حينما تتّوج المرأة ارادتها بالثقة تعتلي سلم التميز والانفراد بما لم تكن تتوقعه لتكون قدوة تحتذي بها الأخريات، وهي تدخل آفاق التطور في ميادين العمل وتحصد النجاح والتوفيق دون أن تتخلى عن مسؤوليتها بين واجباتها الأسرية وعملها لخدمة الصالح العام من الجانب السياسي والاقتصادي والتكنلوجي والديني، وذلك لتنجز دورها بالنصف الآخر من حلقة المجتمع لصياغة قدرتها بالثبات والانجاز وتعزيزه بالتقدم نحو أهدافها السامية.
ميادة تبحر في سفن الصيد
وقد تناقلت مؤخرا بعض الوكالات الإخبارية قصة الشابة المصرية ميادة رمضان والتي تبلغ من العمر 23 عاما عن خوضها بالعمل كضابط مناوبة على سفن الصيد، مواصلة بذلك مسيرة عائلتها في مجال الصيد، مشيرة بأنها حققت حلمها المنشود.
تخرجت ميادة من كلية تكنولوجيا المصايد والاستزراع المائي بالأكاديمية البحرية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري في أكتوبر 2020، وكان ترتيبها الثاني على دفعتها، ومن ثم التحقت بدورات تدريبية في معهد السلامة البحرية والامتحانات التأهيلية لضابط المناوبة على سفن الصيد، فأصبحت أول مصرية تحصل على الرخصة في هذا العمل.
تقطن رمضان في منطقة المعمورة بمحافظة الإسكندرية شمالي مصر، وسبب التحاقها بهذا العمل لأن أسرتها تعمل بهذا المجال منذ أكثر من 25 عاما، كان فطموحها في بادئ الأمر هو الالتحاق بكلية الهندسة قسم صناعة السفن ولكنه انتهى بالالتحاق بكلية المصايد بالأكاديمية البحرية ليتحقق حلم جديد سعت وراءه.
شعور لا يوصف
تؤكد ميادة أنها غير قادرة على وصف سعادتها كونها أول مصرية تنال هذه الشهادة، وحتى الآن لم تتقدم إلى العمل لكنها حصلت على الرخصة، كما أعربت عن سعادة أسرتها بنجاحها واعتزازهم وفخرهم بها.
ويُذكر أن كلية تكنولوجيا المصايد والاستزراع المائي بالأكاديمية البحرية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري هي الوحيدة التي تستخرج "باسبورات بحرية" ولا توجد أي كلية أخرى في مصر تمنح هذه الفرصة.
طبيعة العمل
وتتمثل طبيعة عمل ووظيفة ضابط مناوبة سفن الصيد هي مراقبة مرحلة الصيد وخط سير السفينة حسب ما ذكرت ميادة، موضحة أن المهام تشمل أيضا حل أي مشكلة قد تتعرض لها سفن الصيد عبر اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة.
مخاوف ميادة
وتعبر ميادة عن خوفها من رفض الشركات الكبرى العاملة في مجال الصيد قبولها كضابط مناوب كونها فتاة، مؤكدة أن المرأة قادرة على تحقيق كل شيء والنجاح في أي عمل لكنها تحتاج إلى الفرصة.
حصلت ميادة على جواز بحري مصري، وأيضا شهادة عمل صادرة بمقتضى أحكام الاتفاقية الدولية لمستويات التدريب وإصدار الشهادات وأعمال المناوبات للعاملين على سفن الصيد لعام 1995.
آفاق في الماضي
في الماضي والحاضر استطاعت المرأة التميز في عدة مجال حيث برز دورها الأخاذ ثم انطلق بالتوسع في اختصاصات مختلفة ومن ضمنها القضاة.
وهناك الكثير من الشخصيات النسائية العربية اللواتي ولجن في مجالات مميزة وحققن نجاح باهر من ضمن سلسلة آفاق التطور للمرأة في الماضي فقد كانت جوزفين سمعان إبراهيم حداد تُعتبر أول امرأة قادت طائرة في العراق، كما منحت إجازة قيادة طائرة بعد 73 ساعة طيران وكانت جوزفين مولعة بالطائرات مع إن والدها عارض هذا الأمر بشدة ولكنها أصرت على التدريب، وكانت تمارس هذه الهواية في سماء بغداد حيث تقوم بالمسح الجوي واصطحاب المواطنين الراغبين في نزهة جوية فوق مدينة بغداد.
آفاق في الحاضر
ومن اشراقة آفاق الحاضر تحطم رنا دجاني تلك الصور النمطية للمرأة العربية في مجال تخصصها وهي عالمة بيولوجيا الخلية، وأستاذة مساعدة في الجامعة الهاشمية بالأردن، حيث وصفت دجاني نفسها بأنها "نصف فلسطينية ونصف سورية بجواز سفر أردني".
وبالإضافة إلى حصول رنا على شهادة الدكتوراه من "جامعة لوا University of Iowa " والعديد من المناصب الزائرة في كامبردج، وجامعة هارفارد وييل، أطلقت برنامج التوجيه عبر الإنترنت للعلماء العرب لتشجيع المتطوعين على تعزيز حب التعلم في منطقتهم ومجتمعهم.
وتعد رنا مثال قوي على زيادة اهتمام المرأة وغزوها في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في العالم العربي.
ولا بد لنا من إلقاء الضوء على شخصية أخرى ملهمة تُدعى صفاء سلطاني حاصلة على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال والماجستير في العلوم المالية، عملت كعضو في مجلس إدارة أحد أكبر الشركات في بلادها وهي شركة بغداد للمشروبات الغازية.
كذلك عملت كمحللة مالية في أكبر صندوق استثمار أجنبي في العراق.
انضمت صفا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عام 2015 وأرادت من خلال نفوذها وخلفيتها في الأعمال التجارية والمالية دعم رواد الأعمال في العراق ومساعدتهم في مواجهة العقبات.
تقول صفا: “لقد بدأت في تطوير مواد تدريبية لأصحاب المشاريع والبحث عن روح المبادرة وتدريب رواد الأعمال على إدارة أعمالهم بشكل أفضل.
أما حليمة بن بوزة وهي باحثة جزائرية حصلت على المرتبة الأولى كأفضل عالمة عربية عام ٢٠١٣في مجال البيتكنولوجيا. نالت على شهادة الدكتوراه في دراسة تهجين النبات وعلم الوراثة من جامعة " جمبلوكس "البلجيكية.
وتعمل مؤخرا على أبحاث علمية تهدف إلى تطوير علاج الأمراض المزمنة في مركز البحث في البيتكنولوجيا وهو مركز الأول من نوعه في الجزائر .
كما تعتبر العالمة والباحثة الفلكية المغربية الاصل مريم شديد أول أنثى تصل للقطب الجنوبي، حيث تعمل في مرصد "كوت دازير" القومي الفرنسي و أستاذة بجامعة نيس الفرنسية.
عملت شديد في فريق علمي لوضع منظار فضائي يهدف إلى قياس إشعاع النجوم القطب المتجمد الجنوبي وتم اختيارها سنة ٢٠٠٨ ضمن قائمة "دافوس" للقادة الشباب الأبرز في العالم.
أما هلا المياحي تعمل لدى المخيم العلمي والتي تهدف إلى نشر ثقافة ريادة الأعمال وهي مهندسة معمارية ومصممة حاصلة على شهادة الماجستير في إدارة الاتصالات من ماليزيا.
وتقول هلا: “أن الهدف من المخيم العلمي هو تحسين سوق العمل في البصرة من خلال خلق التنوع وإشراك المزيد من النساء في سوق العمل”.
تعمل هلا على مشاريع تدريب رائدات الأعمال من خلال تصميم معايير ريادة الأعمال في البيئة العراقية.
هذا أنموذج عن المرأة التي أبدعت وتقدمت واثبتت شخصيتها وحضورها في كل الميادين بين افاق الماضي والحاضر بينهن مفكرة، وأديبة، وشاعرة، ومهندسة..... الخ.
حيث شاركت المرأة بمساهمات عظيمة في مختلف المجالات العلمية ومنذ العصور الأولى، وقد أشاد علماء التاريخ المهتمّون بالإنجازات التي حققتها المرأة في المجالات العلمية المختلفة، والعوائق التي واجهتها، والاستراتيجيات التي اتبعتها لتنال أعمالها القبول في المجلات والمنشورات العلمية المعتبرة، وقد أصبحت الدراسات التاريخية والنقدية والاجتماعية حول هذا الموضوع فرعا أكاديميا قائما بذاته.
اضافةتعليق
التعليقات