من العوامل التي تعمل على تقوية الذاكرة لدى الإنسان منها:
عوامل تقوية الذاكرة:
1- الانتباه: يستقبل الإنسان في حياته اليومية عدداً غير محدّدٍ من المثيرات البصرية، والسمعية، واللمسية؛ إلّا أنّ عدداً قليلاً منها فقط التي تستثير الإنسان، والتي تدخل في منطقة الوعي لديه، أما باقي المثيرات الأخرى فإنّها تُهمَل، ولا تترك أثراً في ذاكرة الإنسان، وهذه العملية هي الانتباه، إذ تعمل على توجيه شعور الإنسان نحو موقفٍ سلوكيٍّ معين، ولذلك على الإنسان إذا أراد تذكُّر أمر ما أن يكون منتبهاً بدرجةٍ عالية، والانتباه يحتاج من الإنسان القيام بسلوكياتٍ معينة؛ كسلوك الاهتمام، والملاحظة، والإنصات.
2- الإدراك: هو إحساس الفرد بما يدور حوله من أمورٍ وأحداثٍ، واستقبال المؤثرات، ثم بعد ذلك فهمها، وتحليلها بطرقٍ معينة، وبمعنى آخر، فإنّ عملية الإدراك عند الإنسان تعني كيفية فهمه للمعلومات التي استقبلها عن طريق حواسه العديدة، أما متطلبات عملية الإدراك فهي المثيرات الخارجية المحيطة بالإنسان، والحواس؛ كالسمع، والبصر، والتذوق، والإحساس باللمس، والشم، وكلما كانت الأعضاء الحسية لدى الإنسان سليمة، زادت عملية إدراك الفرد للعالم المحيط به.
3- التركيز: يُقصد بالتركيز أقصى وأعلى درجات الانتباه لدى الإنسان، ويعني تفكير الإنسان بشيءٍ واحدٍ فقط، وعدم الانشغال بشيءٍ آخر، ويتطلّب التركيز مجموعةً من العوامل التي تعمل على زيادته، مثل عدم السرعة في إنجاز العمل، وعدم الانتقال من إحساس وشعور إلى آخر، وتجنُّب ما يُعيق التركيز؛ كالتشتت والتشويش وغير ذلك.
4- التكرار: يُقصَد بها عملية الإلحاح المستمرّة التي يقوم بها الإنسان ويمارسها على الذاكرة؛ وذلك بتكرار المعلومة أو الحدث، وهذا الأسلوب الذي تتّبعه بعض وسائل الإعلام في حملاتها الدعائية المكررة، وإعلاناتها اليومية المكثفة، والتي تهدف إلى شراء المشاهد لهذا المنتج الذي يتم عرضه.
5- تدوين الملاحظات: تتميّز طريقة تدوين الملاحظات بالعديد من النقاط الإيجابية؛ ذلك أنّ الشخص الذي يُدوّن الملاحظات أثناء سماعها من الآخرين، أو عند قراءتها من كتابٍ معين، فإنّ هذه المهارة تُسهّل عليه استيعاب المعلومات التي دوّنها، والاحتفاظ بها مدّةً أكبر، كما أنّ هذه العملية تُشعِر الطرف الآخر الذي يأخذ الإنسان المعلومات عنه بأنّه يحظى بالاهتمام، وأنّه مصدر ثقةٍ لدى الشخص، وبالإضافة إلى ذلك فإنّ تدوين الملاحظات يُساعد الشخص على الإنصات للحوار بعناية، وزيادة التركيز والانتباه في الموضوع المطروح.
ونقدم هنا بعض التمارين التي يمكننا استخدامها لتحسين الذاكرة:
اعتنِ بجسمك لتحافظ على عقلك
أظهرت أبحاث أن الأشخاص الذين ينخرطون في سلوكيات صحية مثل ممارسة الرياضة والتغذية السليمة أقل عرضة للانخفاضات المعرفية المرتبطة بالشيخوخة.
تشير الدراسات إلى أن التمرين يمكن أن يجعلك أكثر ذكاءً ويحمي عقلك من الانكماش مع تقدم العمر. كشفت الأبحاث أن التمرينات يمكن أن تزيد من تكوين الخلايا العصبية أو تكوين خلايا دماغية جديدة في الحصين في الدماغ.
ووجد الباحثون أن الرجال الذين مارسوا بعض السلوكيات الصحية كانوا أقل عرضة بنسبة 60% للتعرض للإعاقة المعرفية والخرف مع تقدمهم في العمر. وشملت هذه السلوكيات الصحية عدم التدخين، والحفاظ على مؤشر كتلة الجسم الصحي، وممارسة الرياضة بانتظام، واستهلاك الكثير من الخضراوات والفواكه.
استمر في التعلم
يرتبط مستوى أعلى من التعليم بتحسين الأداء العقلي في الشيخوخة. يعتقد الخبراء أن التعليم المتقدم قد يساعد في الحفاظ على قوة الذاكرة من خلال جعل الشخص معتاداً على ممارسة النشاط العقلي. كما يُظهر أحد الأبحاث الصادرة عام 2014 أن تعلم مهارة جديدة يمكن أن يساعد في تحسين وظيفة الذاكرة لدى كبار السن.
تحدي عقلك بالتمرين الذهني يؤدي إلى تنشيط العمليات التي تساعد في الحفاظ على خلايا الدماغ الفردية وتحفيز التواصل فيما بينها. كثير من الناس لديهم وظائف تجعلهم نشطين عقلياً، لكن متابعة هواية، أو تعلم مهارة جديدة، أو التطوع لمشروع في العمل يتضمن مهارة لا تستخدمها عادة، يمكن أن يعمل بنفس الطريقة ويساعد على تحسين الذاكرة.
علّم شخصاً آخر مهارة جديدة
يعد تعليم شخصاً آخر مهارة جيدة أحد أفضل تمارين الدماغ التي توسع من مداركك ونطاق تعلمك.
بعد أن تتعلم مهارة جديدة، فإنك بحاجة إلى ممارستها بشكل جيد. إن تعليم تلك المهارة لشخص آخر يتطلب منك شرح المفهوم وتصحيح أي أخطاء ترتكبها مما يساعد على تحسن عقلك وذاكرتك.
اقض بعض الوقت مع أحجية الصور المقطعة
أحجية الصور المقطعة تعد من أهم تمارين الدماغ التي تعمل على تقوية العقل. فقد أثبتت إحدى الدراسات أن تلك الأحجية تجند قدراً إدراكية متعددة لحلها، وهذا يعمل كعامل وقائي للشيخوخة المعرفية المرئية.
يمكنك شراء أحجية الصور المقطعة ورقياً، أو تحميل أي منها على جوالك والاستمتاع باللعب لتقوية عقلك.
استخدم كافة حواسك
كلما زاد استخدام حواسك في تعلم شيء ما، زاد نشاط عقلك في الاحتفاظ بالذاكرة. في إحدى الدراسات، أُظهر للبالغين سلسلة من الصور المحايدة عاطفياً، تم تقديم كل منها مع رائحة. لم يطلب منهم تذكر ما رأوه.
في وقت لاحق، تم عرض مجموعة من الصور، هذه المرة بدون روائح، وطُلب منهم فيما بعد تذكر الصور التي شاهدوها من قبل.
كانت النتيجة أن هناك استدعاءً ممتازاً لجميع الصور المقترنة بالرائحة، وخاصة تلك المرتبطة بالروائح الكريهة. أوضح تصوير الدماغ أن المنطقة الرئيسية لمعالجة الروائح في الدماغ، أصبحت نشطة عندما رأى الناس أشياء مقترنة في الأصل بالروائح، على الرغم من أن الروائح لم تعد موجودة ولم يحاول الأشخاص تذكرها.
ينصح بممارسة الطبخ باستمرار وتعلم عدد من الوصفات الجديدة، فالطهي يطلب مشاركة العديد من الحواس مثل اللمس والشمّ والتذوق والبصر.
عزز ثقتك بذاتك
يمكن أن تسهم الأساطير حول الشيخوخة في إضعاف الذاكرة. يعمل المتعلمون في منتصف العمر وكبار السن بشكل أسوأ في مهام الذاكرة عندما يتعرضون للقوالب النمطية السلبية المتعلقة بالشيخوخة والذاكرة، بينما ينعكس الحال عندما تكون الرسائل إيجابية حول الحفاظ على الذاكرة حتى الشيخوخة.
الأشخاص الذين يعتقدون أنهم لا يسيطرون على وظائف ذاكرتهم، حتى لو كان بالمزاح، يكونون أقل عرضة للعمل في الحفاظ على مهارات الذاكرة الخاصة بهم أو تحسينها، وبالتالي هم أكثر عرضة لتجربة التدهور المعرفي. إذا كنت تعتقد أنه يمكنك تحسين هذا الاعتقاد إلى ممارسة، فلديك فرصة أفضل للحفاظ على عقلك حاد.
التأمل
التأمل اليومي يمكن أن يهدئ جسمك، ويبطئ تنفسك، ويقلل من التوتر والقلق. لكنه يساعد أيضاً في تحسين الذاكرة وزيادة قدرة عقلك على معالجة المعلومات.
تشير الدراسات إلى أن التأمل الذهني يمكن أن يساعد في إشراك مسارات عصبية جديدة، مما يؤدي إلى تحسين مهارات الملاحظة الذاتية وزيادة المرونة العقلية.
أظهرت الأبحاث أيضاً أن التأمل يمكن أن يساعد في تحسين الانتباه والتركيز والتعاطف وحتى المناعة، كما قد يزيد من قدرة الذاكرة العاملة.
كرر ما تريد أن تعرفه
عندما تريد أن تتذكر شيئاً سمعت عنه للتو أو قرأته أو فكرت فيه، فأعده بصوت عالٍ أو قم بتدوينه، بهذه الطريقة، يمكنك تعزيز الذاكرة.
يعد التكرار أكثر قوة كأداة تعليمية عندما يكون توقيته صحيحاً، فمن الأفضل عدم تكرار شيء عدة مرات في فترة قصيرة. بدلاً من ذلك، ساعد تباعد فترات الدراسة على تحسين الذاكرة وهو ذو قيمة خاصة عندما تحاول إتقان المعلومات المعقدة، مثل تفاصيل مهمة عمل جديدة.
تعلَّم لغة جديدة
لقد أثبتت مراجعة علمية عام 2012 لعدد من الأبحاث التي تم الوثوق بها بأغلبية ساحقة، الفوائد المعرفية العديدة المتمثلة في القدرة على التحدث بأكثر من لغة واحدة.
وفقاً للعديد من الدراسات، يمكن أن يسهم تعلم لغة ثانية في تحسين الذاكرة، وتحسين المهارات المكانية المرئية، وارتفاع مستويات الإبداع. قد تساعدك الطلاقة في أكثر من لغة على التبديل بسهولة بين المهام المختلفة، وتأخير ظهور التدهور العقلي المرتبط بالعمر.
استخدم يدك الأخرى
في كتابه عن تمارين الدماغ 83 Neurobic Exercises to Help Prevent Memory Loss and Increase Mental Fitness، يوصي عالم الأحياء العصبية لورنس كاتز باستخدام يدك غير المهيمنة لتقوية عقلك. نظراً لأن استخدام يدك المعاكسة يمكن أن يكون تحدياً كبيراً، فقد يكون طريقة رائعة لزيادة نشاط الدماغ.
حاول التبديل باليد أثناء كتابة بعض الأشياء أو عندما تحاول حمل شيء ما. سيكون الأمر صعباً، لكن هذه هي النقطة المطلوبة بالضبط. فالأنشطة الأكثر فعالية في الدماغ هي تلك التي ليست سهلة بالضرورة .أعد دراسة الأساسيات بعد فترات زمنية متزايدة، مرة كل ساعة، ثم كل بضع ساعات، ثم كل يوم.
المصادر:
موقع الجزيرة
موقع موضوع
موقع عربي بوست
اضافةتعليق
التعليقات