توصلت دراسة علمية إلى أن الاكتئاب عند الآباء وكذلك الأمهات يؤثر على الأطفال، بالرغم من الأمهات تكن غالبا محور التركيز عند معالجة الاكتئاب لدى المراهقين.
وبحثت الدراسة، التي أجرتها جامعة يونفرسيتي كوليدج لندن، حالة 14 ألف عائلة في بريطانيا وأيرلندا.
وأشارت الدراسة إلى إن كلا الوالدين لديه دور في حماية الأبناء المراهقين من الإصابة بالاكتئاب.
وحث الباحثون الآباء على طلب المساعدة عند ظهور أعراض الاكتئاب، وذلك من خلال استشارة أطبائهم.
وتقول الطبيبة جيما لويس، المشرفة على الدراسة، إنه بسبب أن الأمهات يقضين وقتا أطول مع الأطفال، فغالبا ما يُلقى عليهن اللوم عند ظهور أي مشاكل نفسية لدى الأبناء.
لكنها أوضحت أن الدراسة أظهرت أنه يجب "أن نُشرك الآباء أكثر في الصورة".
وأضافت لويس "إذا كنت أبا لم تسع للعلاج من الاكتئاب خاصتك، فربما ينعكس ذلك سلبا على ابنك".
وتابعت "نأمل أن تشجع نتائجنا الآباء الذين يعانون من الاكتئاب على التحدث إلى أطبائهم".
واعتمدت الدراسة على عينتين كبيرتين من السكان، وهما 6 آلاف أسرة في أيرلندا، ونحو 8 آلاف أسرة في بريطانيا.
وخلال الدراسة، طُلب من الآباء والأمهات والأطفال، في سن سبع وتسع سنوات وما بين 13 و14 عاما، ملئ استبيانات عن مشاعرهم.
وسُئل الأطفال عن الأعراض العاطفية، فيما أجاب الآباء على أسئلة عن مشاعرهم، والتي قيست وفق مقياس للاكتئاب.
وأثبتت النتائج أن هناك رابطا بين أعراض الاكتئاب عند الآباء وأعراض مشابهة عند الأبناء في سن المراهقة. وكان الرابط متساويا في درجته مع أثر اكتئاب الأمهات على أبنائهن.
وقال الباحثون إن العديد من مشاكل الصحة النفسية، ومنها الاكتئاب، تبدأ في سن 13 عاما.
ومن المعروف أن اكتئاب الأمهات يزيد احتمال إصابة الأبناء، إلا أن أثر اكتئاب الآباء لم يكن معروفا من قبل.
تفكير سلبي
في المنزل، يمكن أن تجعل أعراض الاكتئاب الآباء والأمهات أكثر عرضة للإرهاق، وأكثر غضبا وميلا للدخول في مشادات مع أبنائهم.
وتقول الطبيبة لويس "الأطفال يرون سلوك وتصرفات والديهم، وربما يتسبب ذلك في طرق سلبية في التفكير، والتي قد تؤدي إلى الاكتئاب".
وتوصلت الدراسة إلى أن الآباء مثل الأمهات، يجب أن ينخرطوا في التعامل مع مشكلة اكتئاب الأبناء المراهقين، في أي مرحلة مبكرة من العمر.
كما أكدت الدراسة على أهمية علاج الاكتئاب عند كلا الوالدين.
وتقول جو هاردي، مدير خدمات الآباء في منظمة "يانغمايندز" الخيرية في بريطانيا، إن الآباء غالبا ما يرغبون في إخفاء مشاكلهم النفسية لكي لا يثقلوا على أبنائهم.
لكنها أشارت إلى أن من الأفضل "أن يكونوا أمناء ومنفتحين، ويعطون أطفالهم الفرصة لتوجيه أسئلة".
وأضافت "من المهم أن نتذكر أن إصابتك بالاكتئاب لا تمنعك من أن تكون أبا عظيما. أنت وعائلتك يمكنكم الاستمرار في دعم أطفالكم، وتوفير الطمأنينة والحب لهم، ومساعدتهم على فعل ما يحبون".بحسب ما جاء في BBC .
ماهو الاكتئاب؟
الاكتئاب هو مرض نفسي يتميز بمشاعر عميقة من الحزن والتهيج واليأس وأحيانًا أفكار انتحارية، وقد يتساءل البعض هل من الممكن أن يصاب الطفل بالاكتئاب؟ نعم، للأسف هذه حقيقة.
هناك مجموعة من الأعراض الأساسية التي قد يمر بها الطفل حتى نشخص تعرضه للاكتئاب، ذكرها (موقع عنب بلدي). ومن هذه الأعراض: التهيج أو الغضب، مشاعر مستمرة من الحزن واليأس، الانسحاب من الأصدقاء والأسرة، زيادة الحساسية للرفض أو الانتقاد، تغيرات في الشهية، التغيرات في النوم (الأرق أو النوم الكثير)، صعوبة في التركيز، التعب وانخفاض الطاقة، الشكاوى الجسدية (مثل آلام المعدة والصداع) التي لا تستجيب للعلاج، انخفاض القدرة على العمل خلال الأنشطة في المنزل أو مع الأصدقاء، الإحساس بمشاعر التفاهة أو الذنب، والتفكير أو الحديث عن الموت والانتحار.
عندما تتوفر خمسة أعراض منها، وخاصة أهم الأعراض الرئيسية (الحزن، والشعور باليأس، والتغيرات في المزاج)، ثم تستمر لمدة أسبوعين، عند ذلك يمكن أن نقول بأن الطفل يعاني من اكتئاب؛ وعلى الأهل أن يقوموا باستشارة الطبيب فورًا ليتأكدوا من أن ما يعانيه ليس له أسباب عضوية، فقد يحتاج إلى علاج نفسي أو دوائي، أو الاثنين معًا؛ ولنعلم أن الاكتئاب ليس مجرد مزاج عابر (passing mood) ولن يزول بدون علاج.
لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار، أنه لو تأثر الطفل بوفاة أحدٍ ممن يحبهم، كأحد الوالدين مثلًا، فإننا لا نستطيع أن نجزم بتعرضه للاكتئاب خلال شهرين من الحادثة، إذ يعتبر ذلك طبيعيًا، أما لو زادت عن ذلك فهنا يصبح الأمر مرضيًا.
وفي بعض الأحيان يمكن أن نشخص الاكتئاب عند الطفل خلال الشهرين، بشرط تأثير ذلك الحادث على حياته اليومية أو عند إحساسه بالذنب أو التفكير في الانتحار أو إذا اشتكى من أعراض ذهنية أو بطء نشاطه النفسي الحركي بشكل ملحوظ جدًا.
ولا يبدو على كل الأطفال أعراض الاكتئاب ذاتها، ففي الحقيقة هناك بعض الأطفال الذين قد يستمرون في القيام بمتابعة أداء وظائفهم بدرجة معقولة في البيئات المنظمة، إلا أن معظم الأطفال الذين يعانون من اكتئاب بدرجة شديدة فإنهم يعانون من تغير ملحوظ في الأنشطة الاجتماعية وفقدان الاهتمام في المدرسة وضعف الأداء الأكاديمي، وتغير في المظهر الخارجي، أو حتى تجريب المخدارت والكحول.
أيضًا، قد يصاب الطفل بالاكتئاب بسبب مرض جسدي كمرض السكري أو الصرع، أو بسبب حوادث حياتية مثل وفاة الوالدين والطلاق، أو بسبب عوامل وراثية كأن يكون أحد الأبوين يعاني منه، أو بسبب استخدام الكحول والمخدرات.
من السهل جدًا على الوالدين أن ينكروا معاناة طفلهم من الاكتئاب بسبب الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالمرض النفسي؛ لكن من المفيد أن يفهم الوالدان أن الاكتئاب مرض حيوي، والمعالجة لهذا المرض قد تسمح للطفل أن ينمو كشخص بالغ صحيًا ونفسيًا وعاطفيًا، أما عدم معالجته سوف تترك آثارًا سلبية على حياة الطفل وينشأ مريضًا مضطربًا غير سوي.
اضافةتعليق
التعليقات